محمد اشمر
Mohammad al-Ashmar - Mohammad al-Ashmar

محمد الأشمر

(1892 ـ 1960م)

 

محمد بن طه بن محمد الأشمر، شيخ عربي سوري ومجاهد كبير، مناضل ضد الاستعمار الفرنسي في أثناء احتلاله سورية، وأحد أبطال الثورة السورية الكبرى عام 1925، شارك في الثورة الفلسطينية عام 1936.

ولد الأشمر في حي الميدان أحد الأحياء الشعبية بمدينة دمشق، وهو ابن لعائلة وبيئة دينية محافظة، يعود أصولها إلى مكة المكرمة، هاجرت من الحجاز إلى قرية سيجـر في محافظة حماة، ثم جاء جـده منـذ قـرنـين إلـى دمشـق واسـتـوطـن فيـهـا، نشـأ الأشمر في جـو علمـي فاضـل، فقـرأ الفقه الإسلامي على يد الشيخ عبد القادر الشموط، وأخذ الطريقة النقشبندية (طريقة صوفية) عن الشيخ أمين الكردي الزملكاني.

نذر الأشمر نفسه للجهاد فكانت أولى مشاركاته انضمامه إلى الثوار السوريين والتصدي للعدوان الفرنسي في معركة ميسلون (1920)، ثم نظم بعد ذلك مع المجاهد أحمد مريود مظاهرة كبيرة في الميدان ضد المستعمرين الفرنسيين، فلاحقته السـلطات الفرنسـية، فالتجـأ إلـى منطقـة حـوران محافظة درعا واتخذ من قرية الغارية الشرقية مقـراً لإقامته وأخذ يتردد بين الشام وحوران إلى أن قامت الثورة السورية الكبرى (1925- 1927) فالتحق بها، وأصبح عضواً في المجلس الحربي المؤلف من: نسيب البكري وفوزي القاوقجي وزكي الدروبي وسعيد العاص وغيرهم، وكانت اجتماعات المجلس تتم في قرية يالا في غوطة دمشق، ومهمة المجلس كانت جمع المعونات من التجار والأغنياء وكبار المزارعين، وتوفير السلاح والعتاد والمعيشة للثـوار. كـان الشـيخ محمـد الأشـمر مع الشيخ نجيب كيوان وحسن الخراط أبطال معارك الثورة في غوطة دمشق، وبدؤوا نضالهم ضد الفرنسيين في النشابية ودمروا خطوط الهاتف فيها، وفي 10 تشرين الأول/أكتوبر عام 1925 هاجم الثوار قرية جبرين وأسروا عدداً من الجنود الفرنسيين، وبينما كانت معارك الغوطة مستمرة عقد اجتماع في قريـة يـالا برئاسة عبد الرحمن الشهبندر حضره سعيد العاص وفوزي القاوقجي ومحمد الأشمر تدارسوا فيه تصعيد الثورة ضد المحتل. وفي 14 تشرين الأول عام 1925 وقعت معركة زور المليحة، عندما تمكن المجاهدون وعلى رأسهم الشيخ محمد الأشمر من فك الحصار الذي فرضته عليهم القوات الفرنسية، ثم توجهوا إلى الضمير وقضوا على الحامية الفرنسية في القرية ثم عادوا إلى الغوطة.

كما قاد المجاهد محمد الأشمر معركة قصر العظم التي حدثت في 18 تشرين الأول 1925 حين هاجم الثوار قصر العظم في دمشق الذي كان يستخدم مسكناً للمندوب السامي الفرنسي وحاصروه. وجاءت كوكبة من المصفحات الفرنسية للنجدة وما كادت تصل إلى مدخل البزورية حتى انهال عليها الرصاص من كل جانب وأُبيد أفرادها واحترقت مصفحاتهم عن آخرها. واستطاع الثوار أن ينفذوا إلى داخل القصر وعلى رأسهم حسن الخراط ومحمد الأشمر وحسن المقبعة، وتمكن المندوب السامي ساراي من الهرب قبل وصول الثوار بدقيقة واحدة، ولم يستطع حراس القصر الذين أُبيد معظمهم من السيطرة على الوضع إلا بإحراق القصر، وشارك الشيخ الأشمر في أهم معركة في الغوطة وهي معركة يلدا التي دارت في الخامس من كانون الأول/ديسمبر عام 1925 بين حملة فرنسية ضخمة يفوق عددها الـ(2000) جندي و12 دبابة وبين الثوار وعددهم ما بين 1500 إلى 2000 مجاهد أبرزهم نسيب البكري ونزيه مؤيد العظم انقضّوا على العدو من شتى أنحاء الغوطة ولاحقوه حتى اضطر للتراجع حتى جدران الميدان، وخاضوا معه معركة بالسلاح الأبيض في ناحية الزفتية ومقبرة الميدان والقشلة العزيزية، وخسر الفرنسيون نتيجة معركة يلدا والمطاردة أكثر من 600 قتيل وغنم المجاهدون ما يقارب الـ (100) بندقية وعشرة صناديق من الذخيرة وستة عشر رشاشاً وقد اشتهرت باسم «معركة السبت».

كما خاض المجاهد محمد الأشمر معركة الميدان في أيار/ مايو 1926 مع أبي عبده سكر وأبي قاسم الدرخباني، ودارت هذه المعركة مع الفرنسيين في شوارع الحي في منتهى الشدة، ودامت عدة ساعات بين قوة فرنسية تزيد على اللواء معززة بالمدفعية والدبابات، وبين قرابة مئة مجاهد في بيوت الحي، وانتهت بسقوط 57 شهيداً من المجاهدين.

ومع أن الثـورة انتهت في غوطة دمشق والتي أسفرت عن انتخابات عام 1928 ودستور عام 1930 تابع الأشمر جهاده وتمركز في اللجاة مع الأمير عادل أرسلان وفي عـام 1931 عاد إلى الشام بعد صدور العفو العام، ولم يتقاعس الشيخ الأشمر عن تأدية واجبه القومي فالتحق بثورة فلسطين عام 1936 ومعه 100 مجاهد من سورية على رأسهم الضابط سعيد العاص الذي تمركزت قواته في قضاء الخليل واستشهد على أرض فلسطين في تشرين الأول 1936، أما الأشمر فقد تمركز في طولكرم وأخذت العمليات ضد الصهاينة تتخذ تدريجياً أبعاداً أكثر ثورية بعد وصول الضابط العربي فوزي القاوقجي الذي أعلن نفسه قائداً عاماً للثورة في فلسطين، وبعد معارك مشهودة تدخل الملوك العرب وأوقفوا الثورة، وقد وردت إلى الأشمر رسائل من ملوك العرب بتوقيف القتال فلم يعبأ بها وثابر على الجهاد، ولما انتهت الثورة عاد إلى الأردن وتقابل مع القاوقجي، ثـم عـاد إلـى دمشـق. وفي سنة 1957 دعي الشيخ محمد الأشمر إلى زيارة الاتحاد السوفييتي فلبى الدعوة ولقي هناك حفاوة وتكريماً لنضاله ووطنيته، وفي الثالث مـن آذار/مارس عام 1960 لقي الشيخ وجه ربه وطوى الموت أنصع صفحة في تاريخ الجهاد.

كرمته الحكومة السورية في عهد الرئيس حافظ الأسد إذ أطلقـت اسـمه علـى أكبـر ساحات دمشق «ساحة المجاهد الشيخ محمد الأشمر» في مدخل دمشق الجنوبي في حي الميدان، وأقامت لهذه الغاية نصباً تذكارياً، كما أطلقت الدولة اسمه على مدارس ومؤسسات خيرية اعترافاً ببطولته الخالدة.

محمد أحمد

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ أدهم الجندي، تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب الفرنسي (دمشق 1960).

ـ إحسان الهندي، كفاح الشعب العربي السوري (1908- 1948) (دمشق 1962).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثامن عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 71 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة