إبسن (هنريك-)
ابسن (هنريك)
Ibsen (Henrik-) - Ibsen (Henrik-)
إِبسن (هنريك - )
(1828- 1906)
هنريك إبسن
Henrik Ibsen كاتب مسرحي نروجي مشهور، ولد لأبوين ميسورين في «سْكين» Skien، وهي مدينة صغيرة تقع في الجنوب الشرقي من النروج. كان والده يعمل في التجارة إلا أنه أصيب بالإفلاس عام 1834 مما اضطر الأسرة إلى مغادرة سكنها الأرستقراطي الفخم، واضطر هنريك الطفل فيما بعد إلى ترك المدرسة والعمل مساعداً لصيدلي في مدينة «غْرِمستاد» Grimstad ولما يتجاوز الخامسة عشرة من عمره. وعندما بلغ الثامنة عشرة أصبح أباً، وفي الثانية والعشرين نشر مسرحيته الأولى «كتيلينا» katilina عام 1850، توجه بعدها بأسابيع إلى مدينة «كرستيانيا» Cristiania (أوسلو اليوم) ليتقدم إلى امتحانات القبول في جامعتها، ولكنه لم يكمل دراسته وانشغل بقضايا الأدب والمسرح. ومع هذا فقد منحته جامعة «أبسالا» Uppsala شهادة الدكتوراه الفخرية عام 1877. اتصف إبسن منذ طفولته وشبابه بإحساس مرهف وعقل متمرد وولوع بالأدب، فجرب الكتابة في أجناس أدبية متنوعة كالرواية والمسرحية والشعر، مقلداً كتّاباً أساليبهم الأدبية مختلفة. ولم يكن شأنه فيما قلد شأن التابع، فمعالم شخصيته واضحة فيما كتب وموقفه من محيطه هو موقف الناقد. وقد غذّت الثورات التي عمت أوربة عام 1848 اتجاهه نحو التحرر الفكري. ويتضح ذلك في مسرحيته «كتيلينا» أول أعماله الأدبية التي تناولت نضال الثائر الذي يُهزَم لأنه يفتقر إلى الثقة بنفسه فيخون بذلك شخصيته الحقيقية. وتُظهر بنية مسرحية «كتيلينا» تأثر إبسن بالمسرحي الفرنسي «سكريب» وفي هذه المرحلة كتب إبسن عدداً من المسرحيات التي نشرها باسمه الصريح هذه المرة. وتتصف هذه المسرحيات بأنها تماشي رغبات العصر من إحياء للتقاليد القومية النروجية مما جعل إبسن يشعر بالتعاسة لما أسماه «عمل الخادم» وهو أمر سرعان ما ثار عليه. وهذه المسرحيات هي «عربة المحارب» ( ظل إبسن في منفاه الاختياري حتى عام 1891 وقام في هذه المدة بزيارتين قصيرتين للنروج (في عامي 1874 و1885). ولم تستطع البلدان التي عاش فيها - ولاسيما إيطالية وألمانية - أن تغير شيئاً من شخصيته وأهدافه وانتمائه إلى وطنه النروج. وظل حراً طليقاً بعيداً عن التأثيرات والضغوط التي قد تقيد حركته الفكرية. وقد اتصفت المسرحيات التي أرسلها إلى وطنه بالقوة والحماسة والنقد العنيف بقصد الارتقاء بأمته إلى مصاف الصدق والحرية الأخلاقية. وقد تفرغ إبسن للكتابة المسرحية بإلحاح يحدوه إيمان مطلق بأن هذا الشكل الأدبي هو طريقه الوحيد للإفصاح عما يجيش في نفسه. وفي عام 1866 ظهرت مسرحيته الشعرية الرمزية «براند» فكانت كالبركان في دعوتها الأخلاقية للإخلاص للرسالة السماوية وحركت العالم الاسكندنافي بأجمعه، وجعلت من إبسن داعية أخلاقياً لهذا العالم، فنال بذلك تكريم بلاده. شأنه في ذلك شأن صديقه ومواطنه الكاتب النروجي «بيورنسون» تتحدث المسرحية عن المواقف المثالية المتزمتة لأحد رعاة الكنيسة تجاه الله والناس، وهي تعرض بقوة عدداً من الموضوعات تتكرر باستمرار في مسرحياته اللاحقة، ومن بينها موضوع الرجل المثالي الذي يهب نفسه لهدف نبيل، ولايهادن فيه ولايحيد عنه، فتكون بذلك نهايته المأساوية، وهي النهاية التي يصل إليها المبشر «براند» الذي يخسر أسرته وينفِّر رعايا كنيسته. ومسرحية «براند» هي من مسرحيات إبسن التي مازالت تعرض إلى اليوم، وعيبها الرئيسي افتقارها إلى روح الدعابة وإلى التناسق. نشر إبسن في عام 1867 مسرحية «بيرغنت» وفي عام 1871 نشر إبسن مختارات شعرية أسماها «قصائد» تألفت المجموعة الأولى من أربع مسرحيات هي «دعائم المجتمع» ( وكان إبسن قد لجأ إلى الرمزية في معظم مسرحياته الأولى مثل «براند» و«بيرغنت» مضفياً عليها عمقاً وشاعرية، ثم أهملها حيناً، ليعود إليها من جديد في مسرحياته الأخيرة. ففي مسرحية «البطة البرية» ترمز البطة إلى وضع البطلة وهي في الوقت نفسه بطة حقيقية. وفي «روزمرزهولم» يتخذ إبسن من الحصان الأبيض رمزاً وتصبح روح المكان أحد شخوص المسرحية. أما في مسرحية «السيدة الآتية من البحر» وهذا واضح في مسرحيات «معلم البناء» ( ومع أنه قد مضى زمن طويل على وفاة إبسن إلا أنه لايزال يؤثر تأثيراً قوياً في المسرح العالمي، فمسرحياته - الجيدة منها والرديئة - مازالت تحظى بالإحياء والعرض. أما أثره المباشر وغير المباشر على معاصريه والأجيال التي تلت فكبير جداً. ويكمن هذا الأثر بالدرجة الأولى في الموضوعات التي أثارها أكثر مما يكمن في طريقة صوغها ومعالجتها. ومع أنه اتصف بالواقعية إلا أنه لم يبلغ فيها شأو الواقعيين الطبيعيين الفرنسيين، بل ظل شاعراً في كل ما كتب. وإلى هذه الشحنة من الخيال يعود بعض الفضل في أن أعماله ما زالت حية.. وقد يكون السبب الأهم في استمرار شعبية أعماله أن الموضوعات التي طرقها - وإن بدت محلية تتعلق بتعقيدات الحياة المعاصرة وضغوطها - هي موضوعات عالمية في الواقع وتتجدد باستمرار وترتبط بالصراع بين الفرد والمجتمع، وبين الواقع والوهم، وبين المثالية الحق والمثالية الزائفة. وفي روائعه المسرحية عالج إبسن هذه الموضوعات بتقنية رفيعة ووضعها في قالب مسرحي «درامي» متين ومتماسك فجمع بذلك بين الفن والفكر والخيال. عادل عبد الله مراجع للاستزادة: - C.R.LYONS, Henrik Ibsen (Southern Illionois University Press, 1972). - JOHN NORTHAN , Ibsen: A Critical Study (Cambridge, 1973).
- التصنيف : الآداب الجرمانية - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الأول - رقم الصفحة ضمن المجلد : 82 مشاركة :