خليفة بن خياط
خليفه خياط
Khalifah ibn Khayyat - Khalifah ibn Khayyat
خليفة بن خيّاط
(…-240هـ/…-854 م)
خليفة بن خياط بن خليفة الشيباني الليثي العصفري البصري، أبو عمرو، ويعرف بشَبَاب، الفقيه، المُحدَث، الأديب، المؤرخ، النسَابة، وهو سليل أسرةِ اشتهر أبناؤها بالعلم، وأنجبت عدداً من العلماء الأفاضل، الذين عرفوا في ميادين مختلفة، فالجد والأب والحفيد، علماء محدَثون، وبرزوا في علوم عدة .
ولد خليفة في البصرة وبها تلقى ثقافته، ومارس التدريس، وقد كانت البصرة في القرن الثالث الهجري، أحد أهم مراكز الثقافة العربية والإسلامية، ولاسيما في ميادين اللغة والحديث والسيرة والتاريخ، لذا أسهم هذا الجانب في تنمية معارف خليفة .
تلقى خليفة العلم من شيوخ عصره، فأخذ عنهم علوم القرآن، والحديث، والأنساب، والأخبار، واللغة، وغير ذلك، فصنّف في هذه العلوم، كما اهتم بعلم قراءة القرآن الكريم، وتتلمذ على يده الكثير ممن رووا عنه، وأصبح بعضهم من كبار الشيوخ المحدثين منهم : الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والدارمي في سننه، وآخرون. وأما الروايات التاريخية فقد ورد فيها أسماء عدد من الأعلام المشهورين الذين اعتمد خليفة عليهم في رواياته ومعلوماته، بلغ عددهم أكثر من 103 رواة.
كان متقناً وعالماً بأيام الناس، عانى الكثير من العنت في عصر الخليفة المأمون بسبب عدائه للمعتزلة، وكذلك كابد الكثير بسبب الحسد من سعة علمه وثقته. أشاد الكثير من العلماء بعلمه، فقال ابن عدي: «مستقيم الحديث، صدوق، من متيقظي رواته، له تاريخٌ حسن، وكتاب في طبقات الرجال» وقال ابن حبان: «كان متقناً عالماً بأيام الناس»، في حين قال عنه ابن خلكان في ترجمته: «كان حافظاً، عارفاً بالتواريخ، وأيام الناس، غزير الفضل». صنّف خليفة فيما ذكر النديم في الفهرست، أربعة مؤلفات،كتاب «التاريخ» وكتاب «طبقات القراء» المعروف بكتاب «الطبقات» وكتاب «تاريخ الزَمنى والمرضى والعرجان والعميان» وكتاب «أجزاء القرآن وأعشاره وأسباعه وآياته»، وقد سلم من هذه المؤلفات كتابي «التاريخ» برواية بقي بن مخلد (ت276هـ) و«الطبقات» في مخطوطات فريدة، وقد طبعا مؤخراً في دمشق وبغداد.
وتاريخ خليفة أقدم ما وصل من كتب التاريخ التي تنهج منهج الحوليات،وهو يتناول تأريخ فترة من تاريخ الإسلام حتى سنة 232هـ، وقد تأثر خليفة المحدّث والفقيه لمدى بعيد بأسلوب مدرسة الحديث ومنهجها في السرد والبحث التاريخي.
كشف خليفة في كتابته «التاريخ» عن اهتمامات تاريخية، لانجدها لدى غيره من المؤرخين، فهو على سبيل المثال، يبدي اهتماماً خاصاً بذكر أسماء الشهداء في الغزوات والمواقع الهامة التي تحدّث عنها في كتابه، ويقدم قوائم مهمة بأسماء العمال والولاة والقضاة في عهود الخلفاء الذين طالتهم المدة الزمنية لكتابه وهي من السنة الأولى للهجرة حتى 232هـ/846م، وكذلك العاملين معهم من كبار الموظفين في الشرطة، وبيت المال، والخزائن، وغير ذلك من الوظائف الإدارية الأخرى، وبهذا، فهو يعد من الناحية الإدارية مصدراً ثرّاً وهاماً لا يستغنى عنه في دراسة النظام الإداري والمالي الإسلامي، وهو جانب هامٌ وكبير برز لديه خاصة، عبر صفحات كتابه هذا. إضافةً لكل ما سبق، فهو يقدم معلومات في بعض الأحيان عن الحوادث التي قد لا تظهر عند غيره من المؤرخين المعاصرين، أو حتى فيما بعد ذلك، كإيراده أخباراً عن إفريقية وغيرها.
ويتناول خليفة في كتاب «الطبقات»، علم الرجال، ويظهر في كتابه هذا معرفة وخبرة وعلماً واسعاً بالأنساب، ولكنه يضيف إليها الأخبار المتعلقة بالرجال المترجم لهم.
ويعد ابن خيَاط مع ابن سعد، صاحب «الطبقات الكبرى»، أقدم من أخذ بالترتيب الأنسابي من المصنفين في علم الرجال، وقد اعتمد التسلسل القبلي بالنسبة للآخرين من بعدهم .كما قسّم خليفة رجال الطبقات تبعاً للأمصار، وكان مع ابن سعد أيضاً، أقدم من عمل بهذا النهج والأسلوب .وتأتي المدينة المنورة في الطليعة من حيث وفرة علمائها المترجم لهم، وكلما قل عدد العلماء في مدينة، كلما تدنت منزلتها بالترتيب، وتأتي الكوفة بعد المدينة المنورة في الترتيب من حيث العد، ثم البصرة، وتليهم بعد ذلك سائر المدن الأخرى في الترتيب وفقاً لأعداد علماء كل منها.
كان للثقة التي حازها ابن خيَاط، دورها في أن يصبح مصدراً هاماً وموثوقاً به لدى الكثير من العلماء، أمثال الإمام البخاري، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والطبري، وابن سعد، كما كان عمدةً ومرجعاً لكثيرين قبلهم، من أمثال يعقوب بن شيبة، والتستري، وبقيَ بن مخلد، وغيرهم كثير .
عبد الله حسين
مراجع للاستزادة: |
ـ فاروق بن عمر فوزي، خليفة بن خيّاط مؤرخاً، هيئة كتابة التاريخ (نوابغ الفكر العربي، بغداد 1988م).
ـ خليفة بن خياط، التاريخ، تحقيق سهيل زكار (وزارة الثقافة، دمشق 1967م).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 895 مشاركة :