زعيتر (عادل)
Zua’iter (Adel-) - Zua’iter (Adel-)

زعيتر (عادل ـ)

(1312 ـ 1377هـ/1895 ـ 1957م)

 

عادل بن عمر بن حسن زعيتر النابلسي الفلسطيني، أحد أشهر أعلام الترجمة. ولد في نابلس لأسرة عريقة زمن الدولة العثمانية، فوالده الشيخ عمر كان من سَرَوَات نابلس ورجالاتها الكبار ورئيس بلديتها وصاحب شخصية راجحة الوزن من بين شخصيات فلسطين آنذاك، وقد كان له أكبر الأثر في توجيه عادل نحو طلب العلم والتطلع إلى خدمة الأمة. وأتم عادل دراسته الابتدائية في مدينة نابلس،ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية في بيروت، ثم التحق بالكلية السلطانية في الآستانة وتخرج فيها، وكان الأول في صفوفه. وفي سنة 1916م دعي للالتحاق بالجيش العثماني كباقي أترابه في أثناء الحرب العالمية الأولى، فعيّن ضابطاً احتياطياً فيه، وحين نشبت الثورة العربية الكبرى فرَّ عادل من الجيش العثماني والتحق بالجيش العربي بقيادة الأمير فيصل ابن الحسين، وانتخب عضواً في المؤتمر السوري الذي بايع فيصلاً ملكاً على سورية وأعلن استقلالها بحدودها الطبيعية التي تضم فلسطين والأردن ولبنان سنة 1920م، ثم عاد إلى نابلس عقب سقوط الحكومة العربية إثر معركة ميسلون ولم يمكث بها طويلاً حيث قصد باريس وواصل دراسته العالية في كلية الحقوق بجامعتها وتخرج فيها سنة 1925م،ثم عاد إلى نابلس فزاول مهنة المحاماة، ودرّس في معهد الحقوق بالقدس تسع سنوات (1927ـ1936م) درس فيه الاقتصاد السياسي والمالي، وقانون المرافعات المدنية والجزائية والفقه الدستوري، فتخرج على يديه أبرع المحامين وألمع حماة القانون في فلسطين والأردن، ودافع عن أحرار فلسطينيين في أثناء محاكمتهم من قبل سلطات الاحتلال الإنكليزي لفلسطين آنذاك، وكان يكتب المقالات الوطنية ويرسل بها إلى الصحف دفاعاً عن عروبة فلسطين، ثم بعد حدوث مأساة صدور قرار التقسيم عن هيئة الأمم المتحدة عام 1947م قدم عادل زعيتر للمسؤولين في الجامعة العربية المذكرات القانونية والمقترحات الموضحة للسبل الكفيلة بإنقاذ فلسطين وصيانة عروبتها، وخلَّف في المحاضرات الحقوقية مؤلفات لازالت مخطوطة وقد ظهر فيها تمكنه من الموضوعات التي ناقشها في محاضراته تلك.

وأما أهم المحطات في حياته فهي عمله في الترجمة من الفرنسية إلى العربية، وقد بدأت رحلته مع الترجمة في أثناء وجوده في باريس، ولم يترك العمل في هذا المجال، بعد انقطاعه له، إلى أن مات. وقد بلغت المصنَّفات التي ترجمها نحواً من أربعين مجلداً تمثل بعض روائع ما صنَّفه المفكرون والكتاب في فرنسا في العصر الحديث أمثال: جان جاك روسو، وفولتير، وأناتول فرانس، وأميل لودويغ، وغوستاف لوبون. والمتتبع للمصنفات التي ترجمها عادل زعيتر يجد له فيها أثراً لايقل أهمية عن أثر الترجمة، ألا وهو دور الناقد النافذ البصيرة.

وقد شغف زعيتر بالترجمة، ومن أهم الكتب التي ترجمها وهو في باريس، كتاب «روح الاشتراكية» للكاتب الشهير غوستاف لوبون، كما ترجم كتابين آخرين لغوستاف لوبون هما: «روح التربية» و«روح الثورات» ولم يمنعه قيامه بهذه الأعمال من الالتفات إلى الدروس الحقوقية، فـ«روح الاشتراكية» الذي ترجمه، كتاب يبحث في علم الاجتماع والإدارة والاقتصاد السياسي والسياسة، وجميع هذه العلوم كانت تدرس في الجامعة الباريسية، وكذلك «روح التربية» و«روح الثورات»، وأما الدروس الرسمية فقد خصص لمزاولتها ثماني ساعات كل يوم. وتدل نتائج أعماله على أن ترجمته ليست من نوع تجاري ليملأ جيبه من ورائها بترجمة روايات وأقاصيص، أو ما سهل علاجه من الترجمات، بل عمد إلى ترجمة ونقل أسمى الأفكار من كل حضارة.

وكان شديد الحرص على إيراد النصوص الأصلية للمقتبسات ويبذل في ذلك جهوداً عظيمة، وقد يقضي أياماً في البحث عن نص أصلي أو تحقيق حادث أو اسم، وقد يشتري كتاباً ضخماً ذا ثمن غال ليفتش فيه عن نص. ويحرص على صحة لغته حديثاً وكتابة، ويُعنى بتشكيل كثير من الكلمات التي تحتمل الالتباس في صحة لفظها. وكان يشرف على طبع الكتاب بنفسه، ويصحح تجارب طبعه عدة مرات، ويبذل في ذلك جهوداً مضنية. ولم يفارق عادل زعيتر الترجمة، حين انقطع للعمل بها، إلى أن مات.

وهذه قائمة بأسماء الكتب التي ترجمها من الفرنسية إلى العربية مع ذكر أسماء مؤلفيها:

 «ابن الإنسان»، «بسمارك»، «البحر المتوسط»، «الحياة والحب»، «كليوباترة»، «نابليون»، «النيل» لإميل لودويغ، «ابن خلدون وفلسفته الاجتماعية» لبوتول، «ابن رشد والرشدية» لأرنست رينان، «ابن سينا»، «الغزالي»، «مفكرو الإسلام» لكرادوفو، «أصل التفاوت»، «إميل أو التربية»، «العقد الاجتماعي» لجان جاك روسو، «أصول الفقه الدستوري» لآيسمن، «الآلهى عطاش» لأناتول فرانس، «تاريخ الغرب العام» لسيديو، «تلماك» لفنلون، «حديقة أبيقور» لأناتول فرانس، «حياة محمد» لأميل درمنغم»، «الرسائل الفلسفية»، «كنديد أو التفاؤل» لفولتير، «مجالي الإسلام» لحيدر بامات»، وترجم لغوستاف لوبون: «حضارة العرب» و«حضارات الهند» و«روح الاشتراكية» و«روح التربية» و«روح الثورات» و«روح الجماعات»، «الآراء والمعتقدات»، «فلسفة التاريخ»، «السنن النفسية لتطور الأمم» «حياة الحقائق»، «اليهود في تاريخ الحضارات»، والكتاب الأخير إنما هو قطعة من كتاب كبير لغوستاف لوبون سماه «الحضارات الأولى» ويقول عادل زعيتر في مقدمة له: «كان الفيلسوف العلامة غوستاف لوبون قد وضع كتابه الجليل «حضارة العرب» في سنة 1884م ووضع كتابه الجليل الآخر «حضارات الهند» في سنة 1887م.

بيد أن كتاب «الحضارات الأولى» ذلك يشتمل على جزء صغير بالغ الخطورة خاص باليهود، ففي هذا الجزء تحرر العلامة لوبون من نير التقاليد الموروثة في الغرب، كما تحرر في غيره من كتبه، فانتهى إلى نتائج مهمة إلى الغاية، انتهى إلى أنه لم يكن لليهود فنون، ولاعلوم، ولاصناعة، ولا أي شيء تقوم به حضارة، واليهود لم يأتوا قط بأي مساعدة مهما صغرت في تشييد المعارف البشرية، ولم يتجاوزوا قط مرحلة الأمم شبه المتوحشة التي ليس لها تاريخ. وقد التقى عادل زعيتر بالفيلسوف الفرنسي الشهير غوستاف لوبون أثناء دراسته في باريس، وأفاد من الجلوس إليه فوائد جمَّة، ولما ذاعت فضائل عادل زعيتر، واشتهر علمه، وانتشرت ترجماته، اختاره المجمع العلمي العراقي عضواً فيه سنة 1953، وأعقب مجمع بغداد في ضمه إلى أعضائه المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1955م.

وفي سنة 1957 مات عادل زعيتر بعد أن بذل قصارى جهده في خدمة أمته وحمل راية العلم والثقافة إلى آخر لحظة من لحظات حياته، وقد أقيم حفل لتأبينه تحدث فيه عدد كبير من الخطباء الأدباء والعلماء والسياسيين وكان حفلاً مشهوداً، ودعت فيه فلسطين علماً من كبار أعلامها في العصر الحديث.

محمود الأرناؤوط

مراجع للاستزادة:

 

ـ ذكرى عادل زعيتر، وهو الكتاب الذي ضم جميع الكلمات التي ألقيت في حفل تأبينه، نابلس 1958م.

ـ محمود الأروناؤوط، عناقيد ثقافية (دار المأمون للتراث، دمشق 1985م).

ـ يحيى جبر، شيخ المترجمين العرب عادل زعيتر (الدار الوطنية للترجمة والطباعة والنشر والتوزيع، نابلس 1997م).

 


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العاشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 361 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة