هيرونداس
هيرونداس
Herodas - Hérondas
هيرونداس
(القرن 3ق.م)
هيرونداس Herondasأو هيرودِس Herodes أو هيروداس Herodas شاعر مسرحي يوناني، عُرف بابتكاره أسلوباً جديداً في كتابة المشاهد التمثيلية الشعبية الخشنة التي تقدم صوراً متنوعة جداً من حياة الشعب البسيط ومشكلاته وأمنياته. لا يُعرف من تفاصيل حياته أي شيء تقريباً، سوى ما يمكن استنتاجه من نصوصه. ذكره النحوي الإسكندري أثينايوس Athenaios في كتابه «مأدبة العلماء» Deipnosophistai في القرن الثاني الميلادي باسم هيرونداس، مقتبساً أبياتاً من أشعاره في تحليلاته للغة اليونانية القديمة، أما پلينيوس[ر] Pliniusالأكبر (23ـ 79م) فقد ذكره في كتابه «تاريخ الطبيعة» Naturalis Historia باسم هيرودِس. ويُرجح أنه فضل استخدام اللفظ الدوري Doric لاسمه، أي هيروداس تيمناً بلهجة إسبارطة. كما يُستنتج من تفاصيل الأوصاف الواردة في بعض مشاهده أنه كان من سكان جزيرة كوس Kos في منطقة يونيا Ionia على الشاطئ الغربي لآسيا الصغرى، لكن ولاءه سياسياً وفكرياً كان يتبع البطالمة [ر] في الإسكندرية وليس أبناء جلدته في أثينا، إذا عُدت قصائد المديح الموجهة إلى حكام الإسكندرية على ألسنة بعض شخصياته تعبيراً عن موقفه الشخصي.
يربط مصطلح «ميميامبوس» Mimiambus الذي سمي به أسلوب هيرونداس، بين عنصرين مختلفين هما: الميموس Mimus واليامبوس Iambus. أولهما تصوير درامي لحدث حياتي يعتمد على الارتجال improvisation؛ أي إنه شعبي غير أدبي، وكان سوفرون [ر] أول من ثبته أدبياً في القرن الخامس ق.م. وثانيهما وزن شعري باللهجة الدورية ظهر في القرن السابع ق.م في جزر شمالي بحر إيجه، اعتمد التفعيلات الثلاثية (طويلة فقصيرة ثلاث مرات في البيت الواحد) لوصف حالات الحب أو الحقد بتعبير مباشر وشخصي. وكان أرخيلوخُس Archilochos سيد من استخدمه في الهجاء السياسي. وفي القرن السادس ق.م استبدل هيبوناكْس Hipponax بالحركة السادسة القصيرة تفعيلة طويلة، مما ولَّد إيقاعاً يشابه الحديث اليومي، فسُمي تجديده «اليامبوس الأعرج». أما هيرونداس فقد أخذ «اليامبوس الأعرج» إيقاعاً كي يصوغ به مشاهد تمثيلية بأسلوب سوفرون السردي. ولما كان كلا العنصرين (ميموس ويامبوس) يعالجان موضوعات شعبية فإن المزاوجة بينهما لم تكن مستهجنة. بيد أن هيرونداس ذهب خطوة أبعد بتبنيه اللهجة الدورية أيضاً من هيبوناكس والتي لم تكن متداولة في عصر هيرونداس؛ مما جعل لغة الميميامبوس مصطنعة. ففي حين استخدم ميناندروس [ر] Menandros في مسرحياته لهجة موطنه أتيكا Attica شعراً؛ ألبس هيرونداس موضوعاته الشعبية لبوساً متكلفاً، فبدا التناقض جلياً، ولاسيما أن المؤلف كان يميل إلى المفردات والأمثال الغريبة التي صارت حوشية.
كانت مشاهد هيرونداس التمثيلية تُعرض على الأرجح من قبل ممثل واحد يؤدي الأدوار كلها مستعيناً على ذلك باستعارة أصوات عدة وبتنويع الأداء الحركي، ومن ثم فإنه لم يكن بحاجة إلى أقنعة أو إلى «ديكورات» (مناظر مشهدية مرسومة)، كما كان يلجأ إلى أسلوب التمثيل الإيمائي Pantomimik للدلالة على الأغراض التي قد يحتاج إليها في أثناء أدائه مختلف الأدوار، وكانت مشاهده عادة ذات طول محدد يقارب مئة بيت، ومن ثم فإن مشاهده الثمانية المتبقية من عشرات المشاهد المذكورة بعنواناتها هنا وهناك لا تعادل معاً طول ملهاة واحدة لميناندروس رائد الملهاة الجديدة في العصر الهلينستي، بيد أن مشاهد هيرونداس تتميز بتنوع موضوعاتها وبوحدة الموضوع في المشهد الواحد. وتحمل المشاهد المتبقية منها العنوانات الآتية: «الوسيطة أو القوادة» The Go- between or Bawd و«مضيف النساء» The Women Host و«المعلم» The Teacher و«النسوة في معبد أسكْليبيوس» The Women in the Temple of Aschlepios و«الغيرة» Jealousy و«الصديقات» The Friends و«صانع الأحذية» The Shoemaker و«حلم» A Dream.
نبيل الحفار
مراجع للاستزادة: |
- IMRE WALDAPFEL, Von Homer bis Vergil, Gestalten und Gedanken der Antike (Berlin und Weimar 1969).
- KURT UND URSULA TREU, Menander, Herondas Werke in einem Band (Berlin und Weimar 1980).
- النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 44 مشاركة :