عباس عبد مطلب
Al-Abbas ibn Abdul Muttalib - Al-Abbas ibn Abdel Muttalib

العبَّاس بن عبد المطلب

(54 ق.هـ ـ 32 هـ/ 568 ـ 653م)

 

أبو الفضل العبَّاس بن عبد المطلب ابن هاشـم بن عبد مَناف القرشـي الهاشـميّ، عمُّ رسول اللهr وجدُّ الخلفاء العباسيين، وأمه نُتَيلة بنت جناب بن كلب، وهي أول عربية كست البيت الحرير والديباج، وأصناف الكسوة، وسببه أن العبّاس ضاع وهو صغير، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت فوجدته، ولد قبل رسول اللهrبسنتين وقيل بثلاث سنوات.

كانت للعباس في الجاهلية بين العرب عامة وقريش خاصة منزلة رفيعة ومقامٌ محمودٌ، فقد أسندت إليه قريش السقاية، وعِمارة المسجد الحرام. فسقاية الحاج والقيام على الحجيج شرف لا يناله إلا ذو منزلة رفيعة في قريش، وعمارة المسجد الحرام عمل كريم تحفظ فيه مكانة البيت وحرمته، فلا يدع أحداً يَسُبُّ في المسجد الحرام، ولا يقول فيه هُجراً أو كلاماً مرذولاً، وقد تعاقدت قريش مع العبَّاس على ذلك، وأعطته العهد أن تنصره، وتكون له عوناً في مهمته، وقد جمع العباس رفعة الشرف وجمال الخُلق والخَلق، فقد كان شريفاً مهيباً، عاقلاً، جميلاً، أبيض معتدل القامة.

عُرف للعباس فضله في الجاهلية والإسلام، فقد كان من أعيان الصحابة وعلمائهم، وكان الصحابة يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه، ويأخذون برأيه، وقد عُرف بالجود والكرم والصلة، ويكفيه شرفاً ما قال فيه رسول اللهrفيما يرويه أحمد في مسنده عن سعد قال: كنا مع النبيrببقيع الخيل، فأقبل العباس فقال رسول اللهr: «هذا العباس عمُّ نبيكم، أجودُ قريش كفاً وأوصلها».

 وأما تقواه فيدل عليها أن عمر بن الخطابt قد استسقى بالعباسt عام الرمادة لما اشتد القحط، وانحبس المطر وقلّت الأرزاق، فسقاهم الله تعالى به، وأخصبت الأرض، فقال عمر: «هذا والله الوسيلة إلى الله، والمكان منه». وقال فيه حسان بن ثابت:

سأل الإمامُ وقد تتابعَ جَدْبُنا

فسقى الغمامُ بغُرَّةِ العبّاسِ

عمِّ النبيِّ وُصنو وَالدِهِ الذي

وَرِثَ النبيَّ بذاك دون الناسِ

أحيا الإلهُ به البلاد فأصبحت

مخضرَّةَ الأجناب بعد اليَاسِ

شهد مع رسول اللهrبيعة العقبة الثانية، لما بايعه الأنصار، ليشدد له العقد، وكان حينئذ مشركاً، وكان ممن خرج مع المشركين إلى بدر مكرهاً، وأُسر يومئذ فيمن أُسر، وفدى يوم بدر نفسه وابني أخويه: عَقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث، وقيل: إنه أسلم عقيب ذلك، وقيل إنه أسلم قبل الهجرة، وكتم إسلامه، وكان بمكة يكتب إلى رسول اللهrأخبار المشركين، وكان المسلمون في مكة يتقوَّون به، فقد كان لهم عوناً على إسلامهم، وأراد الهجرة إلى رسول اللهrفقال له رسول اللهr: «مقامك بمكة خيرٌ»، وفي رواية قال له رسول اللهr: «يا عَمُّ، أقمْ مكانك الذي أنت به، فإن الله تعالى يختم بك الهجرة كما ختم بي النُبوَّة».

فلذلك قال رسول اللهrيوم بدر: «من لقي العبَّاس فلا يقتله، فإنه أخرج كَرْهَاً».

هاجر العباس قبل فتح مكة والتحق بالرسولrوأنضم إلى الركب الذي تعلق به قلبه من زمن، واشرأبت إليه عيناه، وشهد فتح مكة مع المسلمين، وثبت يوم حُنَين حين انكشف الناس عن رسول اللهrوكان صوته الجَهُوري سبباً في رجوع المؤمنين الصادقين إلى جانب نبيهم، فحققوا النصر وغنموا غنائم كثيرة.

عَمي العباس في آخر عمره، وكان إذا مر بعمرt في أيام خلافته ترجل عمر إجلالاً له، وكذلك كان يفعل عثمان بن عفانt. وسيرته مع الصحابة بعد وفاة النبيrسيرة عطرة، فقد كانوا يجلونه، ويعلمون أنه بقية آباء رسول اللهrفقد كان يُعزى بالنبيrلما مات، ولم يَخلُف من عَصَباته أقرب منه.

كان له من الولد عشرة ذكور سوى الإناث وهم: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقُثَم، وعبد الرحمن، ومعبد، والحارث، وكَثيِر، وعَون، وتمَّام.

توفي العباس في المدينة المنورة، وله ست وثمانون سنة قمرية. صلى عليه عثمان بن عفانt ودفن بالبقيع.

تيسير العمر

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة (دار الفكر، بيروت).

ـ الإمام الحافظ أبي حاتم محمد بن جبَّان البُستي، تاريخ الصحابة الذي روي عنهم الأخبار (دار الكتب العلمية، بيروت).

ـ الإمام الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط (مؤسسة الرسالة، بيروت 1981م).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 780 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة