محمد تميمي (ابو عبد الله)
Muhammad al-Tamimi (Abu Abdullah-) - Muhammad al-Tamimi (Abu Abdullah-)

محمد التميمي (أبو عبد الله)

(… ـ 380هـ/… ـ 990م)

 

محمد بن أحمد بن سعيد التميمي، المقدسي، أبو عبد الله؛ وُلد بالقدس الشريف، طبيب كجدّه سعيد، له معرفة جيدة بالنبات وماهياته والكلام فيه. كان متميزاً أيضاً في صناعة الطب والاطلاع على دقائقها، له خبرة جيدة في تركيب المعاجين والأدوية المفردة، واستقصى معرفة أدوية الترياق الكبير «الفاروق» وتركيبه، فركّب منه شيئاً كثيراً على أتم ما يكون من حسن الصنعة. ثم انتقل إلى الديار المصرية وأقام بها إلى أن توفي.

كان مقامه أولاً بالقدس ونواحيها، اجتمع في القدس بحكيم فاضل راهب يقال له «أنبا زخريا بن ثوابة»، وقد تحدث هذا الراهب في أجزاء من العلوم الحكمية والطب، له نظر في أمر تركيب الأدوية. لما اجتمع به محمد التميمي لازمه وأخذ عنه فوائد وجملاً كثيرة مما يعرفه، وقد ذكر التميمي في كتابه «مادة البقاء» صفة سَفوف الرجفان، وذكر أنه نقل ذلك عن «أنبا زخريا». وقال القفطي في كتاب «أخبار العلماء بأخبار الحكماء»: «إن التميمي محمد بن أحمد بن سعيد كان جده طبيباً، وصحب أحمد بن أبي يعقوب مولى ولد العباس، وكان محمد من بيت المقدس، وقرأ علم الطب به وبغيره من المدن التي ارتحل إليها، واستفاد من هذا الشأن جزءاً وفيراً، وأحكم ما علمه منه غاية الإحكام».

مدحه العمري في كتابه «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» بقوله: «جادة إحسان، ومادة بقاء الإنسان، عرف الأدوية لطول ما ألِفها، وركّب مفرداتها وألّفها، وجَنَاها من رؤوس الشجر ومما يعرشون، ويبسطون من الأرض ويفرشون، إلى إتقان لقواعد الطب وأصوله، وعوائد المستطب في العالم وفصوله، حتى إنه إليه المرجع، وعليه الاعتماد في كل دواء ينجع».

وهو الذي أكمل الترياق الفاروق بما زاده فيه من المفردات، وذلك بإجماع الأطباء بأنه هو الذي أكمله، وله في الترياق عدة تصانيف ما بين كبير ومتوسط وصغير.

وقد كان مختصاً بالحسن بن عبد الله بن طغج المستولي على مدينة الرملة وما انضاف إليها من البلاد الساحلية، مغرماً به وبما يعالجه من المفردات والمركبات، عمل له عدة معاجين، ولخالخ طبية (اللخلخ: الطيب)، ودخناً دافعة للوباء، وسطّر ذلك في أثناء مصنفاته.

ثم أدرك الدولة الفاطمية عند دخولها إلى الديار المصرية 362هـ، وصحب الوزير يعقوب بن كلس[ر] وزير المعزّ والعزيز، وصنف له كتاباً كبيراً في عدة مجلدات أسماه «مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء» وكل ذلك بالقاهرة المعزّيّة.

لقي الأطباء بمصر وحاضَرهم وناظَرهم واختلط بأطباء الخاص القادمين من أرض المغرب في صحبة المعز عند قدومه، والمقيمين بمصر من أهلها.

قال القفطي: «ولما كان التميمي ببلده البيت المقدس معانياً لصناعة الطب وإحكام التركيبات، صنّف وركّب ترياقاً سمّاه «مخلّص النفوس» وقال فيه: «هذا ترياق ألّـفته بالقدس وأحكمتُ تركيبه، مختصر، نافع الفعل، دافع لضرر السمومات القاتلة المشروبة والمصبوبة في الأبدان، بلسع ذوات السم من الأفاعي والثعابين وأنواع الحيّات المهلكة السم، والعقارب…». ثم ساق مفرداته وصورة تركيبه في كتابه المسمى «مادة البقاء». ولما كان بمصر صنّف جوارش (نوع من المعجون يُعطى عن طريق الفم) وركّـبه وأسماه «مفتاح السرور من كل الهموم، ومفرح النفس» ألّفه لبعض إخوانه بمصر، وذكر صورة تركيبه وأسماء مفرداته، غير أنه ركّبه بمصر وسماها الفسطاط؛ اسمها الأول في زمن عمرو بن العاص عند افتتاحها، وذلك مذكور في كتابه «مادة البقاء». وكان منصفاً في مذكراته، غير رادّ على أحد إلا بطريق الحقيقة، وكان التميمي هذا موجوداً بمصر في حدود سنة سبعين وثلاثمائة».

وإضافة إلى ما أبدعه التميمي في الترياق والدخن الطارد للأوبئة، يُعَد أول واضع لمبدأ مصفاة «شامبرلين» لتصفية الماء بالخزف، وذلك بوضع عدة طبقات من الخزف، وأطلق عليها التصفية بالخزف المخلخل، كما ورد في كتابه «مادة البقاء في إصلاح فساد الهواء»، وشرح فيه أسباب العدوى أيضاً.

له رسالة إلى ابنه علي بن محمد في صنعة الترياق الفاروق، والتنبيه على ما يغلط فيه من أدويته، ونعت أشجاره الصحيحة وأوقات جمعه وكيفية عجنه، وذكر منافعه وتجربته.

وله العديد من الكتب مثل «في الترياق» وقد استوعب فيه تكميل أدويته وتحرير منافعه، وكتاب «مختصر في الترياق»، وكتاب «مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء»، صنّفه للوزير أبي الفرج يعقوب بن كلس بمصر، وله مقالة في ماهية الرمد وأنواعه وأسبابه وعلاجه، وله  كتاب «الفاحص (أو الفحص) والأخبار»، و«المرشد إلى جواهر الأغذية وقوى المفردات من الأدوية»، و«حبيب العروس وريحانة النفوس»، في الطب، و«السر المصون والعلم المكنون»، ويسمى «منافع القرآن» و«خواص القرآن» رتبَّه على السوَر، و«امتزاج الأرواح».

محمد ياسر زكور

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء (مكتبة الحياة، بيروت د.ت).

ـ ابن الأثير، الكامل في التاريخ (دار صادر، بيروت 1979م).

ـ ابن القفطي، أخبار الحكماء (مكتبة المتنبي، القاهرة، د.ت).

ـ ابن هندو، مفتاح الطب، باهتمام مهدي محقق (دانشكاه طهران 1368هـ).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثامن عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 73 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة