بوخارين (نيقولاي إيفانوفتش-)
بوخارين (نيقولاي ايفانوفتش)
Buharin (Nikolay Ivanoviç-) - Buharin (Nikolay Ivanoviç-)
بوخارين (نيكولاي إيفانوفتش ـ)
(1888 ـ 1938)
نيكولاي إيفانوفتش بوخارين Nicolai Ivanovitch Boukharine من أشهر المنظرين الاقتصاديين الماركسيين، ومنظري الفلسفة المادية الآلية، وأصغر القادة البلاشفة الستة الذين ذكرهم لينين في وصيته. ولد في موسكو عام 1888 لأبوين يعملان في التعليم، انضم عام 1905 إلى المنظمة الثورية للطلاب، ولما سجل في جامعة موسكو عام 1906 انضم إلى الحزب العمالي الديمقراطي ـ الاجتماعي الروسي، وفي عام 1908 صار عضواً في لجنة موسكو عن الجناح البلشفي للحزب. اعتقل مرات عدة، ونفي إلى أونيغة عام 1910، ولكنه استطاع الفرار إلى أوربة الغربية حيث التقى لينين في كراكوف عام 1912. وفي هذا الوقت بدأ نشاطاته الأدبية، فكتب سلسلة من المقالات هاجم فيها ناقدي الماركسية والماركسيين الشرعيين، نشرت فيما بعد عام 1924 تحت عنوان «هجوم».
في شتاء 1912-1913 استمع بوخارين في فيينة إلى محاضرات أوجين بوهم ـ بافرك[ر] Eugen BohmVon Bawerk في الاقتصاد السياسي، وهو زعيم المدرسة النمساوية في الاقتصاد. وكتب بوخارين آنذاك مؤلفه «النظرية الاقتصادية عن الطبقة المرفهة التي لا تعمل» الذي ينظر إليه في الأوساط الماركسية على أنه خير تفنيد ودحض لنظريات زعيم المدرسة النمساوية. بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى اعتقلت الشرطة النمساوية بوخارين بتهمة التجسس، وطرد فيما بعد إلى سويسرة، حيث انضم إلى البلاشفة في معركتهم مع الماركسيين الذين أيدوا الحرب تحت ذريعة «الدفاع عن الوطن الأم» وكتب في الوقت ذاته كتاباً جديداً «الامبريالية والاقتصاد العالمي» (1915). ثم انتقل بوخارين من سويسرة إلى السويد، فالنروج، ثم وصل عام 1916 بطريقة غير قانونية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث التقى تروتسكي الذي كان قد طرد من فرنسة. وبعد اندلاع ثورة شباط عام 1917 عاد إلى موسكو عن طريق اليابان وسيبيرية، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لسوفييت موسكو في شهر آب 1917. وفي شهر كانون الأول 1917 صار رئيس تحرير «البرافدا»، ولم يلبث أن استقال من هذا المنصب عام 1918 بعد أن اختلف مع لينين حول معاهدة بريست ـ ليتوفسك، إذ كان يميل في الواقع إلى استمرار محاربة ألمانية، وبعد مدة وجيزة استرد مركزه في «البرافدا».
كان بوخارين في ذلك الوقت على رأس مجموعة من الشيوعيين، ونادى بالحرب الثورية، وعارض فكرة تقديم تنازلات لرأس المال الأجنبي من أجل تطوير الصناعة في الاتحاد السوفييتي، كما عارض فكرة استخدام الاختصاصين البرجوازيين، ورحب بشيوعية الحرب التي فرضتها ضرورات الحرب الأهلية وبدت وسيلة أسرع للوصول إلى المجتمع الشيوعي. وقد وضح بوخارين أفكاره هذه في كتاب «اقتصاد المرحلة الانتقالية» 1920، وفي كتابه الوجيز الذي ألفه بالاشتراك مع بريو براجنسكي «أبجدية الشيوعية» 1921، كما نشر في العام نفسه «النظرية المادية التاريخية»، وفيه نظرة حتمية أو آلية، كما ساند مجموعة من الكتاب الذين نادوا بأدب بروليتاري، خلافاً للينين وتروتسكي اللذين امتنعا عن إخضاع مبادئ الأدب والفنون إلى تقلبات زمن مضطرب كدكتاتورية البروليتارية، بانتظار ازدهار ثفافة مجتمع لا طبقي هيأته الثورة. ولكنه أقسم إنّ سلوكه في تلك المرحلة على رأس الجناح اليساري كان خطأ.
وبين عامي 1918 و1927 شغل بوخارين عدداً من المناصب الحزبية المهمة في اللجنة المركزية والمكتب السياسي، وكان في الوقت ذاته واحداً من أهم قادة (الكومنترن والأممية الثالثة)، وقام بهذه الصفة بعدد من الرحلات إلى خارج البلاد، وشارك في وضع برنامج الأممية الثالثة، وابتداء من عام 1924 صار بوخارين زعيماً صريحاً للنزعة اليمينية في الحزب، وساند «الوسط» الذي كان يتزعمه ستالين، وعارض بوخارين زميله القديم بريو براجنسكي حين نادى بالاستثمار الصناعي والتخطيط، وطالب بوخارين بدمج الكولاك (الفلاح الغني) في النظام الاشتراكي، وحل محل زنيوفييف في رئاسة الأممية الشيوعية (الثالثة).
وكان بوخارين الزعيم الرئيس لنظرية «الاشتراكية في بلد واحد»، وقد أدخلها في البرنامج الذي أعد قسماً كبيراً منه، واعتُمد في مؤتمر الأممية الشيوعية السادس (1928)، والذي نقده تروتسكي بعنف، وخلافاً لسلوكه السابق اتبع بوخارين سلوك العنف مما تسبب في طرد تروتسكي وزنيوفييف من الحزب، وكل المعارضة اليسارية. وقد افترق بوخارين عن ستالين عام 1929 افتراقاً قطعياً عندما باشر ستالين سياسة يسارية متطرفة لمواجهة صعوبات البلد الغذائية، إذ أمم الأراضي الريفية وألغى كل عنصر ديمقراطي في الحزب، ومنها النقابات في البلد إجمالاً، ومنذ نهاية 1928 ارتاع بوخارين من مناهج ستالين، وصرح في مناقشات سرية مع المستبعدين القدامى من الحزب: «إنه جنكيز خان آخر» و«سيدمرنا جميعاً». كما قال أيضاً: «إن الأمر الأسوأ ينتج من اندماج الحزب في الدولة».
وبدءاً من عام 1929 كان بوخارين ما يزال يشغل مناصب رسمية، ولكنه لم يعد يمارس أي سلطة، وبقي اسمه يظهر رئيس تحرير لصحيفة «إزفستيا» حتى 16 شباط 1937 مع أنه كان موقوفاً منذ أكثر من عام، وكان بوخارين المتهم الرئيس في محاكمة «جبهة اليمينيين والتروتسكيين المناوئين للحكم السوفييتي» التي جرت ما بين 2-13 آذار 1938، وقد وجهت إليه اتهامات كثيرة، منها التآمر لإطاحة ستالين، والجاسوسية لحساب الدول الكبرى لتمزيق الاتحاد السوفييتي، ومحاولة اغتيال لينين عام 1918، وقد أعدم فوراً بعد المحاكمة.
وقد جرت مراجعة مهمة للتاريخ في الاتحاد السوفييتي في ضوء الخطط الجديدة لإعادة البناء (البيروسترويكا) [ر]، وتقرر في شباط 1988 إعادة الاعتبار لشخصية نيكولاي بوخارين.
كمال غالي
الموضوعات ذات الصلة: |
البلشفية ـ ستالين ـ لينين ـ الماركسية.
- التصنيف : السياسة - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 477 مشاركة :