هولندا (ال لغة والأدب في-)
هولندا ( لغه ادب في)
Holland - Hollande
هولندا (اللغة والأدب في ـ)
تنتمي اللغة الهولندية العامة Algemeen Nederlands إلى أسرة اللغات الجرمانية[ر] التي تفرعت من الأسرة الأم: الهندية – الأوربية[ر]. وتقسم الهولندية - وفقاً للتطورات التي خضعت لها- إلى الهولندية القديمة (نحو 450- 1150م) والمتوسطة (نحو 1150- 1500) والحديثة (نحو 1500- حتى الوقت الراهن).
تعود أصول اللغة الهولندية إلى القرن الخامس الميلادي مع زحاف الصوامت الجرماني الأول Germanic Consonant Shift الذي فصل اللغة الفرنكية القديمة Frankish عن اللغات الجرمانية الغربية. وتعود تسمية «الهولندية» إلى المنطقة الأهم تاريخياً وهي «هولندا» Holland وأيضاً إلى «الأراضي المنخفضة» Nederlands حيث تُعدّ اللغة الرسمية فيها، كما هي في بلاد فلاندر Flander في شمالي بلجيكا[ر] التي تحدّ هولندا من الجنوب حيث يتكلم الناس لهجات متعددة من الهولندية يطلق عليها الفلمنكية Vlaams تشوبها أحياناً كلمات وتعابير فرنسية - وللفلمنكية لهجات متعددة مثل الشرقية والغربية (أو الزيلندية Zealandic) واللمبورغية والبرابانتية - وتسود هذه اللغة في بعض المستعمرات الهولندية السابقة، مثل سورينام وجزر الأنتيل الهولندية. أما الأفريقانية Afrikaans - التي صارت لغة منفصلة عن الهولندية ومستقلة بذاتها - فقد سادت في جنوب إفريقيا إلى أن حلّت الإنكليزية محلها مع انتهاء حكم التمييز العنصري هناك.
سار الكاتب الإنساني ديرك كورنرت Dirk Coornhertت(1522-1590) على خطى إراسموس[ر] Erasmus، ووضع أول مبادئ للغة الهولندية القياسية الحديثة ونحوها، وكان لنشر ترجمة الكتاب المقدس إلى الهولندية عام 1637 دوره هو الآخر في إرساء قواعدها. وفي هذه اللغة عدد كبير من الصوائت البسيطة (14) وأربعة صوائت مدغمة diphthong وثلاثة وعشرون حرفاً صامتاً، ولا وجود فيها لحرف الجيم g، بيد أنه دخل عليها مع الكلمات المستعارة من اللغات الأخرى، مثل goal إلا أنه ينطق x (خاء مخففة). والهولندية لغة تصريفية inflectional تؤدي فيها أواخر الكلمات الدور الأساس في إعطاء المعنى وفي الإعراب، وينتج من ذلك نظام تسلسل للكلمات خاص جداً ومختلف عما هي عليه الحال في الإنكليزية[ر] مثلاً، ويقترب من ذاك المتبع في اللغات الاسكندناڤية[ر]. ويتم في الهولندية تأليف الأسماء المركّبة - مثل hondenhot (منزل الكلب) - في كلمة أو اسم واحد في حين تفصل الإنكليزية الأسماء واحدها عن الآخر؛ مما يسمح بظهور كلمات طويلة مثل wapenstilstandsonderhandeling (مباحثات خاصة لوقف إطلاق النار)، بيد أن الطريقة الإنكليزية آخذة بالانتشار.
تستخدم الهولندية الأبجدية اللاتينية، وهي من اللغات الأوربية الأغنى بالمفردات التي تتجاوز 350.000 كلمة. وتتميز بتكرار الحرف الواحد بسبب وجود الأسماء المركّبة التي ينتهي أحدها بحرف ويبدأ به الاسم التالي، مثل voorraaddoos (صندوق المؤن). ومن الكلمات والعبارات اليومية باللغة الهولندية: Hoi /Hallo مرحباً، Ja/ Jawel نعم، Nee/Neen لا، Dank u wel شكراً جزيلاً، Ik weet niet أنا لا أعلم.
هناك تأثير متبادل بين الكتابات الأدبية المبكرة باللغة الهولندية وبين الكتابات باللغات الأخرى في المنطقة، ولاسيما الألمانية، وهناك كثير مشترك كما في ترجمة بعض المزامير التي عرفت باسم «مزامير فاختندونك» Wachtendonk Psalms من القرن التاسع الميلادي. وقد كان الشعر وسيلة التعبير الأدبي في العصور الوسطى لدى العديد من الكتّاب باللغة الهولندية، (أو بالفلمنكية في بلاد فلاندر التي تقع في بلجيكا اليوم [ر. الأدب في بلجيكا]). ويعدّ هندريك فان ڤيلديكِه Hendric van Veldeke أول الشعراء الذين كتبوا بإحدى اللهجات الهولندية عندما سادت ملاحم البطولة والفروسية وتداولت سير حياة شارلمان أو الملك آرثر، فترجم بتصرف «إنيادة»[ر] ڤرجيل Eneit نحو عام 1185. وكانت هناك ردة عن هذا الأسلوب في الكتابة في القرن الذي تلا في كتابات ياكوب فان مرلانت[ر] Jacob van Maerlant على الرغم من بقاء آثار الملحمة الأسطورية في «كارل وإيليغاست» Karel ende Elegast مجهولة المؤلف (القرن الثاني أو الثالث عشر) عن مغامرات شارلمان، واقتباسات الحكاية الخرافية[ر] على لسان الحيوان، مثل تلك عن «راينرده الثعلب» Van den vos Reinaerde (نحو 1240). نشط المسرح مع نهاية القرن الخامس عشر، وقدمت مسرحيات المعجزات والأسرار مثل «ماري من نيوميغن» Mariken van Nieumeghen و«إلكيرليك» Elckerlyijc التي صارت نموذجاً لمسرحية «كل إنسان» Everyman الإنكليزية.
ظلت الكتابات باللغة الهولندية في خدمة الكنيسة والطبقة الأرستقراطية حتى نهاية القرن الثالث عشر. ومع سيطرة المدن الساحلية الرئيسية على بحر الشمال ومع البحبوحة التي نتجت من ذلك وظهور الطبقة المتوسطة بدأت الاهتمامات الفنية والأدبية. ومع حركة الإصلاح الديني ظهرت التناقضات في المجتمع الهولندي؛ إذ كتبت آنا بينس Anna Bijns (نحو 1494- 1575) الشعر وهاجمت الإصلاحيين. أما مارنيكس فان سنت ألدِغوندِه Marnix van sint Aldegonde ت(1538-1598) فقد كتب هجائيته «عش النحل في الكنيسة الكاثوليكية المقدسة» Biëncorf der Heilige Roomsche Kerckeت(1569)، كما مثَّل «كتاب أغاني غويسن» Een Geusen Lied Boecxkenت(1588) روح التحدي التي تمتع بها الإصلاحيون.
أُعلن الاستقلال عن إسبانيا عام 1581 بعد الصراعات الدينية والسياسية التي شهدتها البلاد، فتوجه الأدب نحو الموضوعات الوطنية. والتمّ عدد من الشعراء حول رومر ڤيشر Roemer Visscherت(1547-1620) فيما عرف بـ«حلقة مُيدن» Muidenkring، وكان الشاعر بيتر هوفت[ر] Pieter Hooft من أعضائها، وكتب «تاريخ هولندا» Nederduytsche Historiënت(1628-1642). وكان يوست فان دن ڤوندل Joost van den Vondelت(1587-1679) من أبرز الشخصيات الأدبية في هذه الحقبة، وكتب مسرحية «لوسيفر» أو «الشيطان» Luciferت(1654)، وقام بناء مسرحيته «غيسبريخت فان أمستل» Gijsbreght van Aemstelت(1637) - التي تعالج سيرة شخصية تاريخية محلية - على غرار بناء «الإنيادة» ولاتزال تقدم في المسرح حتى اليوم. كذلك كان ياكوب كاتس Jacob Catsت(1557-1660) شاعراً وعظياً، ومن مؤلفاته «واجب البنات» Maechdenplicht. وكان هذا عصر النهضة الذهبي في الأدب الهولندي.
أسس يوستس فان إيفّن Justus van Effen دورية «سبكتيتر الهولندية» De Hollandsche Spectator عام 1731، ودامت حتى وفاته عام 1735. وأنجب النصف الثاني من القرن الثامن عشر إليزابيت ڤولف Elizabeth Wolffت(1738-1804) وأغاتا ديكن Agatha Dekenت(1741-1804) اللتين كتبتا مشاركةً أولى رواياتهما «سارة بورغرهارت» Sara Burgerhartت(1782) تأثراً بغوته[ر] ورتشاردسون[ر].
ظهر في القرن التاسع عشر كتّاب بارزون من أمثال فيلّم بلدرديك[ر] وهندريك تولِّنز Hendrik Tollensت(1780-1856) الذي كتب الشعر والروايات التاريخية المحلية، وألَّف كلمات النشيد الوطني الهولندي إلى أن حلّت محلها لاحقاً كلمات مارنيكس «ڤلهلمُس» Wilhelmus من عام 1568. كذلك كان هندريك كونسيَنس Hendrik Conscienceت(1812-1883) وغُيدو غيزيلِه Guido Gezelleت(1830-1899) من أبرز الكتّاب الفلمنكيين.
كتب الناقد كونراد بُسكن هويت Conrad Busken Huet عن أدب بلاده، ومن مؤلفاته «بلاد رمبرانت» Het land van Rembrandtت(1882-1884). كما كتب إيدڤَرد ديكر Edvard Dekkerت(1820-1887) روايته «ماكس هاڤيلار» Max Havelaarت(1860) باسمه المستعار «مُلتاتولي» Multatuli، وأدان فيها سياسة بلاده الاستعمارية فيما وراء البحار. كان ڤيلم كلوس Willem Kloosت(1857-1938) ثائراً على التقاليد البالية، وقاد حركة إصلاح في الأدب، وأسس دورية «الدليل الجديد» De Niuawe Gids في عام 1884، بيد أن أهم ما فعله كان نشره قصائد الشاعر الشاب جاك بيرك Jacques Perkت(1860-1881) في ديوان «ماتيلده» Mathilde بعد وفاة هذا الأخير المبكرة، فحركت عواطف الناس بموسيقاها العذبة. وتحلق حول كلوس وحول روح الشاعر بيرك الشباب الطليعيون الراغبون في التغيير. وظهر في هذه الفترة أيضاً لويس كوبيروس Louis Couperusت(1863-1923) الذي بدأ شاعراً، لكن رواياته الطبيعية هي الأبقى، والشاعر هرمَن غورتر Herman Gorterت(1864-1943) بقصيدته الملحمية الانطباعية «أيار» Meiت(1889)، وكان هرمَن هييرمَنس Herman Heijrmansت(1864-1924) المسرحي الأبرز مع نهاية القرن بمسرحيات مثل «توكلنا على الله» Op Hoop van Zegen الطبيعية عن معاناة صيادي الأسماك ومآسيهم.
وفي القرن العشرين ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى كان هندريك مارسمَن Hendrik Marsmanت(1899-1940) مدافعاً عن الشعر الحر والممثل الأبرز للتعبيرية في الشعر الهولندي في ديوانه «أشعار» Versت(1923)، وشارك مع كتّاب آخرين، منهم مِنُّو تير براك Menno ter Braakت(1902-1940) في تأسيس دورية «فورُم» Forum عام 1932. ويشغل غيريت أختربرغ Gerrit Achterbergت(1905-1962) مكاناً مميزاً في شعر ما بعد الحرب العالمية الثانية، وكان هاجسه في شعره الميتافيزيقي إعادة الحياة إلى المرأة التي أحب، كما في ديوانه «اللازهريات» أو «ألعاب القبر» Cryptogamesجت(1946-1961)، وكان ياكوبوس بلوم Jakobus Bloemت(1887-1966) بشعره الذي اهتم بكمال صنعته، وآرتُر فان شندل Arthur van Schendel من كتّاب هذه الفترة. وقد عالج روائيو النصف الثاني من القرن العشرين موضوعات مختلفة ومتباعدة، مثل الوضع (الشرط) الإنساني في رواية ڤيلّم هرمنس Willem Hermans «لا نوم بعد الآن» Nooit meer slapenت(1966)، والتأمل والفلسفة في روايتي هاري موليش Harry Mulisch «سرير العرس الحجري» Het stenen bruidsbedت(1959) و«الهجوم» De aanslagت(1982). وقد كتب يان ڤولكرز Jan Wolkers - الذي بدأ مسيرته الأدبية عام 1960- وبيب ڤيك Beb Vuyk (أو إليزابيت ڤيك) وماريا درموت Maria Dermoût عن موضوعات أفول الامبراطورية والغربة والمرارة والحب. ومن كتّاب النصف الثاني من القرن العشرين الآخرين لابد من ذكر ڤساليس M.Vasalis وليو ڤرومَن Leo Vroman والكاتبات هِلا هاسّه Hella Haasse وآنا بلامَن Anna Blaman وكوني بالمِن Connie Palmen.
طارق علوش
- التصنيف : الآداب الأخرى - النوع : لغات - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 777 مشاركة :