النقد الإلكتروني
نقد الكتروني
Electronic money (e-money) - Argent électronique
النقد الإلكتروني
يمكن أن يُعرَّف النقد الإلكتروني E-money على أنه المال المتداول أو المقتنى أو المستعمل بصورة إلكترونية، ومن ثمّ فهو المكافئ الإلكتروني للنقود التقليدية المتداولة المدفوعة مسبَّقاً، وهو يمكن أن يحل على نحو كامل محل العُملات التقليدية، لذا فهو شكل من أشكال القيمة المالية المدفوعة سلفاً والتي تملك خاصتين أساسيتين:
ـ كونها مخزنة بطريقة إلكترونية (بطاقة لدائنية ممغنطة أو شريحة إلكترونية تستخدم في نظام محوسب).
ـ إنها مقبولة بوصفها طريقة للدفع من قبل جهات أو أشخاص وسيلة من وسائل نقل الأموال بغض النظر عن الجهة التي أصدرت هذه الوسائل الإلكترونية.
لمحة تاريخية
جاء النقد الإلكتروني ليضيف مظهراً آخر من مظاهر التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع الذي نعيشه، كما أنه يمثل إضافة أخرى ووسيلة أكثر مرونة من وسائل التبادل النقدي الذي تطور تاريخياً عبر العصور المختلفة.
فمع ازدياد شعبية «الإنترنت» وتطبيقات التجارة الإلكترونية ظهرت الحاجة إلى وسائل جديدة عصرية تتيح عمليات البيع والشراء بصورة سهلة وآمنة وسريعة، من هنا تم ظهور بطاقات الائتمان الإلكترونية Credit Cardو«الشيكات» الإلكترونية والمحافظ الإلكترونية وغيرها من هذه الوسائل التي يعدّ النقد الإلكتروني أحد أشكالها الرئيسية، وبذلك أصبح النقد الإلكتروني حاجة وليس خياراً لسهولة استخدامه وسهولة تداوله وأدائه للوظائف الجديدة المطلوبة منه.
لقد كان أسلوب تبادل السلع تاريخياً من أهم عوامل تطور عمليات التجارة عبر البلدان المختلفة وتسهيلها ومن ثم عبر القارات، فقد بدأت المقايضة السلعية منذ فجر التاريخ، وتطورت حتى وصلت إلى العملة المعدنية ومن ثم الورقية إلى أن وصلت حالياً إلى النقد الإلكتروني.
يتميز النقد الإلكتروني بمرونته الفائقة وقدرته الكبيرة على إنجاز المعاملات التجارية بسهولة وسرعة كبيرتين مقارنة بالعملة الورقية العادية المستعملة، وقد شاع استعماله حالياً عبر البطاقات «البنكية» والائتمانية المختلفة، ولكن على هذه المزايا التي يتميز بها النقد الإلكتروني فهناك بعض السلبيات الناتجة من كونه إلكترونياً، ومنها ظهور مشكلتي عدم الخصوصية وإمكانية الاحتيال.
ومن ثمّ فالنقد الإلكتروني يتمثل في قدرة المستخدمين على تحويل الدفعات من حساباتهم الخاصة عبر وسيط يمكن أن يكون «البنك» أو الشركة الضامنة لهذه البطاقة إلى حساب البائع بشكل إلكتروني (فوري أو غير فوري) وبطريقة آمنة تضمن عدم سرقة المال الموجود في البطاقة الإلكترونية.
وتجدر الإشارة إلى أنه يوجد عدة فئات من الناس يرغبون بحمل نقودهم واستخدامها إلكترونياً، وليس على نحو عادي، حيث يشعرون بمزيد من الأمن عند استخدامهم للنقد الإلكتروني، إضافة إلى الشعور بيسر معاملاتهم التجارية وسهولتها في أثناء سفرهم عبر البلدان المختلفة، وهنا يبرز وجوب أن تكون الجهة التي يتعاملون معها- كالمتاجر مثلاً- متصلة مع طرف ثالث كـ«البنك» أو الجهة الضامنة للبطاقة للتأكد من صلاحيتها وأن رصيدها النقدي كاف لإتمام عملية الشراء.
أنواع النقد الإلكتروني وأنظمته ومحاذيره:
هناك مفهومان بسيطان لطريقة عمل النقد الإلكتروني، وهما نظام القيمة المخزّنة المغلقة ونظام القيمة المخزّنة المفتوحة. في النظام الأول تخول البطاقة للشخص الذي يملكها حق استخدام القيمة المالية المخزّنة فيها لشراء حاجيات أو خدمات مقدمة من قبل مُصْدِر البطاقة حصراً، وتستخدم مثلاً في الجامعات في عمليات تصوير الأوراق الدراسية للطلاب أو في بعض المقاهي؛ حيث يمكن إعادة ملء البطاقة مرة أخرى عند انتهاء الرصيد لاستخدامها في المكان نفسه، ولكن حالياً فإن بعض «البنوك» والمصدرين يصدرون بطاقات قابلة للاستعمال مرات عديدة تسمى بأنظمة القيمة المخزنة المفتوحة حيث يمكن استخدام البطاقة بصورة عامة وفي عدة أماكن، وعادة ما تصدرها «البنوك».
تجدر الإشارة إلى أنه عملياً يوجد نوعان أساسيان لعمل النقد الإلكتروني:
1ـ النقد الإلكتروني المعرَّف identified e-money: يمكن في هذا النوع معرفة صاحب النقد كما يمكن تتبع جميع تفاصيل تحرك النقد وما يتبعه من عمليات شراء يقوم بها مالك المال من تواريخ عمليات الشراء وبنودها من مختلف البضائع وأمكنتها.
2ـ النقد الإلكتروني غير المعرَّف anonymous e-money: لا يمكن في هذه الحالة تتبع التفاصيل كما في النوع الأول، ولا يتم معرفة مالك النقد.
ولكل نوع من هذين النوعين شكلان أساسيان:
أ ـ النقد الإلكتروني الموصول بشبكة حاسوب on-line e-money: وهو يتطلب الاتصال المباشر مع «البنك» المصدر لهذه البطاقات والزبون والبائع عند الاستعمال باستخدام شبكات الاتصال وتجهيزاتها، وذلك من أجل إتمام عملية الشراء والتحويل، وهذا ما قد يؤدي إلى ظهور مشكلة الخصوصية.
ب ـ النقد الإلكتروني دون اتصال off-line e-money: وهو أكثر تعقيداً حيث لا يلزم في هذا النوع وجود مثل هذا الاتصال بشبكة الحاسوب التي تربط الأطراف الثلاثة، وهذا النوع هو المعنى الحقيقي لمفهوم «الكاش» cash الإلكتروني، وهنا يمكن أن تظهر مشكلة الصرف المزدوج.
ويجب الانتباه إلى أن المشكلتين الرئيسيتين للنقد الإلكتروني هما:
أ ـ عمليات انتهاك الخصوصية privacy: حيث تخزن جميع عمليات صاحب النقد الإلكتروني وحركاته في كلّ عمليات الشراء وأوقاتها وتفاصيلها وأمكنتها، وهذا ما يزعج كثيراً من الناس، ولا يريدون حدوثه لأنهم يعدّون أن هذه التفاصيل هي من التفاصيل الشخصية التي يجب ألا يطلع أحد عليها مهما كانت صفته.
ب ـ إمكانية الصرف المزدوج double spending: وتتلخص في إمكانية قيام بعض الأشخاص بالقيام بعمليتي استخدام لبطاقات النقد الإلكتروني، وهذا الاحتيال يؤدي لخسائر تلحق بالجهة المصدرة لهذه البطاقات.
لا يمكن أن توجد مشكلة الصرف المزدوج عند استخدام النقد الإلكتروني الموصول بشبكة حاسوب؛ لأن «البنك» سيقوم تلقائياً بفحص صلاحية بطاقة النقد الإلكترونية، ولكن هذه المشكلة يمكن أن تحدث في حال استخدام النقد الإلكتروني غير المعرَّف وغير المتصل بشبكة حاسوب. ومثالاً على ذلك: يمكن لشخص أن يستعمل بطاقته الإلكترونية التي تحوي قيمة مخزنة من النقود الإلكترونية في شراء شيء من متجر ما، ثم يقوم باستخدام البطاقة نفسها وقبل أن يتم تحديث المعلومات وتحصيل مبلغ الشراء من البطاقة عن طريق «البنك» أو الجهة الضامنة (لأنه يعمل باستخدام النقد الإلكتروني غير المعرف وغير الموصول بشبكة) بشراء أشياء أخرى من متجر آخر، وهكذا يكون قد استخدم قيمة النقد الإلكتروني مرتين.
وتجدر الإشارة إلى أن أهم شروط نجاح أنظمة النقد الإلكتروني هو قدرتها على منع حدوث حدوث مشكلة الصرف المزدوج أو اكتشافه، وذلك بوضع قسم من المعلومات الشخصية على البطاقة التي يقوم الشخص باستخدامها، وبحيث لا يكون هذا القسم كافياً لمعرفة هوية هذا الشخص (الحفاظ على خصوصية الشخص). أما إذا قام بالصرف المزدوج فإنه يمكن وضع هذه الأقسام معاً لمعرفة هوية هذا الشخص، والتي يمكن أن تخزن بإحدى طريقتين:
1ـ إنشاء بطاقة إلكترونية ذكية خاصة تحوي قاعدة بيانات مصغرة تضم معلومات حول جميع عمليات الصرف التي تمت سابقاً.
2ـ بناء نظام بهيكلية معيّنة يتم فيها استخدام عمليات التشفير و«بروتوكولاته» لإظهار هوية الشخص الذي قام بعملية الصرف المزدوج.
من جهة أخرى فإن الفرق الكبير والواضح بين حالتـي النقد الإلكتروني المعرّف والموصول بشبكة حاسوب وبين النقد الإلكتروني غير المعرّف وغير الموصول بشبكة حاسوب هو أنه في الحالة الأولى ستتم معرفة جميع المعلومات عن الشخص صاحب النقد الإلكتروني، أما في الحالة الثانية فإن المعلومات التي تم جمعها ستظهر فقط في حال حدوث عملية الصرف المزدوج.
البنية التحتية اللازمة لاستخدام النقد الإلكتروني:
إن أي جهة تريد إصدار النقد الإلكتروني يجب أن تكون مدرجة ومصرَّحاً بعملها من قبل سلطة الخدمات التمويلية (financial services authority) FSA، وهي هيئة مختصة بالتعاملات المالية عبر العالم مقرها في بريطانيا، وتقوم بتوزيع الصلاحيات الخاصة بالعمل المالي وما يتبعه من خدمات، ولها قيود وشروط يجب تحقيقها.
ومن الجدير بالذكر أنه يجب تطبيق معيار الجودة ISO 7616 الخاص باستعمال الدارات المتكاملة الرقمية في العقود الإلكترونية، كما يتم استخدام مخدمات عالية الوثوقية والاعتمادية لتعمل في الزمن الحقيقي وبصورة تضمن عدم الانقطاع، وعبر «بروتوكولات» خاصة بالعمليات المالية مثل بروتوكول الحركات المالية الآمنة (secure electronic transactions) SET، كما يتم استخدام متصفحات إنترنت تدعم بروتوكول الطبقات الأمنية SSL (secure socket layers) مما يجعل عمليات دفع النقود الإلكترونية أكثر أماناً.
الآثار الاجتماعية والقانونية والاقتصادية لاستخدام النقد الإلكتروني:
إن استخدام النقد الإلكتروني له تأثيرات عميقة اقتصادية واجتماعية وسياسية، وهذا القطاع من الأعمال الذي يضم الجهات المصدرة للبطاقات والجهات التي تقوم ببناء أنظمة النقد الإلكتروني والأجهزة اللازمة لعمله هو من القطاعات التي تتميز بتنافسية عالية؛ إذ إن المصارف التي تقوم بإصدار هذه البطاقات ستزيد من قدرتها التنافسية وشعبيتها وانتشارها على نحو واسع بين الزبائن، كما أن ذلك يؤدي إلى تحسين سمعة هذا المصرف أو ذاك تحسيناً كبيراً لأنه يقدم خدمات جديدة وحديثة بفعالية عالية.
من الجانب الآخر فإن ظهور أي مشكلة في أثناء العمل يمكن أن يكون له تأثيرات قانونية على «البنك» من قبل الزبائن، كما في حال فقدان ودائعهم المالية المخزنة على البطاقات نتيجة أي خطأ في النظام المحوسب الذي يدير العملية، كذلك الأمر فإن «البنك» سيعاني خسائر مالية كبيرة في حال حدوث عمليات الصرف المزدوج. ويجب الأخذ بالحسبان قدرة الزبائن أنفسهم على التعامل مع مثل هذه الأنظمة التكنولوجية الحديثة، مما يتطلب زيادة درجة الثقافة والوعي عبر وسائل الإعلام والتعليم. ولا بد أن يكون للهيئات الحكومية المختصة القدرة على تتبع هذا النوع من النقود ومعرفة مصدره وهدفه وكيفية تحصيل الضرائب منه.
ميزات النقود الإلكترونية:
إن من أهم ميزات النقود الإلكترونية هي أنها لا تخضع للحدود التشريعية والجغرافية والسياسية بين الدول، مما يجعلها بسيطة وسهلة الاستخدام، ولا تحتاج إلى استمارات قانونية لتداولها، إضافة إلى كونها رخيصة الكلفة لأنها تستخدم كثيراً عبر «الإنترنت» والشبكات، وتميزها سرعة تداولها كما هي الحال عند استخدام النقد التقليدي، ومن ميزاتها الأخرى أنها طريقة دفع آمنة تضمن الحفاظ على القيمة المالية في أثناء التداول.
إن النظر إلى العالم بوصفه قرية صغيرة يتطلب استثمار وسائل التكنولوجيا والاتصالات بأسلوب يضمن سهولة العمل وجودة الأداء وسرعة تنفيذ الأعمال، وهذا المفهوم هو الغرض من توظيف التكنولوجيا الحديثة في خدمة الأعمال لما يفيد تحقيق الأهداف السابقة وخلق أنواع جديدة من حقول العمل وزيادة الربحية عن طريق زيادة الإنتاجية والفعالية وتقديم خدمات جديدة وحديثة تلبي حاجة الزبائن والمستثمرين بثقة كبيرة ودرجة عالية من الرضا.
خالد جعفري
الموضوعات ذات الصلة: |
الإنترنت ـ التجارة الإلكترونية ـ الحكومة الإلكترونية ـ صندوق النقد الدولي ـ الكتلة النقدية.
مراجع للاستزادة: |
- DONAL O’MAHONY, MICHAEL A. PEIRCE & HITESH TEWARI, Electronic Payment Systems for E-Commerce (Artech House Publishers 2001).
-THOMAS LAMMER, Handbuch E-Money, E-Payment & M-Payment (Physica-Verlag Heidelberg 2007).
- التصنيف : التقنيات (التكنولوجية) - النوع : تقانة - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 829 مشاركة :