البكري (محمد توفيق-)
بكري (محمد توفيق)
Al-Bakri (Mohammad Tawfiq-) - Al-Bakri (Mohammad Tawfiq-)
البكري (محمد توفيق ـ)
(1287 ـ 1351هـ/1870 ـ 1932م)
أبو النجم محمد توفيق بن عليّ بن محمد الملقب بالبكري الصِّدِّيقي، من أعلام الكتَّاب والشعراء في عصره. بيته أحد بيوتات مصر العريقة، ويرجع بنسبه إلى أبي بكر الصديق، ومنه استمد نسبته هذه (البكري)، وإلى النبيe من جهة سبْطِهِ الحسن. أخرج هذا البيت عدداً من الكبراء والعلماء، كأبي السرور البكري، وابنه ابن أبي السرور.
ولد محمد توفيق في القاهرة، في قصر والده المطل على النيل بجزيرة الروضة، في عهد الخديوي توفيق (1879-1892)، وتلقى العلم في بيته، ثم في المدرسة العلية التي أنشأها توفيق لأنجاله، وكانت خاصة بأبناء السادة والعظماء من المصريين. وحين ألغيت هذه المدرسة سنة 1885م أتم تعليمه في بيته على أيدي مهرة المدرسين. كان الأول في مراحل تعليمه كلها، وأجازه الأنبابي (ت1313هـ) شيخ الأزهر، بطائفة من العلوم في سن مبكرة.
ولاه الخديوي عباس الثاني حلمي (1892-1914)، بعد وفاة أخيه عبد الباقي البكري سنة 1892م،وظائف بيتهم كلها: نقابة الأشراف، والمشيخة البكرية، ومشيخة المشايخ الصوفية، ثم عين في السنة نفسها عضواً في مجلس شورى القوانين وفي الجمعية العمومية. وفي أواخر هذه السنة رحل إلى أوربة وإلى القسطنطينية فأكرمه السلطان عبد الحميد، وقابله مرات عدة، فقلده «النيشان العثماني الأول»، ومنحه رتبة الوزارة العلمية، وهي الرتبة التي أثارت حفيظة الخديوي عباس عليه، وكانت أحد أسباب تغيره عليه. وللبكري قصيدة مشهورة في مدح السلطان عبد الحميد بعد انتصاره على اليونان.
أعفاه الخديوي عباس سنة 1895م من نقابة الأشراف بناء على طلبه، ثم ردها إليه في سنة 1903م. وحين زار ولي عهد إنكلترة مصر سنة 1906، وجه إليه البكري رسالة مفتوحة كانت بليغة الأثر في أنفس المصريين.
غضب عليه الخديوي عباس لتعريضه به لدى السلطان عبد الحميد، وزاد من سخطه عليه إخفاقه في أن يحصل من السلطان العثماني، لرجال سمّاهم له، على مثل ما حصل عليه البكري. فَأَهمَّ ذلك البكري واستولت عليه الوساوس، وخيل إليه أن أعوان الخديوي يطاردونه ليقتلوه، واعتزل الناس في بيته ثلاث سنوات (1909-1912م)، لا يكاد يلقاه إلا أخلص خلصائه، كالشيخ علي يوسف، صاحب جريدة المؤيد. وظلت الوساوس تطارده، مع أنَّ الخديوي أرسل إليه من يهدئ روعه، ثم نقل إلى مصح في لبنان، فبقي فيه ست عشرة سنة (1912-1928م) ثم رُدَّ إلى مصر فعاش في عزلة، حتى مات بعد أربع سنوات.
صنعت شخصية البكري الأدبية عوامل ثلاثة:
ـ نشأة بالغة الخصوصية، فيها الفخامة والترف من جهة، وفيها التوقّي والاحتجاز اللذان يمليهما اعتداد بتاريخ أسرته من جهة ثانية.
ـ قاعدة معرفية عريضة، يسرتها له: أحوال نشأته في أوساط ثقافية رفيعة، وخصوصية تعليمه،ورحلاته. فقد زار أوربة مرتين، لقي فيهما أكابر الرجال، واطلاعه على جانب من ثقافات عصره بلغاتها الأصلية. فقد كان يعرف التركية والفرنسية والإنكليزية، وهذا كله نتيجة ذكاء وأصالة طبع ظاهرين.
- تركيب عصبي بالغ الرهافة. ظهر أثره الوبيل فيما كان من خبر البكري مع الخديوي عباس.
وقد كانت حصيلة هذا كله أدباً فيه حيوية الطبع وأصالة الحس من جهة، وتقيد بأشكال تعبيرية قديمة من جهة أخرى. ولو أن البكري استطاع أن يتخفف من قيود العبارة الفخمة التي كان يلتمسها في آثار المتقدمين، لكان بما تهيأ له في طليعة أدباء العربية في العصر الحديث.
جمع البكري في نتاجه الأدبي النثر والشعر، ولكن شعره قليل بالقياس إلى نثره. ومن آثاره: «بيت الصدّيق» ذكر فيه تاريخ أسرته من عهد الخليفة الأول إلى أيامه. و«صهاريج اللؤلؤ» وهو ديوانه الجامع لشعره ونثره، الدال على منازعه الفكرية والأدبية، بناه على ما يشبه أسلوب المقامات. و«أراجيز العرب»، وهو مختارات من رجز العجاج ورؤبة وغيرهما، وشَرْحُ ذلك. و«فحول البلاغة»، وهو اختيار من شعر طائفة من كبار شعراء العصر العباسي. و«المستقبل للإسلام» و«التعاليم والإرشاد» وهو موجه إلى مشايخ الصوفية.
عز الدين البدوي النجار
مراجع للاستزادة: |
ـ محمد توفيق البكري، صهاريج اللؤلؤ (القاهرة).
ـ عمر الدسوقي، في الأدب الحديث (القاهرة 1951).
ـ أحمد عبيد، مشاهير شعراء العصر (دمشق 1922).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 234 مشاركة :