تميم (قبيله)
Tamim tribe - Tribu Tamim

تميم (قبيلة ـ)

 

قبيلة تميم من أضخم قبائل العرب، وهي تنتمي في نسبها إلى جذم عدنان، وسياق نسبها كمايلي: تميم بن مروان بن أُدّ بن طابخة بن إلياس (خندف) بن مُضَر بن نزار بن معد بن عدنان، وتتفرّع من تميم قبائل وبطون كثيرة ترجع كلها إلى أصول ثلاثة: الحارث،وعَمرو، وزيد مناة.

ومن فروعها المشهورة: العَنبر، والهُجيم، ومازن، والحِرماز، ومِنقَر، وصريم، وقُريع، وأُسَيّد، والبراجم. وأشهر قبائلها: دارم، ويربوع. وكلتاهما تنتميان إلى حَنظلة بن مالك بن مناة بن تميم، ومن بطون دارم: مُجاشِع، رهط الفرزدق. ونَهشل، وعبد الله؛ ومن بطون يربوع: كُلَيب (رهط جرير)، وغُدانة.

لم تكن قبيلة تميم تنزل جميعها في موطن واحد في الجاهلية، لكثرة عددها وتعدد عشائرها وبطونها، فكانت منازلها موزعة بين نجد واليمامة والبحرين.

 كانت لبني تميم مكانة كبيرة في قبائل العرب في العصر الجاهلي، لكثرة عددهم، واتساع مواطنهم. وخاضت تميم وقائع كثيرة في العصر الجاهلي، وكان لها الظفر في بعض هذه الأيام، وهُزمت في أيام أُخر. فمن الوقائع التي خاضتها: يوم رحرحان، انتصر فيه بنو عامر القيسيون على تميم، ورحرحان جبل قريب من عكاظ، ومنها: يوم شِعْب جَبَلَة، وهو أعظم أيام العرب في الجاهلية، وقد انتصر فيه بنو عامر وحلفاؤهم على بني تميم وحلفائهم من ذبيان وأسد، ويوم الرّغَام لبني يربوع على بني كلاب من قيس عيلان؛ ويوم جزع ظلال، لبني فزارة من قيس عيلان على بني تميم؛ ويوم المرّون، انتصر فيه بنو تميم على بني عامر؛ ويوم النّسار، انتصرت فيه تميم وضبّة على بني عامر. ودارت كذلك وقائع كثيرة بين قبيلة تميم وقبائل ربيعة، وكان النصر فيها متداولاً بين الفريقين.

وفي بعض هذه الوقائع اضطرت تميم إلى لقاء دولة الفرس، ومنها: يوم الصَفقة الذي أوقع فيه كسرى أنو شروان بتميم لاعتدائها على قوافله فاحتال في استدراج بني تميم إلى حصن «المُشقَّر»، بدعوى توزيع الميرة عليهم، وأمر رجلاً من أعوانه أن يدخلهم إلى الحصن رجلاً رجلاً، فيضرب أعناقهم.

وبرز من قبيلة تميم في العصر الجاهلي عدد من الشعراء والخطباء، منهم: أوس بن حجر[ر]، شاعر تميم في الجاهلية غير مدافع، وضَمْرَة بن أبي ضَمْرة، والكلحبة العريني هبيرة ابن عبد مناف، وعلقمة بن عبده الملقب بعلقمة الفحل، وعديّ بن زيد العباديّ الذي اتخذه كسرى أنوشروان مترجماً لإحسانه الفارسية والعربية، وسلامة بن جَنْدل؛ وكان من فرسان تميم المعدودين؛ والسّليك بن السُلكة، من الشعراء الصعاليك في الجاهلية، وهو أحد أغربة العرب، قيل لهم ذلك لسواد ألوانهم، والأضبط بن قريع، والأسود بن يعفر. وأشهر خطباء تميم في الجاهلية أكثم بن صيفي[ر] الذي أُثر عنه عدد كبير من الحكم والأمثال.

ومن رجال بني تميم في الجاهلية وأشرافهم: حاجب بن زُرارة بن عُدُس الدارمي، وأخواه لقيط ومَعبد، وكانت السيادة لهم في قبيلتهم، وكان لقيط فارساً شاعراً، وقد رأس قومه يوم شعب جَبلة وقُتل يومئذٍ فرثته ابنته دختنوس، ومنهم عُتيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي، كان يضرب المثل بفروسيته وقد قتل في إحدى المواقع، وقيس بن عاصم المنقري وبجير بن عبد الله بن الحارث وطريف بن تميم العنبري الفارس الشاعر، وصعصعة بن ناجية جدّ الفرزدق الذي عرف بافتداء الموءودات، وعَتّاب بن هَرمْي رِدْف ملوك الحيرة. ومنهم سجاح التي ادعت النبوة بعد وفاة رسول اللهrوقاتلت المسلمين، ثم أسلمت بعد ذلك.

كان بنو تميم في الجاهلية على الوثنية، وكانوا يترددون على سوق عكاظ ويطوفون حول الكعبة، وصنمهم الذي كانوا يقدسونه هو مناة، وتشاركهم في عبادته طائفة من القبائل، وكانت من تميم طائفة على المجوسية، ومنهم لقيط ورهطه.

فلما جاء الإسلام قدم على الرسولr في السنة التاسعة وفد من بني تميم يرأسه عطارد بن حاجب بن زرارة ويصحبه الأقرع بن حابس وآخرون، في وفد عظيم من بني تميم. فلما دخلوا المسجد نادوا رسول اللهe من وراء الحجرات: اخرج إلينا يا محمد. فآذى صياحهم رسول الله، وفيهم نزلت سورة الحجرات ومنها الآية )يا أيها الذين آَمَنْوا لا تَرفَعُوا أصواتَكم فوق صوتِ النبيّ ولا تَجْهَروا له بالقَول كجَهْرِ بعضِكم لبعض، أن تَحْبَطَ أعمالُكم وأنتم لاتشْعُرون( (الآية2). وقد جاء وفد بني تميم لمفاخرة رسول اللهe والمسلمين بخطبائهم وشعرائهم وكثرة عددهم وأموالهم، فخطب خطيبهم وقال شاعرُهم قصيدة فدعا الرسولe خطيبه ثابت ابن شمّاس الأنصاري فأجاب خطيبهم، ثم دعا حسّان بن ثابت فأجاب شاعرهم، فلما سمع بنو تميم ما قاله خطيب الرسول وشاعره أقرّوا بتفوّق أصحاب رسول اللهe وأسلموا.

كان اعتناق بني تميم الإسلام إيذاناً بتحول عظيم الشأن في حياتهم، فقد هاجر جمع عظيم منهم إلى الأمصار المحدثة، ونزل جمهورهم البصرة والكوفة. وبدأت هجرة القبائل العربية إلى العراق والمشرق منذ عهد عمر بن الخطاب، وكان عمر يؤثر توجيه القبائل إلى العراق لقربها من بلاد العرب، وكان يكره أن يحجز بينه وبين مهاجري العرب بحر، وما إن مُصِّرت البصرة والكوفة حتى تدفقت عليهما قبائل العرب لتتخذهما موطناً لها، وكانت تميم في جملة هذه القبائل.

وروعي في تخطيط الكوفة ونزول القبائل فيها الانتماء القبلي ليسهل استنفارها للقتال، فقُسّمت الكوفة أول الأمر إلى أعشار، ثم حُوّلت إلى أسباع، وألّفت تميم والرِّباب وهوازن أحد هذه الأسباع. ولمّا قدم زياد بن أبيه الكوفة حوّل الأسباع إلى أرباع فألّفت تميم وهَمْدان أحد هذه الأرباع.

أمّا البصرة فقد تم تمصيرها سنة 14 للهجرة، في أرجح الأقوال. وكان في مقدمة من استقر فيها حينئذ عُتبة بن غزوان المازني القيسي، وقد نزلها من تميم أكثر ممن نزل الكوفة ومنها انطلقت جيوش المسلمين لفتح بلاد فارس والمشرق، وقد نيط بأحد سادة تميم أمر فتح خراسان وهو الأحنف بن قيس. وقُسّمت البصرة منذ تمصيرها أخماساً، وظلّ نظام الأخماس قائماً طوال عصر بني أمية، وألّفت تميم وإخوتها من ضَبّة والرِّباب أحد هذه الأخماس، وحالف من نزلها من الأساورة الأعاجم بني تميم.

ولمّا فتح المسلمون خراسان استقرت فيها طائفة من قبائل العرب جُلّهم من أهل البصرة، ووفقاً للإحصاء الذي أثبته الطبري كان عدد مقاتلة تميم في خراسان زمن ولاية قتيبة ابن مسلم[ر] زهاء عشرة آلاف.

ومنذ أن استقرت تميم في العراق أصبحت لها مشاركة فعالة في الأحداث السياسية والقبلية طوال عهد الخلفاء الراشدين والعصر الأموي. ففي وقعة الجمل كان مع عائشة أم المؤمنين طوائف من تميم باستثناء بني سعد الذين اعتزلوا القتال استجابة لرغبة سيدهم الأحنف بن قيس، أما تميم الكوفة فقد ظاهروا علياً في صراعه مع معاوية وشاركوا في موقعة صفّين، فلما صار الأمر إلى بني أمية بايعت تميم كلها معاوية بن أبي سفيان.

وشاركت تميم في الفتن القبلية التي نشبت في البصرة والكوفة في أثناء الفتنة الثانية بعد وفاة يزيد بن معاوية وابنه معاوية بن يزيد، وكان تميم البصرة في ذلك الحين جانب عبد الله بن الزبير، ثم ما لبثت قبائل البصرة أن بايعت كلها ابن الزبير. وشاركت تميم كذلك في يوم الجَفرة الذي كان بين أنصار ابن الزبير، وكثرتهم من مضر، وأنصار بني أمية، وكثرتهم من الأزد وربيعة. وكذلك شاركت تميم في الثورتين اللتين قامتا في العراق وهما ثورة عبد الرحمن بن الأشعث التي زعزعت سلطان بني أمية، وثورة يزيد بن المهلب.

ونشبت في خراسان أحداث مماثلة لما وقع في العراق بدافع العصبية القبلية واختلاف الأهواء السياسية والتنازع على السلطان. فقد شبَّ النزاع بين قبيلتين من مضر هما قيس وتميم، وكان على خراسان حينئذ عبد الله بن خازم السلمي القيسي المؤيد لابن الزبير. واتصلت الوقائع بين القبيلتين زهاء سنتين، وأخيراً استطاع ابن خازم الإيقاع ببني تميم، وقد تفرقت جماعتهم، فقتل طائفة من سادتهم وأشرافهم، واستطاع بعد حين أحد رجال بني تميم أن يثأر لأخيه ولمن قتلهم ابن خازم من قومه فقتله وانقادت خراسان لعبد الملك. على أن النزاع ما لبث أن نشب بين بطون بني تميم في خراسان، ووقعت العصبية بينهم لتنازعهم السلطان، ولم تهدأ الأحداث في خراسان إلا بعد أن ولى الحجّاج المهلّبَ بن أبي صفرة خراسان. ولما أعلن قتيبة بن مسلم خلافه لسليمان بن عبد الملك ناهضه بنو تميم وسائر قبائل خراسان، وكانت لتميم يومئذ الكثرة فيها، وانتهى الأمر بمقتل قتيبة بيد أحد بني تميم.

وفي أواخر العصر الأموي نشبت الفتنة بخراسان بين المضرية واليمانية، وانحاز بنو تميم، بطبيعة الأمر، إلى المضرية، ولم يحسم النزاع بينهما إلا بانتزاع بني العباس الخلافة من بني أمية.

وانحازت طائفة من بني تميم إلى الخوارج وشاركت في الوقائع التي دارت بين الخوارج وجيوش بني أمية، وفي بعض هذه الوقائع انقسمت تميم إلى فريقين أحدهم مع الخوارج والثاني يوالي بني أمية، فقد كان لافتراق المسلمين منذ مطلع العصر الأموي إلى فرق ومذاهب دينية أثره في تصدّع وحدة القبيلة.

برز منذ ظهور الإسلام وفي عصر بني أمية عدد كبير من سادة تميم وأشرافها وفرسانها وأمراء الجند ومن الشعراء والخطباء والزهاد وأنصار الفرق الدينية.

فمن رجالهم المشهورين الذين عاشوا في الجاهلية والإسلام (المخضرمين) سادة تميم الذين وفدوا على رسول اللهe في السنة التاسعة ليفاخروه بخطبائهم وشعرائهم ومنهم: سمرة بن عمرو الذي استخلفه خالد بن الوليد على اليمامة، وزهرة بن حويّة الصحابي.

ومن الشعراء المخضرمين: عتيبة بن مرداس؛ ومالك بن الريب الذي رثى نفسه قبل أن يموت؛ وأوس بن مغراء، والمخبّل القريعي ربيعة بن عوف؛ والمستوغر عمرو بن ربيعة، ونهشل بن حرّي، وابن الغريزة، وسحيم بن وثيل الرياحي، ومتمم بن نويرة الذي رثى أخاه مالكاً بمراثٍ حارَّة.

وبرز في عصر بني أمية عدد وفر في قبيلة تميم من الشعراء والخطباء والفقهاء والقادة والأشراف ورؤساء الفرق الدينية، وقد لاتضاهي قبيلة تميم أي قبيلة أخرى في كثرة من اشتهروا من هؤلاء.

فمن أشراف بني تميم وسادتهم: الأحنف بن قيس[ر] سيد تميم البصرة الذي يضرب المثل بحلمه؛ وسَورة بن أبجر الدارمي صاحب سمرقند الذي قتله الترك؛ ومحمد بن عُمير بن عطارد سيد تميم الكوفة، وعتاب بن ورقاء أمير أصبهان، وأعين بن ضبيعة والي البصرة أيام علي.

وممن اشتهر من بني تميم بالتعمق في أمور الدين أو الزهد زُفَر بن الهُذَيل، صاحب أبي حنيفة، والناسك العابد عامر بن قيس، وسلمة بن ذؤيب الفقيه، وإسحاق بن راهويه، أحد أعلام حفاظ الحديث، أخذ عنه ابن حنبل والبخاري.

ومن العلماء شيخ علماء أهل البصرة أبو عمرو بن العلاء المازني، واسمه زبّان بن عمّار، وهو أحد القراء السبعة، وكان أعلم الناس بالأدب والعربية والشعر والقرآن، وهو من مخضرمي الدولتين، توفي سنة 154هـ.

ويلفت النظر أن كثيراً من رؤساء فرق الخوارج في عصر بني أمية كانوا من بني تميم، منهم قطري بن الفجاءة الذي تولى رئاسة الأزارقة وظل تسع سنوات يقاتل بني أمية، وبايعه أتباعه أميراً للمؤمنين، وكان فارساً خطيباً شاعراً، قُتل في إحدى المواقع مع جيش بني أمية. ومنهم أبو بلال مرداس بن أديّة، كان رئيس الخوارج جميعاً قبل افتراقهم، قتله قائد بني أمية عباد بن الأخضر التميمي، وأخوه عروة بن أدية، قتله عبيد الله بن زياد، ومنهم عبد الله بن إباض رأس الفرقة الإباضية، قاتل في أول أمره مع ابن الزبير ثم فارقه، ومنهم آل الماحوز اليربوعيون: الزبير، وعبد الله، وعبيد الله، تولوا رئاسة الأزارقة واحداً تلو الآخر، ومنهم صالح بن مُسَرّح، رئيس فرقة الصفرية وأول من خرج منهم، قُتل في موقعة مع جيش محمد بن مروان، ومنهم عبد الله بن صفّار، من رؤوس الصفرية.

وممن خرج على بني أمية من بني تميم: الحارث بن سريج[ر]، خرج بخراسان وقاتل ولاة بني أمية فيها، وقُتل في موقعة مع نصر بن سيّار؛ وشبث بن ربعي، وقد عاش حقبة من الزمن في الجاهلية ووالى سجاح المتنبئة، ثم فاء إلى الإسلام وانحاز إلى بني أمية، ثم خرج عليهم مع المختار الثقفي، ثم خالفه وقاتله.

وبرز في العصر الأموي عدد جم من الشعراء التميميين يفوق من ظهر من أي قبيلة أخرى، وفي مقدمتهم الفرزدق همّام بن غالب المجاشعي، وجرير بن عطية اليربوعي؛ ومنهم البعيث المجاشعي الذي ناقض جريراً قبل الفرزدق، ومسكين الدارمي والأشهب بن رميلة، وحارثة بن بدر الغُداني، والشمردل اليربوعي، وكثيرون غيرهم.

ومن الرُّجّاز الراجزان المشهوران: العجّاج وابنه رؤبة، وكان رؤبة من مخضرمي الدولتين، ومن شعراء الدولتين أبو الهندي والأحيمر السعدي.

وفي حين كان العصر الأموي حافلاً بالشعراء التميميين فإن العصر العباسي كان ضنيناً بهم ولم يبرز منهم شاعر مشهور، ومن شعرائهم في ذلك العصر العماني محمد بن ذؤيب النهشلي، وأبو نخيلة الراجز، وحفيد جرير عمارة بن عقيل، وهو ابن بلال بن جرير الشاعر، والحكم بن قنبر المازني. ومن مخضرمي الدولتين اثنان اشتهرا بالخطابة واللسن هما: خالد بن صفوان المنقري، وقريبه شبيب بن شيبة، وكانت بينه وبين خالد بن صفوان مساجلات ومنافسة. وممن تولى القضاء من بني تميم في العصر العباسي: سوّار بن عبد الله بن قدامة، ويحيى بن أكثم، تولى القضاء بالبصرة أيام المأمون.

وينتمي إلى بني تميم أسرة بني الأغلب وهي أسرة مشهورة حكمت إفريقية (تونس وماحولها) وكان لها شأن كبير هناك.

 

إحسان النص

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (القاهرة 1969).

ـ ابن الكلبي، جمهرة النسب، تحقيق محمود فردوس العظم (دمشق 1983).

ـ أبو الفرج الأصفهاني، الأغاني (القاهرة 1927).

ـ ابن قتيبة، الشعروالشعراء، تحقيق أحمد محمد شاكر (القاهرة 1966).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السادس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 870 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة