زهري (شهاب محمد مسلم)
Al-Zuhri (Ibn Shihab Mohammad ibn Muslim-) - Al-Zuhri (Ibn Shihab Mohammad ibn Muslim-)

الزهري (ابن شهاب محمدبن مسلم ـ)

(58 ـ 124 هـ/ 678 ـ 742م)

 

 محمد بن مسـلم بن عُبيد الله بن شـهاب الزهري، من بني زُهرة بن كلاب ابن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب، من قريش، إمامٌ عَلَم من أئمة التابعين، حافظ زمانه، فقيه، ولد في المدينة ونشأ فيها، وتعلم نسب قومه من عبد الله بن ثعلبة بن صُعير الذي كان عالمًّا بأنساب قريش، ثم جالس سعيد بن المسيّب (ت:94هـ/713م) ثماني سنوات وتفقه به، كما جالس عروة بن الزبير (ت:93هـ/712م) وأبا بكر بن عبد الرحمن (ت:94هـ/713م) وعبيد الله بن عباس (ت:87هـ/706م)، ثم رحل إلى الشام وأتى عبد الملك بن مروان (ت:86هـ/705م) الذي أعجب بعلمه، وأمر قبيصة بن ذؤيب (ت:86هـ/705م) كاتبه ومستشاره أن يثبت اسم الزهري في الديوان في دمشق، وأن يجري عليه رزق الصحابة، فلما توفي عبد الملك، لزم الوليد ثم سليمان ثم عمر بن عبد العزيز الذي أمره أن يدوّن مع غيره الحديث النبوي و السنن، وقال فيه: «ما ساق الحديث أحد مثل الزهري، وكان يحفظ ألفين ومئتي حديث، نصفها مسند»، ولي القضاء في خلافة يزيد بن عبد الملك (ت:105هـ/724م)، ثم لزم هشام بن عبد الملك الذي صيره مع أولاده يعلمهم ويحج معهم، وذكر أبو داود أن الزهري كان محتشمًا جليلاً وله مكانة كبيرة في دولة بني أمية. قال سفيان بن عُيينة (ت:198هـ814م) «كانوا يرون يوم مات الزهري أنه ليس أحد أعلم بالسنّة منه». وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: «عليكم بابن شهاب، فإنكم لا تجدون أحداً أعلم بالسنّة الماضية منه».

تميز بكثرة الكتابة، قال أبو الزناد: «كنا نطوف مع الزهري، ومعه الألواح والصحف، ويكتب كل ما يسمع. وكان يكتب الحديث وهو في دور طلب العلم، وكان يشجع أصحابه على الكتابة». طلب منه الخليفة هشام بن عبد الملك (ت:125هـ/743م) أن يكتب لبنيه، فخرج وأملى على الناس الحديث، وقال: «استكتبني الملوك فأكتبتهم، فاستحييت الله، إذ كتبها الملوك ألا أكتبها لغيرهم».

روى الحديث عن كبار الصحابة مثل سهل بن سعد (ت:91هـ/710م)، وأنس بن مالك (ت:93هـ/712م)، ولقيه بدمشـق، ورافع بن خَديج (ت:74هـ693م)، وعبادة ابن الصامت (ت:34هـ/654م)، وأبي هريرة (ت:59هـ/ 679م) وعن كبار التابعين مثل سعيد بن المسيب (ت:94هـ/713م)، وعروة ابن الزبير (ت:93هـ/712م)، وأبي إدريس الخولاني (ت:80هـ/700م)، وعبد الملك ابن مروان (ت:86هـ/705م)، وسالم بن عبد الله (ت:106هـ/725م).

وحدَّث عنه عطاء بن أبي رباح (ت:114هـ/732م)، وهو أكبر منه، وعمر ابن عبد العزيز (ت: 101هـ/720م)، ومات قبله ببضع وعشرين سنة، وعمرو ابن دينار (ت:126هـ/ 347م)، وعمرو بن شعيب (ت: 118هـ/ 836م)، وقتادة بن دعامة، وزيد بن أسلم، وطائفة من أقرانه، وأبو الزناد، والأوزاعي، ومالك ابن أنـس، والليث بن سـعد، وابن إسـحاق، وسفيان بن عيينة، وأمم سواهم.

أجمع العلماء على سعة علمه، وزهده، وعبادته، وجوده، فكان من أسخى الناس. قال عنه الليث بن سعد:« ما رأيت عالماً قطُّ أجمع من ابن شهاب، يحدِّث في الترغيب، فنقول: لا يحسن إلا هذا، وإن حدَّث عن العرب والأنساب، قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدَّث عن القرآن والسنة، كان حديثَه».

 وروى إبراهيم بن سعد عن أبيه، قال: «ما رُئي أحد جمع بعد الرسولrماجمع ابن شهاب». وقال عنه مكحول: «هو الثَّبْت الحجة، وأين مثل الزهري رحمه الله؟!»

كان يختم حديثه بدعاء جامع، يقول: اللهم أسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة، وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك في الدنيا والآخرة.

ومن أقواله: الإيمان بالقدر نظام التوحيد، فمن وحَّد ولم يؤمن بالقدر، كان ذلك ناقضًا توحيده.

قال ابن المديني: «دار علم الثقات على ستة، فكان بالحجاز الزهري، وعمرو بن دينار، وبالبصرة قتادة، ويحيى بن أبي كثير، وبالكوفة أبو إسحاق والأعمش».

مات بشَغْب (ضيعة خلف وادي القرى، كانت للزهري، وبها قبره ينسب إليها) وهي أول عمل (حد) فلسطين، وآخر عمل الحجاز.

وهبة الزحيلي

مراجع للاستزادة:

 

ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء (مؤسسة الرسالة، دمشق 1406هـ / 1986م).

ـ أبو عمر يوسف بن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله (إدارة المطبعة المنيرية، القاهرة).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العاشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 438 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة