خطيب بغدادي
Al-Khatib al-Baghdadi - Al-Khatib al-Baghdadi

الخطيب البغدادي

(392-463هـ/1002-1072م)

 

أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي ،الشهير بالخطيب، المحدث الحافظ، والمؤرخ والفقيه الشافعي.

ولد في غُزيَّة، بمنتصف الطريق بين الكوفة ومكة، أو في قرية قرب بغداد، وكان والده من حفاظ القرآن ومن أهل العلم، يخطب الناس ويؤمهم في درزيجان (قرية قريبة من بغداد).

تعلم القراءة والكتابة، وحفظ القرآن والقراءات على يد والده. أخذه والده إلى حلقات العلم في جامع بغداد سنة 403هـ ليسمع الحديث، لكن أبا بكر تحول إلى الفقه، فتفقه بكبار الشافعية كأبي حامد الاسفراييني وأبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري وأحمد بن محمد المحاملي، ثم عاد إلى مجالس الحديث في الثامنة عشرة من عمره سنة 410هـ، فسمع من محدثي بغداد، وارتحل في طلب العلم، وجال في الآفاق، ورجع إلى بغداد. وقد حصّل علماً غزيراً، فأقام بها ينشر العلم ويصنف. حج سنة 444هـ، وشوهد منه في سفر الحج مزيد فضل وتعبد، وسمع أيضاً من شيوخ البلاد التي دخلها في سفر الحج، وإثر عودته إلى بغداد قرّبه رئيس الرؤساء ابن المسلمة وزير القائم بأمر الله العباسي (422-467هـ) وأذن له أن يملي الحديث بجامع المنصور، فاجتمع عليه خلق كثير يكتبون عنه ويسمعون منه وقرأ كتابه الضخم «تاريخ بغداد». ثم حدثت فتنة البساسيري واستولى على الأمور من لايؤتمن على الأنفس والأموال، فخشي أبو بكر الخطيب على نفسه، فخرج إلى دمشق مصطحباً كتبه وسماعاته وتصانيفه، وظل مقيماً في دمشق يعقد مجالس الحديث والإملاء في الجامع الأموي، حتى بعد أن علم بهدوء الأحوال في بغداد.

في سنة 459هـ وجد أبو بكر نفسه مضطراً إلى الخروج من دمشق بسبب سعاية بعض الوشاة به، فخرج إلى صور وأقام فيها حتى سنة 462، وهناك اشتد حنينه إلى بغداد، فخرج يؤمها ماراً بصيدا وتابع من طريق الساحل، كلما مر ببلدة أقام بها أياماً، وعقد مجلساً للعلم وباحث العلماء، ولما وصل إلى بغداد التف حوله العلماء، يسمعون تاريخه الكبير، وغيره من كتبه، حتى سنة وفاته وخلّف علماً جماً.

كان للترحال العلمي أثر كبير في تكوين الخطيب البغدادي العلمي، وقد رحل رحلتين:

الرحلة الأولى: عام 412هـ رحل فيها إلى البصرة والكوفة وغيرهما من بلاد العراق.

والرحلة الثانية: إلى الشام، استمرت نحو أربع سنوات إلى سنة 419هـ. وقد سمع الخطيب من شيوخ لايحصون عداً، أشهرهم وأبلغهم أثراً فيه الحافظ أبو بكر البرقاني.

وحدّث عنه خلق كثير، منهم جماعة من الأئمة، فيهم شيخه البرقاني، وأبو عبد الله الحميدي، وابن ماكولا، وابن الأكفاني.

وكان أبو بكر الخطيب دائم الاشتغال بالعلم لايفارق المطالعة، يمشي وفي يده جزء يطالعه، كثير العناية بملبسه وهيئته، جهوري الصوت، يُسمع صوته من آخر جامع بني أمية، متعففاً عن الدنيا، بعيداً عن السلطان وعن التقرب إليه، مهيباً وقوراً، حسن الخط كثير الضبط.

وكان في العقيدة على مذهب أهل السنة والجماعة الأشعريين في الأخذ بمذهب السلف في الصفات.ويوصف أبو بكر الخطيب البغدادي بتعدد جوانبه العلمية التي برع فيها، وأهمها الفقه والحديث والتاريخ.

كان في الفقه بارعاً في المذهب الشافعي، حتى عُدّ «من كبار الفقهاء». لكنه تشدد في مذهبيته حتى غض من علماء الحنابلة في «تاريخ بغداد»، كذلك غض من الحنفية، وذلك بأن ذكر أقوالاً عن قائلين بإسناده إليهم، فيها تحامل على الفريقين، على قاعدة: «من أسند فقد أحالك». وكان خلافه مع الحنابلة أشد، وذلك لما ظهر من بعضهم من تشدد في بعض القضايا أثار خلاف عدد من العلماء معهم، وكان لهذا الخلاف أثره في المحن التي تعرض لها الإمام أبو بكر الخطيب، وبسبب تعصبه لمذهبه وقسوته في تعرضه لمخالفيه نقده بعض العلماء وغضوا منه ومنهم ابن تغري بردي وابن الجوزي.

وكان في الحديث حكماً يرجع إليه الخطباء والوعاظ وله في «علوم الحديث» أثر باق، حتى صارت كتبه مرجعاً للعلماء بعده، وقالوا: «إن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه».

ومن أهم مؤلفاته

ـ «الكفاية في علم الرواية»: استوفى فيه بحث قوانين الرواية، وأصول الحديث وقواعده، مع التحقيق فيها، وما يزال مرجعاً للباحثين في هذا العلم.

ـ «تاريخ بغداد»: وموضوعه يدل عليه اسمه الذي ذكره: «تاريخ مدينة السلام وخبر بنائها وذكر كبراء نُزّالها ووارديها وتسمية علمائها». تظهر فيه سعة اطلاع الخطيب ومنهجيته، فقد وثق المعلومات بإيرادها مسندة إلى أصحابها على طريقة المحدثين، وقفّى مواضع بالنقد، منها نقد عميق للمتن. طبع الكتاب في أربعة عشر مجلداً.

ـ «موضح أوهام الجمع والتفريق» وفيه كشف ما التبس من الأسماء، بأن يُحسبَ الاثنان واحداً أو العكس (مطبوع في الهند في جزأين).

ـ «الرحلة في طلب الحديث» أورد فيه أخبار الراحلين في الحديث الواحد من الصحابة ومن بعدهم، بأسانيدها.

ـ «الجامع لآداب الشيخ والسامع»، وقد ذكروا أن كل من صنف بعد البغدادي كتاباً في علم الحديث كان متأثراً بمؤلفاته.

نور الدين العتر 

الموضوعان ذات الصلة:

 

بغداد ـ ابن ماكولا. 

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ شمس الدين الذهبي، تذكرة الحفاظ (دار إحياء التراث العربي، توزيع دار الباز للنشر، مكة المكرمة).

ـ السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (دار إحياء الكتب العربية، القاهرة).

ـ يوسف العش، الخطيب البغدادي (دمشق 1945).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 854 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة