شبه (عمر)
Shob'a (Omar Ibn-) - Shob'a (Omar Ibn-)

ابن شبَّة (عمر ـ)

(172 ـ 262هـ/789 ـ 876م)

 

عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد بن ريطة أو رائطة، أبو زيد بن أبي معاذ النميري البصري. وشبَّة لقب أبيه، واسمه زيد وأشار بعض المؤرخين إلى أنه ينتسب إلى قبيلة نمير ولاء وليس صليبة، المحدث الفقيه، المؤرخ النسابة الأديب. كان جامعاً لأشتات المحاسن، ملماً بعلوم كثيرة وفنون مختلفة، مشاركاً في الحديث الشريف وحافظاً له، ومتقناً للفقه وحافظاً لأصوله، راوياً للقراءات بصيراً بحروفها، متبحراً في التاريخ والسير والمغازي وأيام الناس، تؤخذ عنه الأخبار والنوادر، وله مشاركة في الأدب والشعر وعناية باللغة والنحو ورواية الشعر، مع إطلاع كثير وذاكرة حاضرة وحافظة واسعة وذكاء متميز. ولد في مدينة البصرة، وبدأ التحصيل فيها صغيراً، فروى الحديث عن أبيه وعن علماء البصرة، وسمع الروايات والأخبار واللغة والأدب على أعلامها، فحصل علما غزيرا وثقافة كبيرة، حتى إذا اشتد عوده وآنس في نفسه القدرة على الإفادة ارتحل إلى حاضرة الخلافة العباسية بغداد، وجلس للحديث والإقراء بها، وعقد مجالس للأخبار والسير ورواية الشعر والأدب وتعليم النحو، فاشتهر وتهافت عليه طلبة العلم وصار مقصداً لرحلاتهم، ثم نزل في آخر عمره بمدينة سامراء التي انتقل إليها الخليفة العباسي المعتصم، وظل مقيماً فيها، يفيد ويصنف إلى أن وافاه أجله، وقد أشار إلى تقدمه في السن حين رد على عتاب أصحابه له بأنهم يزورونه ولا يزورهم بقوله:

أشدّ من نفسي وما تشتد

وقد مضت ثمانون تُعدُّ

أيام تترى وليال بَـعْــدُ

كأنّ أيـام الحـياة تعدو

ارتقى عمر بن شبة مرتبة رفيعة في أيامه، وحاز مكانة مرموقة عند علماء الحديث والقراءات والتاريخ، فأجمعوا على أنه ثقة في رواياته، وأشادوا بضبطه وصدقه وغزارة معرفته، وأكثروا النقل عنه، واعتمد عليه أصحاب الأدب والشعر اللغة والنحو، لأنه روى عن كثير من أعلام المتقدمين كالأصمعي (ت: 612هـ)، وأخذ عنه المشهورون من العلماء الذين عاصروه كابن ماجه (ت:372هـ) صاحب السنن المعروف، وأثبت علمه الغزير في مصنفات كثيرة، كانت مشهورة ومتداولة، نقل عنها المصنفون الكبار في علوم كثيرة وفنون مختلفة.

التزم عمر بن شبة عقيدة أهل السنة والجماعة، ولم يتأثر بالخلافات المذهبية التي أشاعها أهل الفرق الدينية التي انتشرت ونشطت في زمانه، وقد تعرض في أثناء إقامته بسامراء إلى المحنة في فتنة خلق القرآن الكريم التي أثارها المعتزلة أيام الخليفة المأمون، والخليفة المعتصم من بعده، فرفض مقولة المعتزلة بخلق القرآن الكريم، وأصر على أن القرآن الكريم كلام الله - تعالى - وليس بمخلوق، ورفض تكفير أحد من المسلمين، وثبت على رأي أهل الحديث، فكفَّروه ومزَّقوا كتبه، فلزم بيته وامتنع عن رواية الحديث، وأوضح موقفه في أرجوزة قال فيها:

لمَا رأيت العلم ولّى ودثر

وقام بالجهل خطيب فهمر

لزمت بيتي معلناً ومستتر

مخاطباً خير الورى لمن عبر

أعني النبي المصطفى على البشر

والثاني الصديق والتالي عمر

وبقي لابن شبة بعض المقطوعات الشعرية التي تدل على انه كان شاعراً فصيحاً، وذُكر أن المرزُباني (محمد بن عمران ت: 384هـ) أدرجه في كتابه: «معجم الشعراء»، إلا أن ترجمته سقطت فيما سقط من الكتاب، وهذا يشير إلى أن شعره كان ذائعاً معروفاً، ومنه قوله للحسن بن مَخْلد الوزير (ت: 269هـ) الذي كان يتولى ديوان الضياع للمتوكل العباسي (جعفر بن محمد ت: 247هـ).

ضاعت لديكَ حقوق واستهنت بها

والحرّ يألم من هذا ويمـتعـضُ

أنـي سأشكر نُعمى منك سالفـة

وإن تخـونها من حادثٍِ عَرضُ

ترك عمر بن شبة مصنفات كثيرة في علوم شتى وفنون مختلفة، منها كتاب «مقتل عثمان» وكتاب «السقيفة» وكتاب «النسب» وكتاب «أخبار بني نمير» وكتاب «تاريخ البصرة» وكتاب «أخبار المدينة» وكتاب «أمراء مكة» وكتاب «أمراء المدينة» وكتاب «أمراء الكوفة» وكتاب «النحو ومن كان يلحن من النحويين» وكتاب «الشعر والشعراء» وكتاب «طبقات الشعراء» وكتاب «أشعار الشُّراة».

محمود سالم محمد

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (دار الكتب العلمية، بيروت).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، تحقيق عمر الطباع (مؤسسة المعارف، بيروت 1999م).

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت).

ـ ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، تحقيق مصطفى عطا (دار الكتب العلمية، بيروت 1994م).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الحادي عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 579 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة