محمد علي سنوسي
Mohammad ibn Ali al-Sanussi - Mohammad ibn Ali al-Sanussi

محمد بن علي السنوسي

(1202 ـ 1276هـ/ 1787 ـ 1859م)

 

محمد بن علي السنوسي ولد في إحدى ضواحي مستغانم بالجزائر. وحسبما ابتدعه مشايخ الصوفية فإن نسبه يتصل بالحسن بن علي بن أبي طالب عن طريق الأدارسة في المغرب الأقصى. ونسبة السنوسي تعود إلى جده الرابع الذي كان من كبار علماء المسلمين وقبره في «تلمسان»، ولذلك  فإن أسرته أسرة علم إسلامي في محلة الواسطة ولها احترام.       

لم يكن من الصعب على محمد بن علي السنوسي أن يرتشف من مناهل العلم الإسلامي منذ حداثته. وبعد أن اعتنت به والدته، أقبل على العلم في مستغانم فتلقى فيها علومه الأولى، ثم في ما زوتة. وبدأ يدرك حاجة العالم الإسلامي للإصلاح فرغب في الاستزادة من العلم فدرس في جامع القرويين في فاس مدة سبع سنوات 1238- 1245هـ/1822-1829م. وقام في أثنائها بالتدريس فاكتسب ثقة طلابه ونال شهرة، واهتم بالصوفية طريقة للإصلاح الإسلامي فانتسب إلى الطريقة القادرية والشاذلية الناصرية والحبيبية. ثم درس في «لاغوات» جنوبي الجزائر وهي ملتقى للقوافل. ثم سار إلى قابس وطرابلس الغرب وبنغازي حتى وصل إلى الأزهر بالقاهرة أيام واليها محمد علي باشا، فتعلم وعلّم وناقش وجادل، ورأى ضرورة  إصلاح حال الدولة العثمانية، دولة الخلافة، ليصلح حال المسلمين في العالم. ولعل احتلال الفرنسيين للجزائر أثر في أفكاره الإصلاحية. ولكنه اضطر إلى أن يغادر مصر بسبب الخلاف مع علماء الأزهر. ثم ذهب إلى الحجاز للحج والاجتماع بالمسلمين في مكة المكرمة من جميع الأقطار، وبقي حتى عام 1256هـ/1840م، فالتقى المشايخ الكبار، واستهوته الأفكار الوهابية، وأنشأ زاويته الأولى في جبل أبي قبيس بمكة سنة 1253هـ/1837م؛ ولتبدأ بذلك أعمال السنوسي التي سُميّت «الطريقة السنوسية». والسنوسي مالكي المذهب في الأصل ورأى نفسه في مرتبة الاجتهاد. ولعلّه قد تأثر بالآراء الوهابية بمحاربة البدع والشيع التي ظهرت في تاريخ المسلمين، ورغب في الإصلاح بين المسلمين ونشر الإسلام بين الوثنيين، ونجح في ذلك نجاحاً كبيراً في وسط إفريقيا وشماليها. ثم تصدى للاحتلال الصليبي الفرنسي والإيطالي وغيره في مناطق مختلفة بإفريقيا.

بعد أن أسس السنوسي زاويته الأولى أتبعها بزوايا في الطائف والمدينة المنورة وبدر وجدة وينبع، ثم غادر الحجاز سـنة 1256هـ/1840م إلى مصر ثم إلى طرابلس الغرب وتونس وهو ينوي السفر إلى الجزائر، ولكنه خشي من الفرنسيين الذين احتلوا قسماً من الجزائر، فتركها مؤقتاً وعاد إلى بنغاري.

وفي عام 1259هـ/1843م أنشأ الزاوية البيضاء في الجبل الأخضر في ولاية طرابلس الغرب فكانت أم الزوايا السنوسية، وبدأ يخطط لإصلاح حال المسلمين في برقة ليتمكنوا من الوقوف في وجه الهجمة الصليبية الجديدة التي تشنها دول أوربا.

وزار السنوسي الحجاز ثانية ووجد بعض المعارضة لأفكاره. ولما عاد عام 1273هـ/1856م نقل مركزه إلى واحة الجغبوب في جنوب برقة، وهي مركز للقوافل، ليعمل على نشر الإسلام في وسط إفريقيا. وفي الجغبوب أنشأ مدرسة ومكتبة وأعدّ الطلاب لنشر مبادئه الإسلامية، فكانوا دعاة مسلمين بين القبائل العربية والإفريقية. فانتشر الإسلام في «ودّاي»، وخاصة بعد تحريره قافلة عبيد أسلموا وصاروا دعاة.

وكانت الزوايا مراكز نشاط علمي واجتماعي واقتصادي وإداري، حتى إن السلطة العثمانية اعترفت بهذه الزوايا ونشاطها الإسلامي وما تقدمه من جهود تتفق مع أهداف الخلافة الإسلامية العثمانية، وهي في الوقت ذاته قوة لمناطق إسلامية في وجه العدوان الصليبي الأوربي. ومن هذا الاتجاه كان اهتمام السلطان عبد الحميد الثاني بالطريقة السنوسية ودعمه لها.

توفي محمد بن علي السنوسي في واحة الجغبوب، وقبره لايزال فيها إلى اليوم. وكانت السنوسية قد استقرت أركانها في برقة وودّاي وطرابلس الغرب وغيرها، إذ بلغت الزوايا في جميع أنحاء ليبيا (22) منها (18) في برقة. وقد فرضت شخصيته نفسها على الذين خلفوه، بحيث إن السنوسية كانت قد اكتسبت فعالية وحيوية كُتب لها أن تزداد نشاطاً وقوة في عهد ابنه محمد بن محمد بن علي السنوسي وخليفته الملقب بالمهدي، وهو زعيم السنوسية الثاني في فترته (1276-1320هـ/1859-1902م)، والذي صار ابنه محمد إدريس السنوسي ملك ليبيا.   

من مؤلفات محمد السنوسي المطبوعة «المسائل العشر المسمى بغية المقاصد وخلاصة المراصد»، و«إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن»، و«المسلسلات العشرة في الأحاديث النبوية»، «السلسبيل المعين في الطرائق الأربعين»، وهو على هامش (المسائل العشر)، و«الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية» وله كتب أخرى لم تطبع.

عبد الرحمن بيطار

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

السنوسية

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ نقولا زيادة، محاضرات في تاريخ ليبيا من الاستعمار الإيطالي إلى الاستقلال (معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة 1958م).

ـ محمد فؤاد شكري، السنوسية دين ودولة (دار الفكر العربي، القاهرة 1948م).

ـ رودلفو جراتسياني (جنرال)، برقة المهدأة، ترجمة محمد بشير الفرجاني (دار الفرجاني، طرابلس، ليبيا، د.ت).

ـ فيليب فونداسي، الاستعمار الفرنسي في أفريقيا السوداء «دراسة عن الإسلام في أفريقيا السوداء الفرنسية» (دار الفكر الإسلامي، د.ت ).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثامن عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 98 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة