طيي (قبيله)
Tayy tribe - Tribu Tayy

طيّئ (قبيلة ـ)

 

يجمع النسابون على نسبة طيّئ إلى القبائل اليمنية، ويذكرون أنها قبيلة عظيمة من كهلان، من القحطانية، جدها الأعلى طيّئ، وهو جُلْهُمَة بن أُدَدْ بن زيد بن يشجب بن زيد بن كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يَعْرب بن قحطان.

وهي فيما ذكره النسابون إحدى جماجم العرب، وواحدة من أرحاء العرب، قادرة لقوتها وكثرتها أن تستقل بنفسها، وتستغني عن غيرها، فهي من أقوى القبائل العربية، وأكثرها لساناً وسناناً، ولهذا صار اسمها مرادفاً للفظة العرب، «فقد عُرف العرب عند الفرس، وعند بني إرم بتسمية أخرى هي (Tayayo) و (Taiy) أما علماء التلمود من العبرانيين، فأطلقوا عليهم لفظة (ط ي ي ع ا) (طيعا) و (طيايا) و (طياية) وأصل الكلمتين واحد على ما يظهر، أُخذ من لفظة (طيّئ) اسم القبيلة الشهيرة على رأي أكثر العلماء».

نُسب إلى هذه القبيلة جماعة كثيرة من الأجواد والفرسان والشعراء والمحدثين، وقد انتقلت طيئ مع غيرها من القبائل اليمنية إلى شمالي الجزيرة العربية بعد خراب سد مأرب، واستوطنت في منطقة الجبلين: أجأ وسلمى، وهما اللذان عُرفا بنسبتهما إلى طيّئ فيما بعد، وهو ما أشار إليه ابن خلدون بقوله:

«وأما طيّئ بن أُدَدْ، فكانوا باليمن، وخرجوا منه على أثر خروج الأزد إلى الحجاز، ونزلوا سُمَيْرا وفَيْد في جوار بني أسد، ثم غلبوهم على أجأ وسلمى، وهما جبلان من بلادهم، فاستقروا بهما، وافترقوا في أول الإسلام، في الفتوحات، وقال ابن سعيد: ومنهم في بلادهم الآن أمم كثيرة تملأ السهل والجبل حجازاً وشاماً وعراقاً».

تنوعت سكنى الطائيين، فمنهم من استمر يستوطن اليمن، ومنهم من أقام في الجبلين، وارتحل بعضهم إلى حاضر قِنِّسرين وحلب في بلاد الشام، وإلى الحيرة بأواخر العراق، ثم إن طيّئاً ورثت فيما بعد من أسد بلادهم فيما وراء الكرخ، وورثت منازل تميم بأرض نجد بين البصرة والكوفة واليمامة، وورثوا غطفان ببطنٍ مما يلي وادي القرى ووصلوا مصر، ونزلوا مديرية البحيرة مع بني قرة الجذاميين، ولعل أشهر منازلهم في الجزيرة العربية حائل وما حولها، وفيها جبلا طيّئ أجأ وسلمى والقُريات، وغيرها.

اشتركت طيئ في فتح الأندلس، وسكنت مختلطةً مع غيرها، إلى أن جاء أبو الخطّار حسام بن ضرار الكلبي والياً على الأندلس من قبل حنظلة بن صفوان عامل إفريقيا، فأسكنها في مدينة جَيّان وما حولها.

قال ابن حزم: ودار طيّئ بالأندلس بَسْطةَ، وتَاجَلة، وغلْيار من عمل جَيّان، وممن نبغ من الطائيين في كورة جَيّان ابن مالك النحوي الطائي الجيّاني، والشيخ محيي الدين بن عربي وكان جيانيّاً طائياً.

إنَّ الأديان التي دانت بها طيّئ في جاهليتها كانت من جنس الأديان التي دان بها العرب، فهي قبيلة وثنية تعتقد أنها على شيء من دين إبراهيم، وهي أيضاً من القبائل التي وجدت النصرانية إليها سبيلاً، فقد ورد أن (أحودما) (المغريان) تنقل بين طيّئ مبشراً بالمسيحية في سنة870 لليونان المقابلة لسنة 559 للميلاد، وقد كان عدي بن حاتم في جملة الداخلين في النصرانية من طيّئ، ويُذكر أنه كان ركوسياً، والركوسية، كما ذُكر، دين بين النصارى والصابئين، ولعل ارتباط الركوسية بالصابئة في بعض ما قيل عنها يفسر لنا ما قيل عن طيّئ من أنها تعبدت لسهيل ولغيرها من النجوم، وعلى العموم، فالوثنية والنصرانية كانتا أهم ديانتين دانت بهما هذه القبيلة، ويبدو أن الوثنية هي الأسبق، وأن النصرانية هي المرحلة التالية لها، ويذكر ابن الكلبي من أصنامهم الفَلْس، وكانوا يتعرّون عنده، ومن أصنامهم أيضاً: رُضا، ووَدّ، ومناة، وعائم، وباجر، ويغوث، … وغيرها.

ولما كان الإسلام تبوأت طيّئ منه مكانة رفيعة جداً، وكان لها إسهامها الفعال في أحداثه المهمة، على أن إسلامها لم يأت دفعة واحدة، وإنما جاء متتابعاً بتتابع بطونها على الإسلام حتى اكتملت صورته بوفادة زيد الخيل على رأس قومه من طيّئ سنة تسع للهجرة، وقد عرف النبي الكريمr للطائيين فضلهم وحسن أخلاقهم، فامتدح سادتهم من أمثال حاتم وزيد الخيل، وزفَّ إلى عدي بن حاتم بشرى انتصار الإسلام، وتوافر العدل والرخاء في الأرض. وحين امتحن المسلمون بحركة الردة ثبتت طيّئ على الإسلام، وتصدّت للمرتدين وحاربتهم، ثم لما كان الفتح شاركت طيّئ في أعماله الخالدة، ولما ابتلي المسلمون بالفتن، وتتالت الأحداث الكبرى التي عصفت بالأمة كان لطيّئ أثر كبير في هذه الأحداث، مما أتى على ذكره كبار المؤرخين أمثال الطبري وغيره.

تعد طيئ من أعظم القبائل العربية، وقد تمثلت فيها مقومات المجتمع العربي كاملة، ولعل أبرزها الكرم والفروسية، فمن رجالاتها المشهورين في هذا المجال حاتم الطائي، وكان مضرب المثل في جوده وكرمه وأفعاله النبيلة، وزيد الخيل الطائي فيما عُرف به من فروسية وشجاعة وأخلاق حميدة، ولعله الفاتح الأول في الإسلام، فيما اقترحه على النبيr أن يعطيه ثلاثمئة فارس ليغير بها على حدود الروم، وممن اشتهر منهم في الجاهلية إياس بن قبيصة، وكان عامل كسرى على الحيرة، وعامر بن جوين الشاعر، وكان عُرف بقصة وفائه لامرئ القيس الكندي، وأبو حنبل جارية بن مرّ الثُعَلي، وكان وفياً لامرئ القيس أيضاً، وقومه بنو ثُعَل أشهر رماة العرب، وجبّار بن عمرو الطائي، وهو الذي ينسب إليه قتل عنترة بن شداد العبسي.

ومن مشهوريهم في الإسلام عدي بن حاتم، وكان ممن ثبت على الإسلام إبان الردة، وهُرع بالصدقة إلى أبي بكر، فكانت أول صدقة بيّضت وجوه أصحاب رسول اللهr وسفانة بنت حاتم، وكانت السبب في إسلام عدي وسائر قبيلتها، ورافع بن عميرة الطائي، وكان دليل خالد بن الوليد لما سار من العراق إلى الشام، وصاحبه في الفتوحات، والطرماح بن عدي، وهو الطرماح الأكبر، وكان ممن وفد على الحسين بن علي، وحاول استنفار طيّئ بأسرها للحرب معه، ومن ولده أبو مالك أبان ابن الصمامة بن الطرماح المذكور، وكان راوية للأشعار واللغة، ساكناً بالقيروان بإفريقيا، وقد سبقت الإشارة لبعض مشهوري الطائيين في الأندلس من نحو ابن مالك النحوي، والشيخ محيي الدين بن عربي، ومن مشهوريهم أيضاً الطرماح بن حكيم، وكان شاعراً فحلاً، وهو ممن اعتنق مذهب الشراة الأزارقة، وكان معاصراً للكميت الأسدي، صديقاً له على الرغم مما بينهما من الخلاف القبلي والديني، ومن شعراء هذه القبيلة أيضاً أبو تمام حبيب بن أوس ابن الحارث الطائي، الشاعر الأديب، صاحب الحماسة، ورائد التجديد الشعري في عصره، ومنهم الوليد بن عبيد، أبو عبادة الطائي البحتري الشاعر الكبير صنو أبي تمام، وهو الذي كان يقال لشعره (سلاسل الذهب) ومنهم خلق كثير من القادة والأشراف والأمراء والأجواد والشعراء والعلماء بما لا يمكن الوقوف عنده في هذه العجالة، وإنما هي النبذة والإشارة.

أحمد عبد المنعم حالو

مراجع للاستزادة:

 

ـ أحمد عبد المنعم حالو، شعراء طيّئ في الجاهلية والإسلام، أخبارهم وأشعارهم، رسالة دكتوراه، محفوظات مكتبة الأسد الوطنية (دمشق 1992م).

ـ جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (دار العلم للملايين، بيروت 1980م).

ـ هشام بن محمد الكلبي، نسب معدّ واليمن الكبير، تحقيق محمد فردوس العظم (دار اليقظة، دمشق 1988م).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 707 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة