عبيده جراح
Abu ’Ubaydah ibn al-Jarrah - Abu ’Ubaydah ibn al-Jarrah

أبو عبيدة بن الجرَّاح

(40ق.هـ ـ 81هـ/584 ـ 639م)

 

أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال الفِهْريّ القرشي، الأمير القائد فاتح الديار الشامية، والصحابي الجليل، وأحد العشرة المبشرين بالجنة. أمه أميمة بنت غنم، أدركت الدعوة الإسلامية وأسلمت.

ولد أبو عبيدة بمكة، وكان من الأوائل الذين استجابوا لدعوة الرسول الكريمr حينما أخذ يدعو إلى الإسلام، فأسلم وأسلم معه عثمان بن مَظْعُون، وعُبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الرحمن بن عَوف، وذلك قبل دخول الرسولrدار الأرقم بن أبي الأرقم، فهو إذا ً من جماعة الدَّور السِّرِّي في الدعوة. وعندما زادت قريش من تشديدها على المسلمين أذن الرسول لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة، وكان أبو عبيدة واحداً منهم، وبقي هناك مدَّة، ثم عاد إلى مكة مع المسلمين عندما نمي إليهم بأن قريشاً استجابت لدعوة النبي وأسلمت.

بدأ أبو عبيدة نشاطه في الدعوة إلى الإسلام بعد عودته من الحبشة، إذ شهد الأحداث التي تعرض لها المسلمون من اضطهاد وتنكيل، فهاجر إلى المدينة، وآخى الرسول الكريم بينه وبين سعد بن معاذ بن النعمان أخي بني عبد الأشهل، وخاض معركة بدر ضد قريش، فكان من المقاتلين الأشداء على الرغم من أن أباه كان يقاتل مع قريش. كما قاتل في معركة أُحُدٍ واستبسل فيها، وثبت إلى جانب الرسول حين انهزم الناس عنه.وهو الذي نزع من وجنتي الرسولr حَلْقَتَي المِغْفَر بأسنانه فسقطت ثِنْيَتَاهُ فأصبح أَثْرَماً، كما عمل في حفر الخندق حول المدينة عندما جاءت قريش لاحتلالها والقضاء على المسلمين.

بعث رسول اللهr أبا عبيدة على رأس سَرِيَّة مؤلفة من أربعين رجلاً إلى ذي القصّة، كما أرسله في سريّة، وجعل تحت إمرته 300 رجلٍ من المهاجرين إلى حي بجُهَيْنَة بساحل البحر، وفي غزوة ذات السلاسل دلَّ أبو عبيدة على انضباطه وتسامحه وتواضعه بموقفه من عمرو بن العاص، وقبوله بإمارته طاعةً لأمر الرسولr له بتجنب الخلاف مع عمرو. وأثنى عليه رسول اللهr بقوله: «إن لكل أمة أميناً، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجرَّاح»، ولما قدم إلى الرسولr وفد من أهل نَجْران اليمن طلبوا منه أن يُرسل معهم رجلاً يعلمهم السنة والإسلام، فرشح لهذه المهمة أبا عبيدة قائلاً: «هذا أمين الأمة».

إن ما تميز به أبو عبيدة من صفات حميدة، وإيمان متين، وتضحية في سبيل العقيدة، والدفاع عنها؛ جعلته أحد العشرة المبشرين بالجنة. وعندما توفي الرسول الكريم واجتمع الصحابة في سقيفة بني ساعدة، جاء أبو عبيدة وعمر بن الخطاب وأبو بكر معاً لحضور الاجتماع، وقد تقرر فيه تسمية أبي بكر خليفة للمسلمين.

عقد الخليفة أبو بكر لأربعة من كبار قادة المسلمين ألوية لتحرير بلاد الشام من البيزنطيين، وعيّن لكل قائد وجهته، فكانت وجهة أبي عبيدة إلى حمص، وأرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد في العراق يأمره بالسير إلى جبهة الشام لمساندة الجيوش الإسلامية. وصل خالد إلى الشام سريعاً، وقصد بُصْرَى حيث التقى بيزيد وشَرْحَبِيْل وأبي عبيدة واشترك معهم في فتح بُصْرى صُلحاً، ثم اتجه الجميع جنوباً لنجدة عمرو بن العاص في وادي عَرَبة، وبعد انتصار العرب في معركة أجنادين وقعت معركة اليرموك التي تولّى القيادة فيها خالد بن الوليد[ر] وجعل على كراديس القلب أبا عبيدة بن الجراح، وبينما المعركة ناشبة جاء صاحب البريد من المدينة يحمل خبرَ موت الخليفة أبي بكر، ومبايعة عمر بن الخطاب خليفة، وعَزْل خالد بن الوليد عن إمارة الجيش، وتسليم الإمرة لأبي عبيدة، وأخفى أبو عبيدة الأمر عن الجيش وتابع خالد القتال حتى النصر.

بعد موقعة أجنادين واليرموك وتسلم أبي عبيدة قيادة الجيش سار الجيش العربي الإسلامي باتجاه دمشق، وبعد حصار دام نحو سبعين يوماً طلب سكانها الصلح.بعد تحرير دمشق زحف المسلمون إلى حمص، فحرّروها وحرّروا حماة وحلب واللاذقية تحت إمرة أبي عبيدة ومؤازرة خالد بن الوليد.

كان أبو عبيدة بن الجراح زاهداً في أمور الدنيا، إذ دخل الخليفة عمر بن الخطاب بيته عند مجيئه لبلاد الشام، فلم ير فيه إلا سيفه ورحله وترسه، فقال له: لو اتخذت متاعاً، فقال أبو عبيدة «يا أمير المؤمنين أن هذا يبّلّغُنا المُقِيْل».

توفى أبو عبيدة بالطاعون المسمى طاعون عمواس (عمواس كورة من فلسطين على بعد ستة أميال من الرملة على طريق بيت المقدس) ودُفِنَ فيها، ولم يكن له خلف، إذ إن ولديه يزيد وعمير توفيا في حياته. وعندما طُعِنَ عمر بن الخطاب، قال له أصحابه هلاّ استخلفت يا أمير المؤمنين، فأجابهم لو أن أبا عبيدة بن الجراح حي لاستخلفته، وإذا ما سألني ربي لماذا اخترته لأجبته بأن نبيك قال عنه أمين الأمة.

عبد الرحمن بدر الدين

 الموضوعات ذات الصلة:

 

أبو بكر الصديق ـ خالد بن الوليد ـ عمر بن الخطاب ـ اليرموك.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أبو الفرج الجوزي، صفة الصفوة (دار المعرفة، بيروت 1985).

ـ ابن سعد، الطبقات الكبرى (دار صادر، بيروت).

ـ شهاب الدين بن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة ( 1328هـ).

 


- التصنيف : التاريخ - النوع : دين - المجلد : المجلد الثاني عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 892 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة