نديم (عبد الله-)
نديم (عبد الله)
Nadim (Abdullah-) - Nadim (Abdullah-)
نديم (عبد الله ـ)
(1261ـ 1314هـ/1845ـ 1896م)
عبد الله بن مصباح بن إبراهيم الإدريسي الشهير بالنديم، ولد لأسرة شعبية وأب خباز بالإسكندرية، وتعلم في جامع الأنور المشابه للأزهر، ولكنه لم يطق الاستمرار فيه. نزح إلى القاهرة وتوظف في دائرة البرق والبريد. وهو كاتب وخطيب وصحفي وشاعر. يعد أحد أعلام الوطنية والخطابة في تاريخ مصر الحديث. أسس في الإسكندرية «الجمعية الخيرية الإسلامية». وكان يهدف إلى بناء جيل واع متعلم قادر على إنهاض وطنه. وشعاره المدرسة والمصنع.
أخذ يكتب في الصحافة مطالباً الخديوي وأعوانه بالإصلاح السياسي والاجتماعي، وأجرى اتصالات ببعض ضباط الجيش بقصد العمل المشترك لخدمة البلاد. وانضم إلى حركة القائد أحمد عرابي، فحظي بإعجابه وصار الرجل الثاني معه في حركة النضال، كما أصبح الناطق بلسان الجيش، والداعية الأكبر والخطيب الأشهر للثورة العرابية المتصاعدة.
اتصل بجمال الدين الأفغاني وأعجب بأفكاره وتأثر به ولزمه أربع سنوات. ثم انضم إلى جمعية «مصر الفتاة» السرية وفيها الأفغاني وأديب إسحاق وسليم النقاش… ولكنه لم ينسجم مع بعض أعضائها وتوجهاتهم فانفصل عنها.
أخفق أحمد عرابي ومن معه في ثورته ونفي إلى جزيرة سيلان، وسقطت مصر في يد المحتلين الإنكليز. فاضطر النديم إلى التخفي، وأصبح مطلوباً للسلطة المحتلة والقصر. وراح ينتقل سراً في بلدات مصر وصعيدها حيث آواه بعض محبيه، ولكنه عانى الأمرين من حياة العزلة والترقب، وأصيب بالإحباط والخيبة تجاه إخفاق الثورة وما آلت إليه حال البلاد، ولاسيما ما كان يراه من تكالب بعض الساسة على الحكم وتمسحهم بالمحتل وتسلطهم على الشعب. وبعد تسع سنوات قاتمة من التخفي وشى به أحدهم طمعاً بالمكافأة المعلنة، فأدخل السجن. ثم صدر عنه وعن آخرين عفو من الخديوي بشرط مغادرته مصر منفياً. فرحل إلى بلاد الشام واختار يافا مقاماً له. ولقي من أهلها وسائر الفلسطينيين تقديراً ورعاية بالغين. ثم صدر عفو عنه، وقام بزيارة القدس والمسجد الأقصى ونابلس وبيت لحم قبل عودته إلى مصر.
عاود النديم نشاطه الوطني والاجتماعي بكتاباته الصحفية وبقدر من الاعتدال، ولكنه لم ينج من الكيد. وقررت السلطة إبعاده عن وطنه، فاختار يافا ثانية. ولكنه أمر بالانتقال منها إلى إصطنبول ليكون تحت أعين السلطة، وهناك التقى ثانية أستاذه الأفغاني وكان بينهما ود وتفاهم كما نال الحظوة لدى المقربين من السلطان عبد الحميد ومن رجل القصر القوي «أبو الهدى الصيادي». إلا أنه لم يكن سعيداً على الرغم من كل ذلك لأنه كان مقيد الفكر والقلم ومحاطا برجال السلطة. وفي إصطنبول نشب خلاف حاد بينه وبين الشيخ الصيادي، فهجاه بصفحات ساخرة مقذعة ولم يعد مرغوبا فيه في البلاط العثماني.
ثم صدر عفو عنه وعاد إلى مصر, وأخذ عدد من الشبان الوطنيين يلتقونه مثل مصطفى كامل وأمثاله فراح يرعاهم ويشجعهم على العمل وخدمة الوطن وقد استرد بعض الثقة بالمستقبل وانحسر عنه قدر من تشاؤمه. وظل طوال هذه المدة ينشط في الحقل الاجتماعي نائياً بنفسه عن المعترك السياسي. إلا أنه بقي وفيا لزعيمه أحمد عرابي, وكان يراسله في منفاه بجزيرة سيلان.
يعد النديم أحد أعلام الصحافة المصرية في القرن التاسع عشر، وكان ينشر مقالاته في العديد من صحف القاهرة والإسكندرية. وقد أصدر ثلاث صحف، وهي «التنكيت والتبكيت»، صدرت في الإسكندرية سنة 1881 وراجت بين العامة والخاصة، وجريدة «الطائف»، وهي لسان الحركة الثورية، وآثر لها هذه التسمية تيمناً بمدينة الطائف في الحجاز، وتفاؤلاً بأن تروج وتطوف في البلدان، وتشبهاً بجريدة «الجوائب» التي أصدرها الشدياق في إصطنبول وأراد لها أن تجوب في أرجاء السلطنة. ولكنها لم تعش إلا قليلاً، فتوقفت عن الصدور إثر إخفاق الثورة ووقوع الاحتلال، أما «الأستاذ» فكانت مجلة أسبوعية، جنح فيها النديم إلى الاعتدال، ويغلب عليها المنحى الاجتماعي الذي أخذ يؤثره في أواخر حياته. وكانت حافلة بالنقد الاجتماعي اللاذع، والزجل والأشعار الهازلة… توفي النديم بمرض السل في إصطنبول، ومشى في جنازته الكبراء، وفي مقدمتهم جمال الدين الأفغاني.
وفترة التخفي المديدة أتاحت للنديم المطالعة والكتابة والنظم. وأعماله غزيرة ضاع أكثرها أو أهمل أو ألقي في النيل، وما بقي منها مايزال مخطوطاً. وأسلوبه جزل بليغ، وأكثره مثقل بالسجع. من كتبه المنشورة «كان ويكون»، وقد غير اسمه ليكون «تاريخ مصر في هذا العصر». ويقع في ثلاثة أجزاء، ضاع الأولان ونشر الثالث بعد وفاته. و«المسامير» في ثلاثة أجزاء، وهو في هجاء أبي الهدى الصيادي، وموضوعات متفرقة وأغلبه على غرار أسلوب المقامات. طبع منه الجزء الأول.
عمر الدقاق
مراجع للاستزادة: |
ـ علي الحديدي، عبد الله النديم، خطيب الوطنية سلسلة أعلام العرب «العدد 9» (مكتبة مصر، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، القاهرة، د.ت)
ـ محمد أحمد خلف الله، عبد الله النديم ومذكراته السياسية (القاهرة 1956).
ـ أحمد سمير، سلافة النديم (القاهرة، د.ت).
- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 557 مشاركة :