الزباء
زباء
Al-Zabaa’ - Al-Zabaa’
الزبّاء
(… ـ 358ق.هـ/ … 285م)
الزباء واسمها عند الإخباريين والرواة نائلة بنت عمرو بن الظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر العمليقي من العماليق، وزعموا أن لها أختاً اسمها زبيبة، بنت لها الزبّاء قصراً حصيناً على شاطىء الفرات الغربي.
وعمرو بن الظرب كما يذكر الإخباريون كان ملكاً على الجزيرة ومشارف الشام (مملكة حضر)، قتله جذيمة الوضاح (الأبرش) (قتل نحو 366ق،هـ/268م) ثالث ملوك الدولة التنوخية في العراق، اجتمع له ملك مابين الحيرة والأنبار والرقة وعين التمر، وطمح إلى امتلاك مشارف الشام وأرض الجزيرة، فغزاها وحارب ملكها عمرو بن الظرب فقتله ونهب بلاده وانصرف، فقامت بملك عمرو من بعده،ابنته الزبّاء التي أجمعت رأيها عندما استحكم لها الملك للأخذ بثأر أبيها، وغزو جذيمة الأبرش واستعدت لذلك، ولكن أختها زبيبة نصحتها بترك الحرب لأن عواقبها غير مضمونة وأقنعتها باستخدام الدهاء لاجتذابه إليها، فاستجابت لنصيحتها وعمدت إلى المكر والحيلة، فراسلته قائلة: «إني لم أجد ملك النساء إلا قبحاً في السماع وضعفاً في السلطان، وإني لم أجد لملكي موضعاً، ولالنفسي كفئاً غيرك فأقبل إلي لأجمع ملكي إلى ملكك وأصل بلادي ببلادك وتقلد أمري مع أمرك». فلما انتهى كتاب الزبّاء إلى جذيمة، وقدم عليه رسلها، رغب فيما أطمعته فيه، وجمع أهل الرأي من ثقات أصحابه واستشارهم في أمره، فأجمع رأيهم على أن يسير إليها ويستولي على ملكها، ولم يخالفهم فيما أشاروا به عليه سوى قصير بن سعد بن عمر اللخمي، وكان حازماً، أثيراً عند جذيمة الذي نصحه أن يكتب إليها، فإن كانت صادقة فلتقبل إليه، وألاّ يمكنها من نفسه، فلم يوافق جذيمة بما أشار به عليه قصير.
استخلف جذيمة ابن أخته عمرو بن عدي على ملكه وسلطانه، وسار في وجوه أصحابه، فأخذ على الفرات من الجانب الغربي، فلما نزل الفُرضة استقبلته رسل الزباء بالهدايا والألطاف فقال: «ياقصير كيف ترى» قال: «خطب يسير في خطب كبير« فذهبت مثلاً، وأحاطت الخيول بجذيمة حتى أُدخل على الزباء فقتلته، وفرّ قصير عائداً إلى قومه.
وقام عمرو بن عدي ابن أخته يريد الانتقام،فرآها أمنع من عقاب الجوّ،فسير إليها قصير بن سعد اللخميّ بعد أن جدع أنفه، وأثر آثاراً في ظهره مدعياً أنه مضطهد ممقوت لتهمةٍ نسبت إليه، وهي لا تعلم ما يُخفي لها، ثم طلب منها أن يعود إلى بلده ليعود بأمواله، ونفائس ما لديه، فسمحت له، وأعطته تجارة لتصريفها هناك، فباعها وعاد بأرباح طائلة، وبأموال كثيرة، فزادت ثقتها به، وتكررت الحال حتى إذا ما وثق من اطمئنانها إليه،عاد في المرة الأخيرة برجالٍ أشداء من بني قومه ومعهم عمرو بن عدي،وضعهم في جوالق كبيرة، فلمّا توسطوا المدينة، أُنزلت الجوالق وخرج الرجال منها،فوضعوا سيوفهم في رقاب أهلها،فلما رأت الزّبّاء ذلك أرادت الهرب من نفق حفرته لمثل هذه الأيّام وكانت قد أطلعت قصيراً عليه،فوضع عمرو بن عدي على بابه،فلما رأته الزباء، مصت السم الذي كان في خاتمها،وقتلت نفسها قائلة: «بيدي لابيدك ياعمرو»، وتلقّاها عمرو بن عديّ بالسيف فجللها به، وقتلها، وغنم كثيراً، وانكفأ راجعاً إلى العراق، والقصة مملوءة بعنصر الخرافة وليس فيها ما يؤكّد الحقيقة. سُردت قصة الزباء وجذيمة وقصير المطالب بالثأر في شعر ينسب إلى عدي ابن زيد العِبادي (ت نحو 35 ق،هـ/590م) جاء فيه:
ألا أيها الملك المرجى
ألم تسمع بخطب الأولينا
دعا بالبـقَّة الأمراء يوما
جذيمة عصر ينجوهم ثبينا
فطاوع أمرهم وعصى قصيرا
وكان يقول لو تبع اليقينـا
ثم يستمر في نظم القصة شعراً حتى تنتهي. وقد ختمت بنصح للإنسان ليتعظ بالحوادث والمنايا التي لا تعرف أحداً مهما كانت درجته ومنزلته إلا أخذته ثم صيرته أثراً بعد حين.
شكران خربوطلي
مراجع للاستزادة: |
ـ الطبريّ، تاريخ الرسل والملوك،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم(دار المعارف، مصر1971).
ـ جواد علي، المفصل في تاريخ العرب (دار العلم للملايين، بيروت1976م).
ـ الميدانيّ، مجمع الأمثال (دار الفكر، بيروت1972).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العاشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 239 مشاركة :