سوسة
سوسه
Susa - Susa
سوسه
|
مدينة سوسه Susa العاصمة الرئيسـة للدولة العيلامية التـي قامت في جنوب غربي إيران في الألف الثالثة ق.م تقريباً، على التخوم الجنوبية لبلاد الرافدين. يعرف موقع سوسه في الوقت الحاضر باسم شوش Shush، وهو استمرار للاسم القديم، ويطلق الاسم نفسه على البلدة التي تقوم حالياً عند الطرف الغربي من الموقع الأثري. تبلغ أبعاد هذا الموقع نحو 1400 × 800 متر، ويراوح معدل ارتفاعه ما بين 15ـ 25 متراً فوق مستوى السهل المحيط به، ويطل على الضفة اليسرى لنهر شاؤور Sha‘ur الذي يتوسط نهري الكرخه وديز. وتدل نصوص العصر البابلي الأخير على أن الاسم نفسه أطلق على أربع مدن في جنوب بلاد الرافدين.
ابتدأت التنقيبات الآثارية في موقع مدينة سوسه في عام 1850 م، من قبل بعثة بريطانية برئاسة لوفتس W.K.Loftus، وتوقفت في عام 1853. وفي عام 1884 باشرت بعثة آثارية فرنسية بالتنقيب في هذا الموقع، واستمرت في عملها مواسم عدة دامت حتى عام 1990، وتولى إدارتها كل من: مارسيل ديولافوي Marcel Dieulafoy، جاك دي مورغن Jacques de Morgan، رولاند دي مكوينم Roland de Mecquenm، رومان غرشمن Roman Ghirshman، وجين بيرو Jean Perrot. قامت هذه البعثة بالتنقيب في أربعة مواضع في الموقع الأثري أطلق عليها المنقبون التسميات الآتية: «ابَدانا» Apadana في الجهة الشمالية، و«اكروبول» Acropole في الجهة الغربية، و«المدينة الملكية» Ville Royale في الجهة الشرقية، و«الحصن» Donjon في الجهة الجنوبية.
بلغ عدد الطبقات البنائية الرئيسة التي كشفت عنها التنقيبات في موقع سوسه ثماني عشرة طبقة في منطقة الأكروبول وخمس عشرة في منطقة المدينة الملكية. ويقسم التأريخ المبكر للمدينة، حتى بداية الألف الثالثة قبل الميلاد، إلى ثلاثة أدوار رئيسة أطلق عليها: دور سوسه الأول، والثاني، والثالث. يبدأ دور سوسه الأول، وهو أقدم الأدوار في تأريخ المدينة، في أواخر الألف الخامسة قبل الميلاد، ويعاصر دور العبيد في بلاد الرافدين. ويبدأ دور سوسه الثاني في منتصف الألف الرابعة قبل الميلاد ويعاصر دور الوركاء، ويضاهيه في التوصل إلى أولى الممارسات الكتابية، وذلك بتطوير ما عرف بالكتابة شبه العيلامية Proto-Elamite. أما دور سوسه الثالث فيعاصر دور جمدة نصر في بلاد الرافدين (نحو3000ـ2700ق.م).
بعد تلك الأدوار الثلاثة مرت سوسه بثلاثة عصور تأريخية، هي : العصر العيلامي القديم (نحو 2700ـ1600ق.م)، وقد وقعت المدينة فيه تحت السيطرة الأكدية، ومن ثم تحت سيطرة سلالة أور الثالثة قبل ان تستعيد استقلالها على يد حكام من العاصمة العيلامية الثانية انشان (تل مليان اليوم). وفي العصر العيلامي الوسيط (نحو 1600ـ1100ق.م) شهدت سوسه عصرها الذهبي، وحققت انتصارات حربية على الكاشيين في بلاد الرافدين، واستولت على غنائم، من بينها مسلة حمورابي. وقد اكتشفت هذه المسلة، التي تحمل نص شريعة حمورابي الشهيرة، في أثناء تنقيبات موسم 1901ـ1902 مع كِسَر من نسخ أخرى للمسلة، ونقلت إلى متحف اللوڤر بباريس، حيث بقيت المسلة الكاملة محفوظة هناك. أما الكِسَر فقد أُرسلت إلى المتحف العراقي ببغداد في عام 1980م. وإلى هذا العصر يعود تشييد زقورة المدينة [ر. الزقورة]، من قبل الملك اونتاش ـ نابريشا (1275ـ1240ق.م) Untash - napirisha.
ولكن سوسه دخلت في مرحلة اضمحلال في العصر العيلامي الحديث (نحو 1100ـ539ق.م). وقد شهد هذا العصر عملية تدمير سوسه على يد الملك الآشوري آشور بانيبال، في الحملة الحربية المؤرخة في 647ـ646ق.م. وفي عصر الامبراطورية الأخمينية استعادت سوسه بعض أهميتها، حينما اتخذها بعض ملوك ذلك العصر مقراً لهم وشيدوا لهم قصوراً فيها. وقد جعل أولئك الملوك من سوسه مركزاً إدارياً إلى جانب العاصمتين الأخمينيتين برسيبوليس Persipolis واكبتنا (همدان اليوم). واستمرت هذه المدينة على مكانتها في العصور اللاحقة، وعرفت باسمها الحالي «شوش» في العصر الساساني.
ويروي الثعالبي أن الملك الساساني سابور الأول (241ـ272م) Shapur I أمضى آخر أيامه في سوسه. وينسب الطبري إعادة إعمار هذه المدينة إلى سابور الثاني (309ـ379م) Shapur II. ويرجح المنقبون الطبقة الرابعة في منطقة «المدينة الملكية» إلى هذا العصر الذي شهد أيضاً تدمير المدينة في عام 339م على يد سابور الثاني.
نائل حنون
الموضوعات ذات الصلة: |
آشور بانيبال ـ الزقورة.
مراجع للاستزادة: |
- P. O.Harper,J. Aruz , & F. Tallon (eds.), The Royal City of Susa: Ancient Near Eastern Treasures in the Louvre (New York 1992).
- M. J.Steve, H.Gasche, & L.de Meye, “La Susiane au Deuxieme Millenaire:A propos d’une Interpretation du fouilles du Suse”, in Iranica Antique 15 (1980).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الحادي عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 306 مشاركة :