خزينه
Treasury - Trésorerie

الخزينة

 

إن تعبير خزينة أو خزانة يستخدم للدلالة على الموضع أو الجهة التي تحفظ لديها الأموال النقدية وما يتصل بها من مستندات وبيانات.

وقد جرى استعمال هذا التعبير، في ظل الإدارة المالية العامة Public Financial Administration، على وصفه بلفظ «العامة» فيقال: الخزينة أو الخزانة العامة، وهو المقصود هنا في معالجة هذا الموضوع. يطلق في بعض البلدان اسم الخزانة على هيئة التنفيذ الرئيسة، التي تتولى إدارة الأموال في الدولة فيقال وزارة الخزانة، كما في المملكة المتحدة مثلاً. وقد يقصد بها هنا، الدلالة على وزارة المالية، والدور الذي تقوم به هذه الوزارة في إعداد التنظيم والتخطيط المتعلق بالأموال العامة وتنفيذ العمليات المتعلقة بها ومراقبتها مراقبة داخلية مالية Internal Audit، وذلك على الرغم مما بين لفظي الخزانة والمالية من اختلاف في المحتوى ودرجة الشمول، إلا أن المتتبع للاختصاصات والأعمال المنوطة بهما على مستوى القواعد الدستورية والقانونية في الدولة يجد أن بينهما كثيراً من التقارب.

أما في دول كفرنسا وسورية مثلاً، فقد جرى إطلاق تعبير الخزينة على الوحدة الإدارية التي تعمل داخل وزارة المالية وضمن هيكلها التنظيمي، وتتولى جزءاً من اختصاص مرفق المال في الدولة وتشارك، إلى حد ما، في وضع السياسة المالية العامة للدولة المتصلة بنشاطها في إطار الأهداف الكلية والتفصيلية لتلك السياسة، كما تتولى هذه الوحدة، ضمن وزارة المالية، هذه السياسة موضع التنفيذ من خلال ما تقوم بتنفيذه من عمليات مالية أو محاسبية في نطاق معطيات تلك السياسة وأهدافها. إن تنظيم هذه الإدارة الخاصة بالخزينة أو الخزانة، داخل وزارة المالية، يتأثر إلى حد كبير بالنظام أو الأسلوب الذي تأخذ به الدولة في تنظيم إداراتها العامة سواء أكان هذا النظام أو الأسلوب مركزياً أم لا.

بيت المال

عرف العرب الخزينة والخزانة والمالية فيما عرف ببيت المال[ر]، وهو اصطلاح أطلقه العرب المسلمون على المؤسسة التي قامت بالإشراف على ما يرد للدولة من أموال وما يخرج منها في أوجه الإنفاق المختلفة. ويعد بيت المال عندهم أحد الدواوين العظيمة الأهمية في الدولة، إذ سمي بالديوان السامي، وهو يشبه ما يُطلق عليه اليوم اسم وزارة المالية أو الخزانة العامة. كما أطلقت عليه في الأندلس أحياناً تسمية خزانة المال. وقد ولدت فكرة إنشاء بيت المال في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ويعد وجوده مظهراً متقدماً من مظاهر التطور الإداري والمالي والمحاسبي في الدولة يوم ذاك.

ومن أبرز العوامل التي أدت إلى إنشائه:

1ـ تدفق الأموال على الدولة إثر الفتوحات.

2ـ الرغبة في المحافظة عليها لتنفق في مصالح الجماعة.

3ـ الاقتباس من تنظيمات الحضارات الأخرى التي وجدها المسلمون في البلدان المفتوحة.

دور الخزينة بالنسبة لمالية الدولة

يعالج دور الخزينة هنا من حيث كونها إدارة تعمل ضمن وزارة المالية وتتولى القيام بالمهام الرئيسة الآتية:

1- مهمة صندوق أو مصرف للدولة: وذلك بقيامها بتنفيذ المرحلة الأخيرة من كل عمليات الدولة المالية على اختلاف أنواعها وستتضح تفصيلاتها فيما بعد. وتعد الخزينة بياناً أو جدولاً شهرياً يتألف من بيان أو جدول شهري يتضمن بيانات أو كشوفاً تتعدد أنواعها بتعدد أنواع تلك العمليات.

2- تقديم قروض: ولاسيما للجهات التي تسهم بها الدولة أو تمتلك رأسمالها بالكامل، وذلك من فائض السيولة المتوافر لديها كوسيلة للإقراض باستخدام حساب السلف المدفوعة. كما تتولى الخزينة بعد منح القرض متابعة تحصيل أصل القرض وفائدته سنوياً وفقاً لشروط القرض وفي إطار مدته.

3- مهمة رقابية مالية: لمختلف العمليات المالية المتعلقة بالمدفوعات والمقبوضات والتحقق من انسجامها مع القواعد القانونية المالية - بمعناها العام - والقواعد المحاسبية الحكومية قبل تنفيذها وخاصة في جانب النفقات العامة.ويمكن أن يُطلق على هذا النوع من الرقابة المالية تعبير الرقابة المالية الداخلية المسبقة internal pre-audit التي تمارسها إدارة الخزينة العامة التابعة لوزارة المالية والكائنة ضمن هيكلها التنظيمي في عمليات النفقات العامة المتعلقة بباقي وزارت الدولة وإداراتها العامة الأخرى الداخلة ضمن الموازنة العامة للدولة.

وتقوم الخزينة بهذه المهام وفقاً لأسلوب اللامركزية الإدارية إذ توجد في كل وحدة إقليمية خزينة وتتعدد الخزائن بتعدد تلك الوحدات.

عمليات الخزينة

تتولى الخزينة العامة تنفيذ الكثير من العمليات المالية المتعلقة بوزارات الدولة وإداراتها العامة الداخلة في الموازنة العامة للدولة بصورة مقبوضات كالإيرادات العامة والأمانات المأخوذة والسلف المستردة والمأخوذ من حركة النقود، أو بصورة مدفوعات كالنفقات العامة والأمانات المردودة والسلف المدفوعة والمرسل من حركة النقود، وسوى ما تعلق من تلك العمليات المالية:

أ - بحسابات اسمية nominal accounts: وهي الحسابات التي تقفل في الحساب الختامي للدولة (الحساب الإجمالي العام) final account وتبدو هذه الحسابات بصورة حسابين اثنين رئيسين هما:

1- حساب الإيرادات العامة:public revenues account حيث تهتم الخزينة العامة بتنفيذ مرحلتي التحصيل والتوريد أو مرحلة التوريد فقط بالنسبة للعمليات المالية المتعلقة بهذا الحساب، بعد التحقق من إتمام مرحلة التحقق أو مرحلتي التحقق والتحصيل المتعلقة بتلك العمليات، بحسب الحال، في الجهة التي يعود إليها الإيراد.

2- حساب النفقات العامة:public expenditures account  تهتم الخزينة العامة بتنفيذ مرحلة الدفع الفعلي بالنسبة للعمليات المالية المتعلقة بهذا الحساب، وذلك بعد إتمام مراحل عقد النفقة (الارتباط بها)، وتصنيفها والأمر بصرفها الخاصة بهذه العمليات في الوزارة أو الإدارة المعنية التي تعود لها النفقة العامة.

ب - بحسابات شخصية personal accounts: وهي حسابات تسوية وسيطة ومؤقتة تتم خارج نطاق موازنة الدولة العامة وتدوّر أرصدتها من عام مالي إلى عام مالي آخر حتى يتم تسديدها وقفلها نهائياً، وهي لاتقفل عادة في الحساب الختامي للدولة، وتبدو بصورة ثلاثة حسابات هي:

1- حسابات الأمانات: وتهتم الخزينة العامة بتنفيذ العمليات المتعلقة بهذا الحساب وهذه تكون: إما بصورة أمانات مأخوذة، وهي التي تبدو بصورة مبالغ مستوفاة من الأشخاص مباشرة، أو مستقطعة من مستحقات لهم لدى الدولة. أو أنها ناجمة عن قيام جهات الإدارة بتعلية بعض النفقات المتقرر صرفها لديها والتي لم تدفع بعد إلى حساب الأمانات لأي سبب من الأسباب. أو بصورة أمانات مردودة تم ردها من الأمانات المأخوذة لأي سبب قانوني أو واقعي.

2- حسابات السلف: وتهتم الخزينة العامة بتنفيذ العمليات المالية المتعلقة بهذا الحساب. إما بصورة سلف مدفوعة كالقروض والسلف المستديمة أو المؤقتة أو الخاصة أو ما يتم منها بصورة دفعات نقدية على مستحقات لم تأخذ بعد شكلها النهائي كنفقة عامة. أو بصورة سلف مستردة في المواعيد المحددة لها أو عند الانتهاء من الغرض الذي منحت من أجله السلفة.

3- حسابات حركة النقود: هذا الحساب كما يبدو، حساب خاص لاينطبق عليه تعريف الحساب الاسمي وإنما يقترب، في شكله ومفهومه، من الحساب الشخصي لكونه لايقفل في الحساب الختامي للدولة إلا أن رصيده، لايدوّر من عام مالي إلى عام مالي آخر لأنه يجب أن يكون جانب(المأخوذ) فيه مساوياً لجانب (المرسل) فيه، وذلك في الكشف النهائي المعد بشأن هذا الحساب على مستوى الدولة.

ويتم التعبير عن العمليات المالية التي تقوم الخزينة العامة بتنفيذها بصورة مستندات تختلف، باختلاف نوع العملية المالية التي تقوم بها الخزينة. فالعمليات المتعلقة بالإيرادات العامة والأمانات المأخوذة والسلف المستردة والمأخوذ من حركة النقود، يتم تنفيذها بأمر قبض. والعمليات المتعلقة بالمدفوعات إن كانت متعلقة بنفقة عامة من نفقات الموازنة العامة فتنفذ بمستند بأمر صرف. وإذا كانت العملية المالية متعلقة بالأمانات المردودة أو السلف المستردة أو المرسل من حركة النقود فتنفذ بأمر دفع.

أما الدفاتر المحاسبية الممسوكة لإدارة العمليات المالية التي تقوم بتنفيذها الخزينة العامة فأهمها:

1- دفتر يومية الصندوق: الذي يمسك من قبل أمين الصندوق، الذي يعمل تحت إشراف مدير أو رئيس الخزينة. ويتضمن هذا الدفتر صفحتين اليمنى للمقبوضات واليسرى للمدفوعات.

2- دفتر يومية المقبوضات: ومأخذ هذا الدفتر هو من أوامر القبض.

3- دفتر يومية المدفوعات: ومأخذه من أوامر الصرف والدفع.

4- دفتر مفردات إيرادات الموازنة: ويمسك على أساس الأبواب والبنود الواردة في جانب الإيرادات العامة في الموازنة العامة للدولة.

5- دفتر مفردات نفقات الموازنة: يقوم بدور رقابي بالنسبة لمطابقة العمليات المالية في جانب عقد النفقة(الارتباط بها) للاعتمادات المقررة في جانب النفقات العامة في الموازنة العامة للدولة على أساس البند والباب، كما يتضمن قيد أوامر الصرف المصروفة وأوامر الصرف المدفوعة المتعلقة بتلك الاعتمادات فضلاً عن إظهار ما تمت تعليته إلى حساب الأمانات من نفقات صدرت بشأنها أوامر صرف لم يتم دفعها خلال العام المالي.

6- دفتر الأمانات: وفيه صفحتان اليمنى لمقبوضات الأمانات واليسرى لمدفوعاتها، وتليها صفحات تخصص كل واحدة أو أكثر منها لحساب من حسابات الأمانات.

7- دفتر السلف: ويحتوي على صفحتين اليمنى منهما لمقبوضات السلف واليسرى لمدفوعاتها.

8- دفتر حركة النقود: ويحوي صفحة يمنى للمأخوذ وصفحة يسرى للمرسل.

هذا ويتم في نهاية كل شهر حسابي، إعداد جدول حسابات خاص بكل خزينة عامة يتضمن الأرقام الشهرية الخاصة بكل حساب تديره تلك الخزينة موزعة بحسب الكشوف التي يحويها كل جدول، وبحسب البنود الخاصة التي يحويها كل كشف.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الدفاتر والكشوف التي ذكرت أعلاه قد يطرأ عليها شيء من التغيير أو التبديل في شكلها وترتيبها نتيجة لاستخدام برامج software على الحاسوب computer تختلف من دولة إلى أخرى، وذلك لحسن إدارة العمليات المالية وحساباتها وبياناتها في الخزينة وفقاً للتطور الذي بلغته تقانة المعلومات IT فيها، الأمر الذي يتطلب أخذه في الحسبان والاهتمام به في الوطن العربي في ضوء المعطيات والقواعد المتعلقة بالخزينة العامة، وما تقوم بإدارته من عمليات مالية في ظل الإدارة المالية العامة.

طارق الساطي 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الإدارة العامة، التشريع الضريبي ـ المالية العامة(علم ـ). 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمود المرسي لاشين، التنظيم المحاسبي للأموال العامة في الدولة الإسلامية (بيروت 1977م).

ـ محمد خليل وعمر السيد حسنين، المحاسبة الحكومية والقومية (الإسكندرية 1968م).

ـ طارق الساطي، المحاسبة العامة والإدارية (الإدارة المالية للدولة) (مطبعة جامعة دمشق 1973م).

- Irving Tenner, Municipal and Governmental Accounting (Englewood Cliffs).


- التصنيف : القانون - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 812 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة