بونا فنتورا (قديس)
Bonaventure (Saint-) - Bonaventure (Saint-)

بونا فنتورا (القديس ـ)

(1217 ـ 1274)

 

 القديس بونا فنتوراGiovanni di Fidanza, Bona Venture فيلسوف إيطالي من أتباع الفلسفة المدرسية الوسيطة، وأحد أعلام التيار الأوغسطيني في القرن الثالث عشر، وزعيم النظام الفرنسيسكاني، تتلمذ على يد الكسندر الهاليسي، وقد عارض الأفكار التقدمية في زمانه واضطهد روجر بيكون[ر].

ولد في بينوريا Bagnorea في توسكانة Tuscany بالقرب من فيتربو Viterbo. حصل على درجة الماجستير في الفنون من جامعة باريس، وانضم إلى رهبانية الفرنسيسكان سنة 1240، ودرس اللاهوت في جامعة باريس، فحصل على درجة البكالوريوس عام 1248. بدأ محاضراً في جامعة باريس عن إنجيل لوقا ثم عن الأناجيل الأخرى. وقد رُسِّم قديساً عام 1252، وتولى منصب أستاذ اللاهوت في جامعة باريس، ثم مُنح درجة الماجستير في اللاهوت، وبقي في هذا المنصب حتى عام 1257، حين أُعلن رئيساً عاماً للرهبان الفرنسيسكان ومنحه البابا لقب دكتور.

ألقى عام 1273 مجموعة محاضرات في جامعة باريس، تمخضت عن كتاب «المباحث في الأيام الستة». وحينما تولى غريغوار العاشر كرسي البابوية عينه كردينالاً واستمر في هذا المنصب حتى وفاته.

تأثرت فلسفة بونافنتورا بالأفكار الأفلاطونية والأفلوطينية الجديدة[ر]، تبلغ كتبه الفلسفية واللاهوتية عشرة، أهمها: شرحه على «كتاب الأحكام» لبطرس اللومباردي وهو تدوين دروسه في الجامعة، و«عن معرفة المسيح»، و«سر الثالوث الأقدس»، و«الوجيز في اللاهوت النظري»، ويمثل خروجاً على المنهج المدرسي المألوف في عرض الأفكار وتناولها و«إرجاع الآداب إلى اللاهوت» و«رحلة العقل إلى الله». وكذلك مجموعة مقارنات بين النصوص عقدها بونا فنتورا في سلسلة من المؤتمرات المسائية غير النظامية، قُدمت إلى أعضاء رهبانية باريس وتتضمن «الوصايا العشر» عام 1267، «الهبات السبع للروح القدس» عام 1268. وهذه كلها تعكس النزعات الرشدية في كلية الفنون في باريس ورد بونا فنتورا عليها. والحكمة المثلى عنده لاهوتية صوفية: فمهمة الفلسفة معاونة اللاهوت والتكمل به، ومهمة اللاهوت التوجه إلى التصوف والانتهاء إلى الجذب، والفلسفة الحقة هي التي تتخذ من دراسة الله نقطتها المركزية.

ويأخذ بونا فنتورا نظريته في «الفيض» أو الصدور Emanation من الفارابي[ر] وابن سينا[ر] وابن رشد[ر] ليبرهن صدور العالم عن الله، المبدأ الأول للوجود، بعملية أزلية ومحتومة، بوساطة سلسلة من العلل المتناقضة في الكمال، وقد صممت هذه النظرية للمصالحة بين عالم أرسطو الأزلي ومفهوم الخلق في القرآن.

فقد سعى بونا فنتورا للتوفيق بين نظرية الفيض واللاهوت المسيحي، بقوله إن الكون حادث في الزمان، ومخلوق من العدم بوساطة مبدأ واحد فقط، هو المبدأ السامي.

رفض بونا فنتورا القول بأزلية العالم وأزلية المادة، ومبدأ ثنائية الخير والشر، ووجود العلل الوسيطة، وأقر في نظريته المعرفية أن المرحلة القصوى للإدراك هي الحالة التي تعلو الطبيعة في التأمل الصوفي، إذ يتحد الإنسان مع الله. وتمسك في جدله حول الكليات بموقف الواقعية.

تبنى بونا فنتورا نظرية ابن جبرول Avicebron في تركيب الهيولى والصورة، لما هو روحي إضافة إلى المخلوقات المادية. فالمخلوقات تحتوي على شيء من الوجود بالقوة، «والله وحده هو الفعل المحض»، لذلك فإنها تمتلك شيئاً من المادة لأنه بحسب أرسطو المادة هي مبدأ الوجود بالقوة ومصدره. هذه المادة الروحية توجد في كل من الملائكة والنفس الإنسانية، ولاتنفصل مطلقاً عن صورتها الروحية. لكن هذه الجواهر الروحية غير خاضعة للتغيير، فهي لاتموت ولاتتفسخ مثل الأجسام الأرضية.

واتخذ موقفاً وسطاً بين الفئات المتطرفة في النظام الفرنسيسكاني التي اختلفت حول موضوعات الزهد الإنجيلي ومتابعة الدراسات العليا. فأعماله ليست كلها تعبيرات نظرية عن موهبته في التركيب الفلسفي فقط، بل إنها خدمت أيضاً الهدف العملي في إسكات الرهبان المناهضين لمتابعة التعليم الذين يزعمون أن الحياة الأكاديمية لاتتوافق مع الأهداف التنسكية لاتباع القديس فرنسيس.

 

بشار سالمة

 

مراجع للاستزادة:

 

- S. J. Frederick Copleston, A History of Philosophy. Volume2, Part I Image Books (Garden City, New York 1962).

- Etienne Gilson, History of Christian Philosophy in the Middle Ages (New York, 1955).


- التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد - النوع : دين - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 634 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة