المركبات الجوية والفضائية (صناعة-)
مركبات جويه فضاييه (صناعه)
Aerospace industry - Industrie aéronautique
المركبات الجوية والفضائية(صناعة ـ)
تُعنى صناعة المركبات الجوية والفضائية aerospace industry بتصميم المركبات المُعَدّة للتحليق فوق سطح الأرض، داخل الغلاف الجوي أو خارجه، وإنتاجها. وتشمل صناعة المركبات الجوية والفضائية الطائرات بمختلف أنواعها والصواريخ الموجهة والمركبات الفضائية ومحركات الطائرات ووحدات الدفع، والأجزاء ذات الصلة التي تغطي طيفاً واسعاً، بدءاً من أنظمة التحكم المتقدمة حتى أحزمة المقاعد. كما ينضوي تحت لواء تلك الصناعة فحص المركبات وتعميرها وصيانتها.
لمحة تاريخية
تعود جذور صناعة المركبات الجوية والفضائية إلى أول عملية طيران في التاريخ للأخوين رايت Wright في كيتي هوك Kitty Hawk بولاية كارولاينا الشمالية في السابع عشر من كانون الأول/ديسمبر عام 1903. وظلت صناعة الطائرات خشبية الهيكل في يد مجموعة من رواد الصناعة حتى الحرب العالمية الأولى. وانتشر استخدام الطائرات المعدنية المزودة بمحركات عالية الأداء في الثلاثينات من القرن العشرين، لأغراض البريد الجوي ونقل الركاب المدنيين في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية.
ثم شهدت هذه الصناعة في أثناء الحرب العالمية الثانية تطوراً كبيراً مع إدخال وحدات الإنتاج الضخمة التي أنتجت عشرات الآلاف من الطائرات. وأثمرت البحوث والدراسات في أثناء الحرب العالمية الثانية عن تطوير الرادار وأنظمة التحكم الإلكترونية والطائرات النفاثة والصواريخ الحربية.
وبعد الحرب العالمية الثانية أسهم التنافس بين الاتحاد السوڤييتي والولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على الفضاء، في تحقيق إنجازات كبيرة وآفاق جديدة في مجالات التقانات الجوية والفضائية. وقد شغل تطوير المركبات الفضائية وتصنيعها، منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، حيزاً كبيراً من نشاطات الصناعات الجوية والفضائية السوڤييتية والأمريكية على حد سواء.
ومع انقضاء القرن العشرين، تحولت شركات التصنيع الجوي والفضائي في مختلف أرجاء العالم إلى إنتاج صواريخ وسواتل[ر] ومركبات فضائية للأغراض السلمية من اتصالات وملاحة ودراسة للأحوال الجوية وغير ذلك من التطبيقات، بعد أن كانت حكراً على التطبيقات العسكرية وغزو الفضاء.
الإطار العام لصناعة المركبات الجوية والفضائية
يطرح تصميم المركبات الجوية والفضائية تحدياً مستمراً لأسباب عديدة. فقد أولت هذه الصناعة، انطلاقاً من وجهة نظر تقانية، خفة الوزن وعلو الفاعلية وكبر الوثوقية أهمية بالغة، إضافة إلى المتطلبات الخاصة بالمشروعات العسكرية والفضائية، المتمثلة في متانة الأداء وحسن العمل ضمن البيئات المعادية.
وقد اعتُمِدت المتطلبات نفسها في طائرات النقل المتطورة، ثم في الجيل التالي من أنظمة النقل الأرضية كالقطارات عالية السرعة. وتؤدي بذلك صناعة المركبات الجوية والفضائية وتقاناتها دوراً مؤثراً في تطور القطاعات الصناعية والاقتصادية الأخرى.
تعتمد صناعة المركبات الجوية والفضائية على أحدث التقانات التي تجمع بين العلوم الفيزيائية والرياضيات والحواسيب. ونتيجة لهذا الترابط التقاني، تدفع الصناعة الجوية والفضائية نحو مزيد من التقارب بين البرمجيات الحاسوبية والمواد والوثوقية والتصنيع.
وتجدر الإشارة إلى أن المستوى العالي من التعقيد الذي تشتمل عليه هذه الصناعة والحاجة إلى كفاءات بشرية متنوعة ومتميزة يسهمان في توفير كم كبير من الوظائف عالية الأجر تغطي كامل الطيف من التصميم إلى التصنيع.
تصنيف صناعة المركبات الجوية والفضائية
يمكن تصنيف تصنيع المركبات الجوية والفضائية في ثلاث فئات رئيسية: الطائرات التجارية والدفاع والفضاء.
1ـ الطائرات التجارية
تشمل هذه الفئة طائرات نقل الركاب المتوسطة السعة (100- 200 راكب) والصغيرة إضافة إلى طائرات الشحن الجوي والطائرات العمودية وغيرها.
وتحتكر شركتا بوينغ Boeing الأمريكية بطائرتها 747 التقليدية وإيرباص Airbus الأوربية بطائرتها A380 الحديثة (التي تبلغ سعتها 650 راكباً) سوق الطائرات التجارية الكبيرة. أما في سوق الطائرات المتوسطة والصغيرة (الرائجة على الخطوط الداخلية) فتتعرض الشركتان لمنافسة من شركات أخرى، وعلى الأخص من شركة بومبارديه Bombardier الكندية بسلسلتي طائراتها CRJ وQ، ومن شركة إمبرير Embraer البرازيلية بسلسلتي طائراتها ERJ وEmbraer.
2ـ الدفاع
تشير الإحصائيات إلى أن الإنفاق العالمي على المركبات الجوية والفضائية المرتبطة بالأغراض الدفاعية قد بلغ نحو 197.4 بليون دولار في عام 2002. وتسيطر ست شركات على أكثر من 55% من السوق العالمية هي: لوكهيد مارتن Lockheed Martin وبوينغ وريتون Raytheon وبي أيه إي للأنظمة BAE Systems (ومقرها بريطانيا) ونورثروب غرومان Northrop Grumman وجنرال ديناميكس General Dynamics. كما تأخذ الشركات الروسية حصة لا بأس بها من هذه السوق.
تشمل هذه الفئة الطائرات الحربية بمختلف أنواعها (المقاتلة النفاثة والقاذفة وناقلة الجنود والعمودية) والصواريخ بأنواعها (من الموجهة التي تحمل رؤوساً نووية إلى الصغيرة المحمولة).
وقد سيطر إنتاج الطائرات العسكرية طويلاً على مجال إنتاج الطائرات، إلا أن ازدياد الطلب على الطائرات التجارية في أرجاء العالم وتخفيض الإنفاق العسكري عموماً أواخر القرن العشرين قد وضع حداً لتلك السيطرة.
3 ـ الفضاء
تقوم شركات الفضاء بتصميم وبناء مركبات فضائية للأغراض العسكرية والتجارية وأيضاً لاكتشاف الفضاء. وتشمل منتجات هذه الفئة من الصناعة المركبات الفضائية غير المأهولة كالسواتل والمسابير الفضائية، والمركبات الفضائية القابلة للقيادة، والصواريخ التي تستخدم لحمل تلك المركبات خارج الغلاف الجوي وفي الفضاء.
يمثل تصنيع السواتل وتصنيع الصواريخ الحاملة وخدمات الإطلاق المرتبطة بها الجزء الأهم في هذه الفئة. وقد بلغ حجم مبيعات هذا القطاع 13.8 بليون دولار في عام 2002، منها 7.5 بليون دولار لصناعة السواتل و6.3 بليون دولار لصناعة الصواريخ الحاملة. وقد شكل سوق السواتل التجارية (التلفزة والهاتف والتقانات المرتبطة بالإنترنت) 44% من إجمالي سوق السواتل. وتسيطر ست شركات على الصناعة الساتلية هي قسم السواتل التابع لبوينغ وقسم السواتل التابع للوكهيد مارتن وقسم الفضاء التابع لشركة ألكاتل Alcatel الفرنسية وأستريوم Astrium الأوربية ولورال سبيس أند كومينيكيشن Loral Space and Communications وأوربيتال ساينسز Orbital Sciences. كما تحتكر سبع شركات سوق إطلاق الصواريخ وهي أريانسبيس Arianespace وبوينغ وكرونيتشف Krunichev الروسية ولوكهيد مارتن وستارسيم، وصناعات السور العظيم Great Wall Industries الصينية وأوربيتال ساينسز.
الأهمية الاقتصادية
تحتل هذه الصناعة مكانة متميزة في اقتصاد الدول المصنعة، وتحظى بعناية خاصة من قبل حكوماتها. إذ تحفز هذه الصناعة العالية التقانة الابتكارات التقنية، وتسهم في تطوير الصناعات الأخرى مما يحقق اقتصاداً مزدهراً عريض القاعدة.
ويمتلك أكثر من 40 بلداً حول العالم صناعات تدخل في عداد إنتاج المركبات الجوية والفضائية. وقد ازدهرت الصناعة الجوية والفضائية في الثمانينات من القرن العشرين مع ازدياد الطلب على النقل الجوي وزيادة طلبات شركات الطيران لطائرات حديثة. إذ تضاعف على سبيل المثال عدد الطائرات التجارية النفاثة المصنعة بين عامي 1980 و2000.
إلا أن خفض الإنفاق العسكري عالمياً مع انتهاء الحرب الباردة أثر كثيراً في نمو هذه الصناعة سواء في الولايات المتحدة أم الدول المتقدمة الأخرى. فقد شكل القطاع العسكري تاريخياً أكثر من نصف العائدات. كما تركت حربا الخليج وأحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001 آثاراً سلبية في القطاع المدني. ومن ثم ازداد الطلب على الخدمات الجوية (كالصيانة ومراقبة الحركة الجوية والتأجير والتدريب)، حيث تجاوزت قيمتها قيمة الإنفاق على شراء طائرات جديدة.
وتبدّى ذلك الأمر سلباً على عدد العاملين في هذه الصناعة. إذ بلغ عدد المستخدمين بصورة مباشرة من قبل الصناعة الجوية والفضائية الأمريكية 574 ألف أمريكي في عام 2004، بانخفاض قدره 57٪ عن عدد العاملين في عام 1989. كما أن اتساع رقعة المنافسة في سوق الصناعة الجوية والفضائية نتيجة دخول دول عدة كالصين وروسيا والبرازيل وكندا واليابان وغيرها، قد قلّص حصة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي، إذ انخفضت على سبيل المثال حصة الولايات المتحدة من سوق الصناعة الجوية والفضائية العالمي إلى 52٪ في عام 2004 بعد أن بلغت 72٪ في عام 1985.
واستخدمت الصناعة الجوية والفضائية الأوربية 410 آلاف شخص بصورة مباشرة في عام 2003، وأدخلت 74 بليون يورو (65٪ من المشروعات المدنية و35٪ من الدفاع)، وبلغت الصادرات أكثر من نصف المنتجات. واستُثمرت 14٪ من العوائد في البحث والتطوير. وقد أدى نجاح شركة أيرباص في سوق الطائرات المدنية دوراً كبيراً في هذا الازدهار.
وتسعى دول جديدة إلى دخول هذه الصناعة مثل كوريا الجنوبية، التي يتوقع أن تقوم بدور رئيس في نمو الصناعة الجوية والفضائية في آسيا، وأن تبلغ في عام 2015 مرتبة متقدمة بين الدول المصنِّعة في العالم.
معايير الصناعة الجوية والفضائية
تتطلب الصناعة الجوية والفضائية تحقيق جميع عناصر سلسلتي الإنتاج والتزويد لمستويات متميزة من الجودة والأداء بما يضمن أمن المنتجات ووثوقيتها.
وقد اعتمدت الصناعة الجوية والفضائية في السابق على معايير وزارة الدفاع الأمريكية بصورة كبيرة، وطبق أعضاء هذه الصناعة في كثير من البلدان المعيار الأمريكي ميل 9858 أيه (MIL-9858A) أو ما يكافئه على أنظمة إدارة الجودة. لكن القطاع الخاص تمكن في السنوات الأخيرة من تحقيق تقدم مذهل في التقانة الجوية والفضائية. ومع تبني العديد من الصناعات للإيزو 9001 International Organization for Standardization, (ISO 9001) معياراً لنظام الجودة، حذت منظمات كثيرة في مجال الصناعة الجوية والفضائية حذوها وتخلت عن المعيار العسكري الأمريكي.
إلا أن المتطلبات الصارمة للصناعة الجوية والفضائية فرضت استخدام الإيزو 9001 مع متطلبات إضافية خاصة بتلك الصناعة. كما طورَّت منظمات مختلفة مرتبطة بالصناعة متطلبات تزويد إضافية خاصة بها، فنتج من ذلك فوضى عارمة في المتطلبات.
وبغية الحد من هذه الفوضى، طورَّت المنظمات الصناعية في أوربا وأمريكا معياراً مشتركاً بين كل المجالات مع متطلبات إضافية خاصة بالصناعة الجوية والفضائية. ومن بين الأمثلة على المتطلبات الخاصة بالصناعة الجوية والفضائية: تعرف المميزات الرئيسية والتحكم فيها، وكشف الأشياء الغريبة، والتحكم في الأدوات، مصادقة الزبون والهيئة الناظمة. ونُشر هذا المعيار في أمريكا من قبل جمعية مهندسي صناعة الآليات(SAE) Society of Automotive Engineers تحت الرمز أيه إس 9000 (AS 9000)، وفي أوربا من قبل الرابطة الأوربية للصناعات الجوية والفضائيةAECMA (Aircraft European Contractors Manufacturers Association) تحت الرمز إي إن 9000-1 (EN 9000-1).
ثم طالب ممثلو الصناعة الجوية والفضائية من أوربا وأمريكا في الاجتماع العام للجنة الفنية لمنظمة المعايير الدولية ISO الذي عُقد في طوكيو عام 1997 بوضع مسودة معيار يكون خاصاً بأنظمة الجودة الجوية والفضائية. وشُكلت مجموعة العمل لهذه الغاية، وتم الاتفاق على مسودة نهائية في عام 1999 اعتمدت في جوهرها على المعيار إيزو 9001 : 1994. وعُرف ذلك المقترح الذي شارك معظم المصنعين العالميين للطائرات ومحركاتها في إعداده عام 1998، باسم مجموعة الجودة الجوية والفضائية الدوليةIAQG (International Aerospace Quality Group). وتمت مراجعته في عام 2001، استناداً إلى المعيار إيزو 9001 : 2000، ليحمل الرمز 9100. واتفق على السماح لكل منطقة من العالم بنشر نسخة خاصة بها من هذا المعيار، عوضاً عن معيار وحيد مشترك، شريطة الحفاظ على المحتوى ذاته ورقم التعريف ذاته. ونتج من ذلك نشر المعيار SAE AS 9100 في الأمريكيتين والمعيار AECMA EN 9100 في أوربا ومعيار SJAC 9100 من جمعية الشركات الجوية والفضائية اليابانية (Society of Japanese Aerospace Companies) في اليابان (وقد غدا المعيار JISQ 9100).
وهناك معايير أخرى خاصة بجانب معين من الصناعة، مثل المعيار بوست أيرو BoostAero الذي ينظم التبادلات بين الزبائن والمزودين في إطار التزويد الإلكتروني، إذ إن اعتماد الصيغة الرقمية في التبادلات يؤدي إلى تحسينات مهمة على صعيد القدرة على المنافسة في قطاع الجو والفضاء. وقد اقترحت هذا المعيار رابطة الصناعات الجوية والفضائية الفرنسية GIFAS (Groupement des Industries Françaises Aéronautiques et Spatiales) بمشاركة المساهمين العالميين الرئيسيين في هذه الصناعة ورفعته إلى هيئات التقييس الدولية من أجل اعتماده ونشره عالمياً.
البحث والتطوير
يحظى البحث والتطوير في الصناعة الجوية والفضائية بحصة كبيرة من إنفاق هذه الصناعة. إذ قد يتطلب تطوير طائرة جديدة على سبيل المثال عقداً أو أكثر من الزمن ومشاركة الآلاف من الأشخاص. ويستلزم مثل هذا المسعى إنجاز تطورات مهمة في التجهيزات والأنظمة، بل واختراعات جديدة كلياً في بعض الأحيان، إضافة إلى إنفاق بلايين الدولارات.
وللكلفة الباهظة لتطوير مركبات طيران جديدة تخصص معظم شركات الجو والفضاء مواردها البحثية والتطويرية لتحسين منتجاتها القائمة. فقد تعيد تصميم مركبات الطائرة لجعلها أكثر خفة وأكثر فاعلية من حيث استهلاك الوقود، أو قد تعيد تصميم الأجنحة أو سطوح الجسم لزيادة سرعة الطائرة.
وتُجرى عملية التصميم في معظمها باستخدام حواسيب فائقة الأداء، قادرة على تنفيذ بلايين العمليات في الثانية. إذ يسمح التصميم بمعونة الحاسوب[ر] للمهندسين باختبار آلاف موسطات التصميم كشكل الأجنحة أو زاويتها. ويستخدم المصمم الحاسوب لإنشاء نموذج للبنية الرئيسية للمركبة الطائرة، ثم يحاكي الطيران في مختلف الظروف الجوية. وهناك الآلاف من التفاصيل التي يتوجب على المهندسين أخذها بالحسبان إلى جانب شكل البنية الطائرة وحجمها، كوزن المحركات ومكان توضعها، وكيفية تخزين الوقود ومكانه، ونوع المعدات التي تزود بها مقصورة القيادة وتصميمها، وتفاصيل مقصورة الركاب كعدد المقاعد وحجمها.
يبني المهندسون، بعد إنجاز التصميمات الأولية الحاسوبية، نموذجاً بمقياس مصغر ويخضعونه لسلسلة من الاختبارات داخل نفق هوائي. وتسمح الأنفاق الهوائية بمحاكاة الظروف التي تواجهها المركبة الطائرة لدى حركتها في الجو. وتمتلك مراكز أبحاث عديدة أنفاقاً هوائية خاصة بها كنفق مركز الأبحاث أميز Ames في موفيت فيلد Moffett Field بولاية كاليفورنيا التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا. ويستخدم المهندسون نتائج اختبارات النفق الهوائي لصقل التصميم إن دعت الحاجة.
ثم يبني المهندسون، بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على التصميم، نموذجاً بالحجم الحقيقي للمركبة أو أكثر ويخضعونها لوابل من الاختبارات الإضافية. ويتحقق المهندسون من متانة البنية في ظل الاهتزازات الهائلة والحرارة الناجمة عن المحركات النفاثة. كما يتحقق المهندسون من تحمل أجهزة الطيران للضغط من جهة، ولدرجات الحرارة المنخفضة جداً في الارتفاعات العالية من جهة أخرى. وفي الختام يقلع طيارو الاختبار بنموذج الطائرة لاختبارها في ظروف عمل حقيقية والتحقق من نتائج الاختبارات السابقة.
عملية التصنيع
يتولى متعهد رئيسي عادة تنسيق عملية التصنيع بين مجموعة من المتعاقدين الفرعيين المختصين في مكونات معينة من المركبة. ويقوم المتعهدون الفرعيون ببناء واختبار منتجاتهم في مصانعهم، ثم يسلمونها إلى مصنع المتعهد الرئيسي ليصار إلى مكاملتها ضمن المركبة. ويشرف المتعهد الرئيسي على تجميع المركبة وضمان تحقيق المشروع للمتطلبات المالية والزمنية، ويتحمل المسؤولية كاملة عن أمان المركبة.
وتبنى الطائرات الحديثة غالباً من أجزاء تصنع في شتى أرجاء العالم. فعلى سبيل المثال تتضمن الطائرة التجارية النفاثة إم دي 11 (MD-11) المنتجة أوائل التسعينات من القرن العشرين من قبل ماكدونل دوغلاس McDonnell Douglas أجزاء صنعت في إيطاليا وإسبانيا واليابان والبرازيل وكندا والولايات المتحدة وبريطانيا، كما تصنَّع أجزاء من طائرات إيرباص في بريطانيا وفرنسا وألمانيا.
الوظائف في الصناعة الجوية والفضائية
يتطلب تصميم منتجات الصناعة الجوية والفضائية وتصنيعها التي تتسم بالتطور والتقانة العالية، مهارات فئات عديدة من العمال.
ويعدّ مهندسو الجو والفضاء عماد الفرق التي تبحث في المركبات الجوية والفضائية وتصممها وتختبرها وتنتجها. ويختص عدد منهم في مجالات مثل تصميم البنى والتوجيه والملاحة والتحكم والقياس والاتصالات. ويسهم مهندسو الكهرباء والإلكترون والصناعة والميكانيك في الأبحاث والتطوير والإنتاج. كما يساعد الفنيون المهندسين سواء في البحث والتطوير أم في التصنيع. ويقوم التصميم والتصنيع بمعونة الحاسوب بدور رائد في هذه الصناعة التي كانت أول من استخدم تلك الأدوات، لذا تضم الصناعة علماء في الحاسوب ومحللي نظم ومديري قواعد معطيات ومهندسي برمجة ومبرمجين من أجل تصميم النظم الحاسوبية المستخدمة واختبارها وتقييمها وتهيئتها. وتستخدم هذه الصناعة الآلاف من حملة الدكتوراه والمختصين في العلوم المرتبطة بالفضاء كالفيزياء والميكانيك والأتمتة وعلوم الحياة وغيرها. أما العمال في قطاعات الإنتاج والتركيب والصيانة والإصلاح والتجميع وصنع الأدوات والنقل والتفتيش فيشكلون قرابة 40٪ من إجمالي القوة العاملة. أما الوظائف المحاسبية والإدارية والتجارية فتشكل قرابة 16٪ من إجمالي القوة العاملة، وغالباً ما يكون للمديرين في هذه الصناعة خلفية هندسية أو فنية.
الآفاق المستقبلية
تبوأت التقانة الجوية والفضائية منذ بداياتها عرش التطور التقاني والعلمي. فهي قادرة على اختزال المسافات، وتسهل التبادل الثقافي والعلمي، وتوفر مركبات وأدوات لاكتشاف الكون وتقدم العلوم. وتتميز الصناعة الجوية والفضائية بتعدد مكوناتها وتنوعها وتعقيدهاولهذا فإنها تؤثر في اقتصاد الدول وقوتها. وتبقى التحديات أمام هذه الصناعة قائمة مما يستلزم جهوداً مكثفة في البحث والتطوير لعقود قادمة.
محمد خالد شاهين
الموضوعات ذات الصلة: |
التصميم بمعونة الحاسوب ـ التصنيع بمعونة الحاسوب ـ سبوتنيك ـ سبيريت ـ السواتل ـ المحطات المدارية ـ مكوك الفضاء.
مراجع للاستزادة: |
- T.A.HEPPENHEIMER, Countdown (Wiley, 1997).
- ROGER E. BILSTEIN, The American Aerospace Industry (Twayne Publishers, 1996).
- SUZAN ECHAORE & MC DAVID, In Aviation and the Aerospace Industry (Checkmark Books, 2004).
- التصنيف : التقنيات (التكنولوجية) - النوع : تقانة - المجلد : المجلد الثامن عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 396 مشاركة :