وليم الصوري
وليم صوري
William of Tyre - Guillaume de Tyr
وليم الصوري
(1130ـ 1185)
وليم الصوري William of Tyre رجل دين ودولة ومؤرخ، اختلفت الروايات في أصل أسرته، غير أن الراجح عند غالبية المؤرخين أنه من أصول فرنسية، قدم والداه إلى المشرق العربي مع الحملات الصليبية حيث ولد في بيت المقدس وأمضى طفولته وشطراً من شبابه في ربوع فلسطين. تلقى علومه الأولى في القدس وأتقن عدة لغات منها العربية والفرنسية. التحق بالكنيسة وكان متأثراً برئيس كهنة القبر المقدس «بطرس البرشلوني» الذي أصبح فيما بعد رئيساً لأساقفة صور، وسعى له بالسفر إلى إيطاليا لمتابعة دراسته في علوم اللاهوت، وبعد أن أتم تحصيله عاد إلى القدس سنة 1163م، وكانت له صلات بشقيق الملك بلدوين الثالث Baldwin III وخليفته وأخيه عموري Amaury الذي أعجب بثقافته الواسعة فعهد إليه بالإشراف على تربية ولده بلدوين الرابع وتعليمه، ثم سعى إلى ترقيته فيما بعد رئيساً لأساقفة صور. وبعد وفاة بلدوين الثالث أصبح عموري ملكاً على القدس، فكلّف وليام رئاسة وفد من قبله إلى بيزنطة لتعزيز التعاون بين مملكة بيت المقدس والامبراطورية البيزنطية، وتعرّف عن قرب بالامبراطور عمانويل، وحينما قرر الملك عموري السير على نهج أخيه لتسيير الحملات إلى مصر لتدعيم موقف حليفه «شاور» المتغلب على قصر الخليفة الفاطمي بمصر؛ وقع اختياره على وليم ليقوم بمهمة تسجيل أخبار انتصاراته، فشرع صاحب الترجمة بتدوين الأحداث التاريخية بدءاً من تاريخ رحلة الحج المثيرة التي قام بها بطرس الناسك Pierre l’Eermiteسنة 1094. وبعد وفاة عموري المبكرة تولى عرش مملكة القدس ولده بلدوين الرابع وهو دون الثالثة عشرة من عمره, فطلب وصيه ريموند الثالث Raymond III صاحب طرابلس إلى وليم أن يتولى منصب حاجب المملكة إلى جانب عمله الديني، فأصبح وليم من الشخصيات البارزة لإلمامه بقضايا الدولة والكنيسة. وبعد بلوغ الملك السن القانونية انسحب ريموند من الوصاية ليجد وليم نفسه المستشار الأول للملك، وقد أهلّه موقعه ليترأس الوفد الكنسي إلى روما لحضور مجمع لاتران Lateran الذي دعا إليه البابا الإسكندر الثالث Alexandre III سنة 1178م، وهناك اختارته الإدارة الباباوية لكتابة جدول أعمال المؤتمر وتسجيل أسماء الشخصيات والوفود التي تقاطرت إلى روما من أنحاء العالم المسيحي كافة، وبهذا العمل تعرّف وليم كثيراً من الشخصيات ذات المقام الرفيع، وكان له دور لافت في المداولات والمناقشات، الأمر الذي لفت إليه أنظار البابا، فطلب إليه بنهاية المؤتمر القيام ببعض الجهود لدى الامبراطور البيزنطي بهدف توحيد الكنيستين الشرقية والغربية، وفي القسطنطينية حظي في بلاط الامبراطور بالحفاوة البالغة وعاد إلى القدس بعد عامين تقريباً حيث جرى ترشيحه لبطريركية القدس، لكن نفوذ الحريم داخل القصر الملكي حال دون ذلك، وخاصة أن تلميذه الملك لم يعد قادراً على اتخاذ القرار بعد مرضه الذي انتهى بوفاته سنة 1185م.
ارتبطت شهرة وليم الصوري بكتاباته التي اشتملت على معلومات قيمة في مجال التاريخ والآثار والجغرافيا، وإذا كان معظم ماكتبه في حكم المفقود فإن صدى كتاباته تردد كثيراً في كتب المؤرخين الذين نقلوا عنه، ومن أهم كتبه التي ورد ذكرها «أعمال عموري» و«أعمال الحكام» و«أعمال حكام الشرق»، وقد استعرض في كتابه الأخير تاريخ الشرق العربي منذ بداية الدعوة الإسلامية حتى زمنه. وكان الهدف من وضع هذا الكتاب الربط بين خسارة المسيحيين بيت المقدس سنة 614م وعزمهم على استرجاعها سنة 1095م، لكن الوفاة أدركت وليم الصوري قبل سنتين من استرجاع تلك المدينة العربية المقدسة على يد صلاح الدين الأيوبي، وهو ماكان يحذر من عواقبه في كثير من لقاءاته مع المتصارعين على النفوذ في بلاط الملك.
مصطفى الخطيب
الموضوعات ذات الصلة: |
الحملات الصليبية.
مراجع للاستزاده: |
ـ سهيل زكار، تاريخ الحروب الصليبية (دار الفكر، بيروت 2003).
ـ عادل زيتون، العلاقات السياسية والكنسية بين الشرق البيزنطي والغرب اللاتيني في العصور الوسطى (دار دمشق، 198).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 372 مشاركة :