برونو (جوردانو)
برونو (جوردان)
Bruno (Giordano-) - Bruno (Giordano-)
برونو (جوردانو ـ)
(1548 - 1600)
جوردانو برونو Giordano Bruno(ويعرف باسم جيوردانو برونو) فيلسوف ورياضي وفلكي إيطالي، اسمه الحقيقي فيليب نولانو، من أبرز خصوم الفلسفة الأرسطية والنزعة المدرسية (السكولائية)، والكنيسة الكاثوليكية الرومانية إبان عصر النهضة. كان فكره خليطاً من الفلسفة والتصوف والسحر. اعتقد بالديانة المصرية المعروفة بالهرمسية.
ولد برونو في نولا Nola بإيطالية قرب نابولي. درس العلوم الإنسانية والمنطق والجدل في نابولي سنة 1562، ثم التحق في سنة 1565 بجماعة دينية تدعى الدومينيكان الرومان الكاثوليك، وانتحل اسم جيوردانو. ثم درس اللاهوت سنة 1572 في نابولي. ومع عمله واعظاً كنسياً لفترة قصيرة قرأ شروحاً محرمة لإرازموس، وناقش البدعة الآريوسية[ر] التي تنكر ألوهية السيد المسيح، وأدى به قلقه الروحي ونقده الفكري إلى الشك في تعاليم الكنيسة، فهجر النظام الدومينيكاني سنة 1576. وفرَّ إلى العواصم الأوربية يلقي المحاضرات ويثير الخلافات. فانتقل إلى شمالي إيطالية ثم ذهب إلى جنيف بسويسرة حيث اهتدى إلى مذهب الكالفينية[ر.البروتستنتية] لفترة وجيزة. ثم غادر إلى فرنسة وإنكلترة فألمانية حيث اعتنق مذهب اللوثرية لزمن قصير. أدت ميول برونو إلى نقد الفلسفات والديانات القائمة، مما سبب له صراعاً مع بعض قيادات الكنيسة، فاتهم بالزندقة.
كان برونو يأمل أن يوصله مذهبه إلى الوحدة الدينية الحقيقية التي عارض بها وحدة المصلحين البروتستنتيين، أصحاب العقليات المعادية للمجتمع، ووحدة الكاثوليكية، المتعصبة، المتشائمة، المعادية للطبيعة، ووحدة اليهودية بإلهها الغيور والدموي. وقد ربط تلك الوحدة الدينية الحقيقية بالديانة الهرمسية، واعتبرها ديانة أشرف من المسيحية، وأنها أمل العالم في علاج الحروب وأشكال البؤس والاضطهاد. ولكون هذه الديانة غنوصية[ر] اتهمته محكمة التفتيش العليا في رومة عام 1600 بالهرطقة، وأُحرق في تولوز بعد أن قضى ثماني سنوات في السجن.
كان برونو يطمح إلى بناء فلسفة شاملة؛ لذلك حاول الاستفادة من الفلسفات السابقة له. فوضع محاوراته الفلسفية الرئيسية: «في العلة والمبدأ الواحد» و«في العالم اللامتناهي وفي العوالم». وقد تكونت نظرته الكلية تحت تأثير الفلسفة الأفلاطونية المحدثة والفيثاغورية ثم الفلسفة المادية عند أمبادوقليس و أنكساغوراس وديموقريطس. وقد وقع أيضاً تحت تأثير المفكرين الأحرار الماديين في عصر النهضة والعلم في أيامه، وخاصة نظرية كوبرنيكوس عن مركزية الشمس للكون، وإنما منقحة بفرضية لا تناهي العوالم في الكون، لأنه وحد بين الربوبية اللانهائية والطبيعة بشكل متماسك. فجردها من الأساس الرياضي، ولم يقل مثله بعالم ثابت مغلق.
دحض برونو الثنائية الفلسفية الطبيعية في النزعة المدرسية، وأكد تجانس الأرض والأجرام السماوية، وقال بأنها تتكون جميعها من التراب والماء والهواء والنار والأثير.
ويبرز تأثير الأفلاطونية المحدثة بوضوح في رؤية برونو للعالم، فطرحه لقضية تسلسل الماهيات (الله، العقل، النفس، المادة) يستدعي إلى الذهن الأقانيم الأفلاطونية المحدثة. وهذه الأقانيم كلها ترتد إلى أقنوم واحد هو الحياة التي هي في آن معاً واحدة وكثيرة، وبالتحديد حياة الكون. فأقر بوجود نفس كلية، فهمها على أنها مبدأ الحياة كجوهر روحي يتخلل جميع الأشياء في العالم ويكون مبدأها المحرك. فكان مذهبه بذلك ديناميكياً. وبرونو في هذا المضمار- كمعظم الماديين القدماء ـ يؤمن بمذهب الأرواحية، ويدافع بحماس عن النظرة الكلية المادية للعالم التي تصورها على شكل وحدة وجود؛ يقر بأن المادة جوهر فعال متحرك بذاته، وأن الإنسان ووعيه جزء من الطبيعة التي هي كل واحد.
طور برونو أيضاً عدداً من القضايا الجدلية: حول الوحدة والاستقلال والحركة الكلية في الطبيعة، وتطابق الأضداد في اللامتناهي الكبر واللامتناهي الصغر. كما قال بنظرية في تدريب الذاكرة حتى تصفو فتكون مرآة صادقة للعالم.
كان لبرونو تأثير كبير في حركة الفكر الفلسفي والعلمي في القرن السابع عشر، كما عُدَّ رمزاً لحرية التفكير في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.
سوسن البيطار
الموضوعات ذات الصلة: |
النهضة (عصرـ).
مراجع للاستزادة: |
- Sidney Greenberg, Giordano Bruno: The Infinite in Giordano Bruno (U. S 1950).
- Dorothea W. Singer, Giordano Bruno, His Life and Thought (London 1950).
- التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 51 مشاركة :