طفيل (عامر واثله)
Abu al-Tafil (Amer ibn Wathilah-) - Abu al-Tafil (Amer ibn Wathilah-)

أبو الطّفيل (عامر بن واثلة)

(3 ـ 100هـ/ 625 ــ 718 م)

 

أبو الطُّفيل، عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو من كنانة ثمّ من بني ليث ابن بكر، غلبت عليه كنيته (أبو الطّفيل) فذَهِل عن اسمه خَلْقٌ كثير. وقد جعله الزِّرِكلي في قريش؛ فقال: الليثي الكناني القرشي. وليس منهم، وإنّما هو من بني عبد مَناة بن كنانة إخوة قريش (اسم قريش: النَّضْر بن كنانة)، وسائر ولد كنانة ينتمون إلى كنانة أبيهم، ليسوا قريشًا.

شاعرٌ صحابيّ محسنٌ، كان شاعر كنانة وأحد فرسانها، ومن ذوي السّيادة فيها، وكان فاضلاً عاقلاً، حاضرَ الجواب فصيحًا، ولد يوم غزوة أُحُد وعُمِّر في الإسلام حتّى انتهت المئة الأولى من الهجرة (وثمّة من يقول: إنّه توفّي بعد ذلك) فكان آخر من مات ممّن رأى الرّسولr.

كان ثقةً مأمونًا يعترف بفضل الشّيخين؛ أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، إلاّ أنّه كان يقدّم عليًّاt، ويتشيّع له ويفضّله، وله منه مَحَلٌّ خاصٌّ، وشهد معه مشاهده كلّها، فلمّا قُتل انصرف إلى مكّة فأقام بها حتى مات (وقيل: أقام بالكوفة ومات بها).

ولمّا استقام لمعاوية أمرُهُ لم يكن شيءٌ أحبَّ إليه من لقاء أبي الطّفيل، فلم يزل يكاتبه ويلطف له حتّى أتاه، فلمّا قدم عليه جعل يسائله عن أمر الجاهليّة، ثمّ قال له: «يا أبا الطّفيل، ما بلغَ من حُبِّك لعليّ؟» قال: «حبّ أمّ موسى لموسى». قال: «فما بلغ من بكائك عليه؟» قال: «بكاء العجوز الثَّكْلى والشّيخ الرَّقوب» (الرّقوب: الذي لم يعش له ولد؛ سمّي بذلك لأنّه يرقُب موتَه خوفًا عليه).

خرج مع المختار طالبًا بدم الحسينt، وكان معه حتّى قُتل. ولمّا حبس ابنُ الزّبير محمّدَ بنَ الحنفيّة في سجن عارم، خرج إليه أبو الطّفيل على رأس جيش، حتّى أتوا السّجن فكسروه وأخرجوه؛ فأخرج مصعبُ بنُ الزبير نساء كلّ من خرج، وفيهنّ أمّ الطّفيل وابنٌ لها صغير اسمه يحيى، فقال أبو الطّفيل في ذلك:

 إنْ يكُ سيّرَها مصعبُ

فإنّي إلى مصعبٍ مُذْنِبُ

فلو أنّ يحيى به قوّةٌ

فيغزو مع القوم أو يركبُ

ولكنّ يحيى كفرخِ العقا

ب في الوَكْرِ مُسْتَضْعَفٌ أزغبُ

شعره جزلٌ فخم فخرًا وحماسةً ومدحًا ورثاء، وقصيدته العينية كانت تفضلُ شعر كنانة جميعَه. قال الحجّاج حين سمعها، وكان غير مُحِبٍّ لأبي الطّفيل: «قاتله منافقًا، ما أشعره!» وهي التي يقول فيها:

رَأَتني فقالتْ: أنت شيخٌ، وإنّما

يروقُ الغَواني مُجْدِبُ الخَدِّ خالعُ

يَعُدّونني شيخًا، وقد عِشْتُ حِقبةً

وهُنَّ عنِ الأزواجِ نَحْويْ نوازعُ

وما شابَ رأسي مِن سِنِينَ تتابَعَتْ

عليَّ، ولكنْ شيَّبَتْنِي الوقائعُ

ورثاؤه بَنيه الطّفيل وآخرَين موجعٌ مُمِضٌّ، وكان أبو الطّفيل حين يسمع شعره مُغنًّى يبكي حتّى يكاد ينفطر قلبه حزنًا وحرقة، وفي رثائهم يقول:

خَلَّى طُفيلٌ عليَّ الهَمَّ وانْشَعَبا

وهَدَّ ذلك رُكني هَدَّةً عَجَبا

وابنَي سُميّة لا أنساهما أبدا

فيمن نسيتُ وكلٌّ كان لي وَصَبا

فامْلِكْ عزاءك إنْ رزْءٌ بليتَ بهِ

فلنْ يردَّ بكاءُ المرءِ ما ذهبا

وليس يشفي حزينًا مِنْ تَذكّرهِ

إلا البُكاءُ إذا ما ناحَ وانتحبا

ومَدْحُهُ عبدَ الله بن عبّاس وأخاه عبيد الله، مليء بالمعاني التي اعتورها شعراء الشّيعة؛ مثل المدح بالعلم والتّحدّر من بيت النّبوّة، علاوةً على المدح بالكرم وبذل العطاء.

 جمع شعرَه قديمًا عبد العزيز بن يحيى الجَلُودي (ت332هـ)، ثم فُقِد، ثم جمع الطّيّب العشاش التّونسي، ما وقف عليه من قوافيه، ونشره في حوليّات الجامعة التّونسيّة، العدد 10لسنة 1973.

مُقْبِل التّامّ عامر الأحمدي

الموضوعات ذات الصّلة:

 

الأَدب العربيّ في العصر الإسلامي.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ أبو الفرج الأَصفهاني، الأغاني، تحقيق عبد السلام هارون (الهيئة المصرية العامّة للكتاب 1993).

ـ البغدادي، خزانة الأدب، تحقيق عبد السلام هارون (مكتبة الخانجي، القاهرة 1981).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 580 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة