بيهقي (احمد حسين)
Al-Bayhaqi (Ahmad ibn al-Hussein-) - Al-Bayhaqi (Ahmad ibn al-Hussein-)

البيهقي (أحمد بن الحسين ـ)

(384 ـ 458هـ/994 ـ 1066م)

 

أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي. محدث حافظ، وفقيه وأصولي شافعي شيخ الإسلام. ولد في خُسْرَو جِرد، من قرى بيهق، وهي كورة من نواحي نيسابور.

طلب البيهقي العلم صغيراً وابتدأ سماع الحديث وهو ابن خمس عشرة سنة، ثم رحل إلى نيسابور وسمع علماءها، ورواة الحديث فيها، وواتاه الحظ بالسماع من إمام الحديث أبي عبد الله محمد النيسابوري المعروف بالحاكم صاحب «المستدرك» فأفاد منه الكثير، ورحل إلى أقطار كثيرة، فسمع في بلاد خراسان والعراق والحجاز والجبال، وسائر البلاد التي انتهى إليها، وتلقى علوماً كثيرة، وزاد عدد شيوخه على المئة، ولدى عودته من رحلته انقطع في قريته مقبلاً على التأليف، بعد أن صار فارس ميدانه، وأحذق المحدثين في زمانه وأسرعهم فهماً، وأخرج مؤلفات كبيرة وكثيرة لم يُسبق إلى كثير منها.

وكان البيهقي على سيرة العلماء قانعاً باليسير، متجملاً في زهده وورعه. توفي في مدينة نيسابور، ثم نقل جثمانه إلى بيهق ودفن فيها.

توسع أبو بكر البيهقي في تحصيل العلوم، فعني بالحديث عناية شديدة وخصوصاً بالأخذ عن أبي عبد الله الحاكم النيسابوري وتخرج به، وصنف كتباً كثيرة في الحديث، وأضاف إلى ذلك الاعتناء بعلم علل الحديث أي نقد الحديث نقداً دقيقاً يكشف خباياه، واشتغل بالفقه على المذهب الشافعي وصار من أكثر الناس نصرة له، وبرع فيه، وأخذ أصول الفقه وعلم الكلام، وأفاده ذلك عمق النظر في الحديث، والتوفيق بين ما يظن أنه متعارض من الأحاديث، فزاد على شيخه الحاكم أنواعاً من العلوم، وكان واحد زمانه في الحفظ والإتقان والضبط حتى شهد له بالاجتهاد، قال الذهبي: «لو شاء البيهقي أن يعمل لنفسه مذهباً يجتهد فيه لكان قادراً على ذلك، لسعة علومه ومعرفته بالاختلاف»، ولهذا تراه ينفرد بنصرة مسائل مما صحّ فيه الحديث، وفيما عدا ذلك فإنه ينصر مذهب الشافعي، واشتهر بذلك، فقال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني[ر] «ما من فقيه شافعي إلا وللشافعي عليه منة، إلا أبا بكر البيهقي، فإن المنة له على الشافعي لكثرة تصانيفه في نُصرة مذهبه، وبسط موجزه، وتأييد آرائه».

طلب منه الأئمة الانتقال من بيهق إلى نيسابور ليسمعوا منه الكتب التي ألفها، فقدم إليها سنة إحدى وأربعين وأربعمئة، وعقدوا له المجالس لسماع كتاب المعرفة وحضرها الأئمة.

ولم تكن تلك قَدْمَته الوحيدة بل عاود الذهاب إلى نيسابور لإسماع كتبه، وفيها مرض وحضرته المنية.

وكان للبيهقي مراسلات علمية مع بعض أئمة عصره لقيت القبول، ومراسلة مع بعض أولي الأمر في إبطال الحملة على أهل السنة والجماعة.

بورك لأبي بكر في علمه، فقام بالتدريس، وصنف التصانيف النافعة، وأحسن التصرف في علومه ومروياته فجوّد ترتيب كتبه وتوسع فيها بما لا يوجد عند غيره، وكان يلتزم الصحة فيما يورد فيها من الأحاديث.

وكانت كتبه عظيمة القدر عند العلماء لسعة المعارف والرواية فيها، وكان له السبق في أشياء نافعة، لا يلحق إلى مثلها، وجُلبت كتبه إلى العراق والشام والنواحي، وهي كثيرة تزيد على خمسة وعشرين كتاباً، نذكر من أهمها الكتب المطبوعة الآتية:

«السنن الكبير» وهو مصدر هام من مصادر رواية الحديث، مطبوع في عشرة مجلدات، وليس لأحد مثله، وعليه تعليق لابن التركماني سماه «الجوهر النقي» وهو مطبوع بذيله. «معرفة السنن والآثار» في أكثر من عشرة مجلدات. «دلائل النبوة» كبير طبع في ستة مجلدات، إضافة إلى مجلد الفهارس. «شعب الإيمان» مطبوع في ثمانية مجلدات. «الأسماء والصفات» نقل فيه بالأسانيد أقاويل الصحابة والتابعين في أسماء الله تعالى وصفاته، وليس له نظير.

ومن مصنفاته أيضاً: «مناقب الإمام أحمد» و«فضائل الصحابة».

 

نور الدين عتر

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق إحسان عبّاس (دار صادر، بيروت 1978م).

ـ شمس الدين محمد الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرناؤوط وجماعة (مؤسسة الرسالة، بيروت 1405هـ/1984م).

ـ الذهبي، تذكرة الحفاظ (مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد الدكن 1375هـ/1955م).

ـ عبد الوهاب السبكي، طبقات الشافعية الكبرى (مطبعة عيسى البابي الحلبي1385هـ /1966م).

 


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 797 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة