نارساي (مار)
Narsai (Mar-) - Narsai (Mar-)

نارساي (مار ـ)

(نحو 399 ـ 502 م)

 

مار نارساي Mar Narsai هو أشهر شعراء السريان النساطرة، وأحد كبار المدافعين عن المذهب النسطوري الذي نذر نفسه للدعوة له. ولد في منطقة معلتا قرب مدينة الموصل وتوفي في نصيبين عن عمر مديد ناهز المئة عام أمضاها في التعليم والتأليف ونشر أفكار العقيدة النسطورية. ذهب للدراسة إلى إديسا Edessa (الرها)، المركز الفكري الشهير للثقافة الإغريقية ونهل من علومها اللغوية والدينية والكهنوتية، ثم صار عميداً لمدرسة إديسا (437ـ 459)، التي بدأت تنشر مبادئ المذهب النسطوري تحت رعاية أسقف المدينة ايباس Jbas الرهاوي، الذي كان من كبار الأدباء والمترجمين حتى إنه اشتهر بالمترجم؛ ولكن بعد موته عام 457 تبدلت الأجواء وتفاقم النزاع مع أنصار مذهب الطبيعة الواحدة، الذين صارت لهم الغلبة في المدينة وسيطروا على مقدراتها. وهكذا اضطر نارساي وأتباعه إلى ترك إديسا والتوجه إلى مدينة نصيبين، التي كانت تحت السيطرة الفارسية منذ عام 363 ومركزاً لمدرسة لاهوتية أسسها يعقوب النصيبيني الكبير.

تولى نارساي رئاسة هذه المدرسة، التي صارت تعرف باسم «المدرسة الفارسية» وانضم إليه عدد من أساتذة مدرسة إديسا وطلابها السابقين، وحظيت بدعم الأسقف برصوما Barsauema. وهكذا صارت نصيبين قروناً طوالاً المركز الروحي والفكري للمسيحية السريانية الشرقية والكنيسة النسطورية التي تؤكد استقلال الطبيعتين الإنسانية والإلهية في السيد المسيحu. وبقيت هذه المدرسة تنشر العلم والمعرفة على مدى ربع قرن (471ـ 496) بإشراف نارساي، ثم تولاها أساتذة آخرون تابعوا مسيرته ورسالته، وقد شهدت تطوراً كبيراً في عهد رئيسها أبراهام بيت ربّان Abraham bet Rabban (حتى عام 569 تقريباً). وألف معلموها في حقول الأدب والدين والتاريخ وفقه اللغة السريانية، مثلما نشطوا في مجال الترجمة من الإغريقية إلى السريانية التي أسهمت في نقل الفكر والتراث الإغريقي إلى العربية عبر الترجمات السريانية.

كان نارساي كاتباً غزير الإنتاج في الشعر والنثر على حد سواء، وقد انصبّ اهتمامه على موضوعات الكتاب المقدس ومسائل لاهوتية وأخلاقية وعلى طقوس العبادة، وتأثر بصورة قوية بكتابات ثيودوروس المصيصي Theodoros of Mopsuestia(كيليكيا) سواء في التفسير أم علم اللاهوت المتعلق بشخص السيد المسيحu.

ثمة سجل بالكتابات السريانية من تأليف عبد يشوع بريكا Berika ينسب إلى نارساي مؤلفات عدة حول تفسير العهد القديم، وبحثاً يتعلق بالطقوس الدينية، وكذلك 360 محاورة شعرية من النوع المعروف بالميمْرِه Memre، وهو شعر منظوم للقراءة. كما نسبت إليه ـ من غير وجه حق ـ مجموعة من الأشعار والقصائد المعروفة باسم سوغيثا Sogytha، وهو شعر مقفى للإنشاد عن شخصيات توراتية. ولم يبق من هذه المؤلفات العديدة سوى 80 قصيدة شعرية من نوع الميمْرِه ذات مضمون تعليمي وطقسي، وتتحدث إحدى هذه القصائد عن المعلمين الثلاثة الكبار ديودوروس الطرسوسي Diodoros وثيودوروس المصيصي ونسطوريوس الذين أسسوا المذهب النسطوري.

كان لمؤلفات نارساي تأثير كبير في الكتاب والأدباء النساطرة في القرون التالية، حتى إنه لُقب فيما بعد بـ«لسان الشرق» و«قيثارة الروح القدس». التي سبق أن أُطلقت على شاعر السريان الأكبر إفرام السوري Ephraem Syrus. وتمتاز أشعار نارساي التي كتبها باللغة السريانية بروعتها وجمال أسلوبها وقوة تأثيرها، ويمتاز شعره عموماً بجودة الصقل والأناقة وغنى التشبيهات البديعية المبتكرة وبالسجع في بداية البيت أو في آخره. وتعد قصيدة «شرح الأسرار» من أروع أشعاره وأكثرها صنعة فنية، وتتألف من ثمانية مقاطع شعرية يضم كل منها ثمانية أبيات، ويستعرض فيها نارساي سيرة السيد المسيح من مولده حتى صعوده إلى السماء والأعمال والمعجزات التي قام بها، وهي تعد خير تعبير عن المعتقد النسطوري.

نشرت مجموعة من كتابات نارساي وأشعاره الباقية في «مجموعة آباء الكنيسة الشرقية» Patrologia Orientalis.

محمد الزين

 الموضوعات ذات الصلة:

 

السريان ـ نسطوريوس.

 

 مراجع للاستزادة:

 

- Oxford Classical Dictionary of Byzantium(Oxford 1991).


- التصنيف : الآداب الأخرى - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 345 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة