الدببة
دببه
Ursidae - Ursidés
الدببة
الدببة Bear فقاريات ضخمة معروفة للجميع، وأول ما يتبادر للذهن منها الدب القطبي الأبيض الضخم، وكذلك دببة الغابات والجبال ذات اللون البني المائل للسواد.
تنتمي الدببة إلى صف الثدييات Mammalia، فوق رتبة superorder الثدييات الحقيقية Eutheria (يتصل جنينها مع الأم بوساطة المشيمة)، رتبة اللواحم Carnivora، فصيلة الدببة Ursidae التي تمثل أضخم اللواحم.
ذيلها قصير وأسنانها عريضة، ويتغذى معظمها بالجيف ماعدا الدب القطبي الذي يتغذى بالفقمة حصراً. ويعتقد أن هذه الحيوانات كانت قد اشتقت من الكلبيات Canidae، ثم تطوّرت بشكل مجموعة منفصلة في عصر الميوسين Miocene.
الشكل (1) الدب الأبيض |
أنواعها وطباعها
يميز من الدببة: الدببة القطبية البيض والدببة السمر أو البنية.
الدببة البيض: على الرغم من كونها سباحة ماهرة، ومن هنا اشتق الاسم العلمي لها «دب البحر Ursus maritimus»، وكانت تسمى Talarctos maritimus (Phipps) (الشكل -1)، إلا أن الواحد منها لا يستطيع مجاراة الفقمة في السباحة في أعالي البحار، مما يدفعه لأن يلجأ إلى استراتيجياتٍ وحيلٍ خاصة بصيدها على الجليد في أثناء بروزها عنه للتنفس. ودب البحر أكثر الدببة القطبية انتشاراً في المنطقة القطبية. يوجد منها حالياً نحو أربعين ألفاً تنتشر في كندا وألاسكا وروسيا وغرينلند والنروج، التي قد يصل طول الذكر منها إلى نحو ثلاثة أمتار، وربما يصل وزنه إلى ما يقارب النصــف طن. أما الأنثى فتكون عادة أصغر من الذكر وأقل وزناً.
لا يلجأ الدب القطبي عادة إلى ما يعرف بالبيات الشتوي[ر] التي تؤديها الدببة البنية غير القطبية. وقد يمضي الدب القطبي فترة طويلة من دون طعام، معتمداً بذلك على مدخراته الدهنية المتمثلة بطبقة دهنية تحت الجلد قد يصل ثخنها إلى عشرة سنتمترات، فالمعروف أن ذوبان الجليد في أشهر الصيف الأربعة يحرم الدب القطبي من صيد الفقمة التي تشكل غذاءه الرئيسي. كما أنه يلجأ شتاءً إلى تشكيل فراء خاص مؤلف من طبقتين يجعله يبدو ككرة بيضاء علــى الجليد، وتكون أشعار هذا الفراء مفرغة مما يسمح لكل أثر من أشعة الشمس من الوصول إلى الجلد الأسمر الأصلي للدب. ويساعد الذيل القصير والأذنين القصيرتين أيضاً في حفظ مـا أمكن من حرارة الجسم لقلة سطح التعرض للبرد. وفي أشهر الصيف القليلة يغير الدب القطبي فراءه هذا إلى آخَر أخف منه وأعتم لوناً، كما يبدأ باستهلاك مدخراته من الدهون لأنه يتحرك في هذا الفصل لمسافات بعيدة وبنشاط زائد، فقد يقطع ما يقارب الخمسة آلاف كيلو متر باحثاً عن الفقمة ليتغذى بها، مع أن قطر موئل الدب عادة لا يتجاوز بضع مئات من الكيلو مترات المربعة.
صحيح أن الدب القطبي لا يلجأ عادة إلى البيات الشتوي، المعروف عند الدببة، إلا أن اشتداد البـرد فوق المعتاد يجعله يحفر أنفاقاً في الجليد درءاً له وحماية.
ومثل هذه الاستراتيجيات المختلفة عند الدب القطبي، والذي يبلغ متوسط عمره ثلاثين عاماً، مكَّنَت هذه الدببة من الاستمرار في مقارعة وتحدي ظروف عيشها القاسية جداً ما لا يقل عن مئتي ألف سنة حتى اليوم.
وأكثر ما يخشاه البيئيون اليوم هو وصول التلوث أو آثاره إلى مناطق الدب القطبي، وبالتالي تأثيرها علـى بعض حلقات السلسلة الغذائية هناك والتي يشكل الدب القطبي رأس الهرم فيها. كما يخشون أيضاً جشع صائدي الدب القطبي طمعاً في فرائه الثمين، مما اضطر الدول المعنية والجهات والمنظمات المهتمة، إلى اتخاذ الإجراءات وسن القوانين الخاصة بتنظيم هذا الأمر والحد من عمليات الصيد الجائر والتعدي على بيئة هذه الدببة وتلويثها وتخريبها بالنشاطات البشرية المتزايدة، ولا يُغفل مدى خطورة ثقب الأوزون على المناطق القطبية.
وقد تمضي إناث الدب القطبي، وخاصة الحوامل منها، فترة جوع طويلة قد تصل إلى ما يزيد على نصف العام إلى أن تلد (عادة وليدين) بين شهري كانون الثاني وشباط، إلا أنهـا سرعان ما تعيد بناء طاقتها وجسمها لتعتني بصغارها، التي ربما تبقى تحت رعايتها من سنة إلى ثلاث سنوات.
الشكل (2) الدب الأسمر |
الدببة السمر أو البنية: على الرغم من تسميتها كذلك، فإن ألوانها تراوح بين البني المشوب بلون آخر، وبين الفضي المائل للزرقة، وربما في حالات نادرة تكون بيضاً. وهي تعيش عادة في أوراسيا وأمريكا الشمالية. والمعروف أن هذه الدببة تتغذى على الأكثر بالتوت البري والجوز وبعض الأعشاب، وكذلك بيرقات الحشرات وأحياناً باللحوم، فهي رمّامة. ويعدُّ سمك السلمون غذاءً رئيساً لها (الشكل -2).
والدببة السمر ذات حاسة شم ممتازة، كما أنها متسلقات جيدة للأشجار، وكذلك سباحات ماهرة. ومن أهم صفاتها أيضاً فطنتها وفضولها وحبها للاستطلاع. وهي سريعة الحركة، إذ بمقدورها الجري بسرعة قد تصل إلى نحو ستين كيلومتراً في الساعة أو يزيد، على الرغم من أن وزنها قد يزيد على المئة والعشرين كيلو غراماً. ويعد متوسط عمر الدب الأسمر قريباً من عمر الدب القطبي، إذ يبلغ هنا قرابة خمسة وعشرين عاماً في الطبيعة وليس في الأسر.
يمتد فصل تكاثرها بين حزيران وتموز وآب، إذ يتلازم ذكر وأنثى عدة ساعات أو أياماً، لأن الدب الأسمر انفرادي بطبعه، ماعدا الأنثى في وقت رعايتها لصغارها. ويستمر الحمل نحو مئتين وعشرين يوماً، ثم تولد الصغار، الذي يعرف الواحد منها باسم الديسم، ما بين كانون الثاني وشباط، وقد تحمل الأنثى في البطن الواحد من واحد إلى خمسة جِراء، ولكـن العادة أن تضع في كل ولادة ديسمين اثنين، ويبلغ وزن الديسم عند ولادته نحو ثلاثة كيلو غرامات أو أقـل. وتبقى الدياسم في رعاية أمهاتها ما بين سنة أو سنة ونصف، وقد يزيد على ذلك، الأمر الذي لا يسمح بعملية تكاثر أخرى لهذه الأم قبل عامين.
يعد الدب البني Ursa arctos L (الشكل -2) أضخم الأنواع الحية من الدببة، وهو يعيش في ألاسكا، وقد يصل طوله إلى ثلاثة أمتار ووزنه إلى نحو ثمانمئة كيلو غرام. ويعد الدب البني الأمريكـي Ursa Americana Pallas أكثر انتشاراً، لكنه أصغر حجماً بالمقارنة مع الدب البني العادي. أما الدب البني أبو النظارة Tremarctos ornatus (Cuvier) فينتشر في جبال الأنديز، من البيرو حتى بنما، وفروتـه سوداء مع بقع بيض حول العيون، مما أعطاه هذا الاسم. وينتشر الدب الآسيوي الأسمر Selenarctos thibetanus (Cuvier) في أفغانستان ويمتد انتشاره إلى اليابان؛ فروته سوداء مع بقعة هلالية الشكل بيضاء على الصدر. ويعد دب الملايا Helarctos malayanus (Raffles) من أصغر الدببة حجماً، شعره قصيـر وهو شجري. ويعيش الدب الكسلان Melursus ursinus (Shaw) في الهند وسيلان، وهو معروف ببطء حركته، ويتغذى بالنمل الأبيض.
وتجدر الإشارة إلى أن الدببة غير عدوانية بطبيعتها، ولاسيما البنية منها، بيد أن فضولها وردة فعل الخوف السريعة التي يظهرها الإنسان حيالها يسهمان في إثارتها وإخافتها مما يجعلها تتصرف بعدوانية.
محمود كروم
مراجع للاستزادة: |
ـ محمود كروم، الوجيز في تصنيف الحيوان (مطبوعات جامعة حلب 1988).
- American Bear Association; VSWS; M.I.E.; (2003).
- K.Kowalski, Mammals, An Outline on Their Biology. Warzowa (1976).
- التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات) - النوع : علوم - المجلد : المجلد التاسع - رقم الصفحة ضمن المجلد : 191 مشاركة :