تاكيتوس
Tacitus - Tacitus

تاكيتوس

(نحو 55ـ120م)

 

بوبليوس كورنيليوس تاكيتوس P.Cornelius Tacitus مؤرخ وخطيب ورجل دولة روماني، ولد في شمالي إيطالية في أسرة نبيلة من طبقة الفرسان، ارتقت إلى أوساط الارستقراطية الامبراطورية، تلقى تعليماً ممتازاً في الخطابة والبلاغة والحقوق ونبغ فيها باكراً، اشتهر بفصاحته ومقدرته الخطابية حتى أن الأديب بلينيوس الأصغر[ر] دعاه أعظم خطباء رومة في عصره. تزوج ابنة القنصل أغريكولا عام 78م، وبدأ صعوده الاجتماعي والوظيفي فتسلم منصب القضاء (برايتور) عام 88م، وصار عضواً في مجلس الشيوخ الروماني، ثم تقلد القنصلية عام 97م في عهد الامبراطور «نيرفا»، وأخيراً تولى منصب والي آسيا الصغرى عام 112م في عهد الامبراطور ترايانوس.

بدأ نشر أعماله التاريخية بعد موت الامبراطور دوميتيان عام 96م وانتهاء عهد الاضطهاد، فجاءت ثمرة ثقافته الواسعة وتفكيره الناضج العميق وخبرته الإدارية والسياسية الكبيرة. تنقسم مؤلفاته إلى مجموعتين تعرف أولاهما باسم المؤلفات الصغرى وهي:

1ـ حياة أغريكولا Agricola: تتضمن سيرة حموه، وأهم إنجازاته وخاصة فتح بريطانية في عهد دوميتيان.

2ـ جرمانية Germania: يصف فيها موطن الجرمان وأصولهم وقبائلهم المختلفة، ويصورهم بصورة مثالية لم يعرف الفساد والانحلال إليهم سبيلاً، على عكس الرومان، ولذلك فهم يمثلون خطراً حقيقياً مستقبلياً على الامبراطورية، ويعد هذا الكتاب أقدم وأهم مصدر تاريخي عن الجرمان.

3ـ حوار حول الخطابة والخطباء Dialogus: يحلل فيه أسباب تدهور فن الخطابة السياسية الذي يعزوه إلى قمع الحريات والتحول من النظام الجمهوري إلى النظام الامبراطوري.

وبعد نشر هذه الأعمال الصغرى، بدأ تاكيتوس عمله العظيم المتمثل في كتابة التاريخ الامبراطوري الروماني من عام 14م حتى عام 96م في مؤلفيه الرئيسين وهما بحسب ظهورهما:

1ـ التواريخ Historiae: ويتضمن تاريخ الأحداث من عام 69م حتى نهاية عام 96م، لم يبق من كتبها الإثني عشر سوى الكتب الأربعة الأولى وبعض فصول الكتاب الخامس، وهي تؤرخ أحداث الحرب الأهلية التي أعقبت مقتل نيرون، والصراع على السلطة حتى وصول فسباسيان عرش الامبراطورية.

2ـ الحوليات Annales: في 16 (أو 18) كتاباً، وهي آخر مؤلفاته وأكثرها نضجاً وعمقاً، وهي تسرد الأحداث من موت الامبراطور أغسطس[ر] عام 14م حتى نهاية نيرون عام 68م، لم يبق منها سوى الكتب الستة الأولى والكتب من 11 حتى 16 (مع بعض النواقص والثغرات).

اتبع تاكيتوس في تاريخه الأسلوب الحولي في سرد الأحداث التي تدور معظمها في رومة، وحول شخصيات الأباطرة ودسائس البلاط، وقد اعتمد على مصادر متنوعة تتمثل في الخطب والرسائل والمذكرات والوثائق الرسمية، كما استعان بمؤلفات تاريخية مفقودة إضافة إلى تجاربه الشخصية ومعايشته أحداث عصره، وكان يؤكد أنه يريد كتابة التاريخ (بلا حقد ولا تحيز)، لكنه تأثر بأجواء الطغيان التي سادت في عهد دوميتيان وبآراء الطبقة الارستقراطية المناهضة للحكم الامبراطوري الذي يتعارض مع مثل الجمهورية الرومانية في الحرية والفضيلة. كان مؤرخاً يمتلك نظرة ثاقبة إلى الأحداث وخفايا النفس البشرية التي يعريها ويكشف أعماقها كما لم يصنع مؤرخ آخر قبله، صور مساوئ استبداد الأباطرة بتفاصيل خالية من الرحمة والشفقة، ورسم شخصياته بألوان قاتمة وسخرية لاذعة وأسلوب معبر يجمع بين الإثارة والجزالة.

امتاز تاكيتوس بروعة أسلوبه ودقة عبارته وتصويره الرائع لشخصياته متأثراً بالمؤرخ سالوست وأسلوبه، وهو يمثل ذروة التدوين التاريخي الروماني الذي تطور على مدى ثلاثة قرون، والنابع من تقاليد مجلس الشيوخ والطبقة الارستقراطية الرومانية. وكان له تأثير كبير على المؤرخين اللاحقين وخاصة أميانوس مركلينوس، وقد رأى فيه عصر الثورة الفرنسية مؤرخ الجمهورية الرومانية وعدو الطغيان بلا منازع، وصارت شخصياته التاريخية موضوعاً لأعمال أدبية كثيرة. وهكذا فإن تاكيتوس كان، بلاشك، من كبار المؤرخين القدماء، وأعظم مؤرخ روماني على الإطلاق، وإن كان يؤخذ عليه اهتمامه الكبير بتاريخ رومة والأباطرة والبلاط وإهماله تاريخ الامبراطورية والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. وقد نُشرت مؤلفاته في طبعات محققة، وتُرجمت إلى كثير من اللغات الحديثة.

 

محمد الزين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

بلينيوس ـ ترايانوس ـ دوميتيان.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ول ديورانت، قصة الحضارة، مج3/ج10 (القاهرة 1973).


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 851 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة