توته
Thymus - Thymus

التوتة

 

التوتةthymus غدّة موجودة في أعلى التجويف الصدري. وعلى الرغم من وصفها منذ زمن بعيد، إلا أن الجدل مازال مستمراً حول وظائفها الفيزيولوجية، ففي السابق كانت أهميتها تتركز على بعض الأمراض التي تترافق مع زيادة حجمها أو غيابها، أو حينما تتكون بها بعض الأورام التي قد تستلزم العمل الجراحي، ولكن ازدادت أهميتها جداً في العقود الأخيرة، مع تطور وتنامي علم المناعة ومعرفة شأنها في هذا المجال الحيوي.

تتكون التوتة من فصين، وتغطي الجزء العلوي من التامور والأوعية الدموية الكبيرة الخارجة من القلب، وتمتد إلى الأعلى حتى قاعدة الرقبة. تأخذ ترويتها الدموية من الشرايين الثديية الباطنية، ويزداد حجم هذه الغدة في الطفولة، ولكن تبدأ في الضمور بعد ذلك تدريجياً.

يتكون كل فص في التوتة من عدة فصيصات، كل فصيص يتكون من قشرة خارجية، يحيط بلب داخلي. تحتوي القشرة تجمعات كثيفة من الخلايا اللمفاوية، التي تسمى الخلايا التوتية thymocytes، هي في غالبيتها خلايا لمفاوية تائية في مراحل مختلفة من التطور، ولكن تَوَزُّع الخلايا يكون أقل كثافة في اللب، بجانب ذلك توجد خلايا تسمى (جسيمات هاسلHassal’s corpuscles )، لا تعرف وظيفتها بالضبط، وتتوزع في كامل نسيج التوتة.

الوظائف الفيزيولوجية

بعد التطور الكبير في علم المناعة، وجد أن لهذه الغدة تلعب شأناً مهماً في مناعة الجسم، وخاصة بعلاقتها في تنظيم بعض الخلايا اللمفاوية وتنشيطها. ويمكن اختصار شرح هذا الدور كما يأتي:

1ـ فيزيولوجية التوتة في المناعة ودورها: تُعَرَّف المناعة على أنها مقدرة الكائن الحي على مقاومة كل جسم غريب يحاول مهاجمة الجسم سواء كان من الجراثيم أو البروتينات الغريبة أو السموم أو الذيفانات والتصدي له، ويتم ذلك بوسيلتين:

أ ـ المناعة الطبيعيةnatural immunity: خلقت هذه المناعة مع الإنسان، وهي مناعة غير نوعية، وتحمي الجسم بوجه عام ضد كل العوامل المؤذية، سواء كانت كائنات حية أو مواد غريبة عن الجسم. وتشمل آليات المناعة الطبيعية:

ـ الجلد والأغشية المخاطية وعملها كحاجز ضد غزو الكائنات الحية الدقيقة.

ـ إبطال فعالية الجراثيم والسموم والمواد الغريبة عن طريق البلعمة (أي التهامها عن طريق الخلايا البيض، وتحليلها وتفتيتها عن طريق الكثير من الإنظيمات ومواد أخرى...).

ب ـ المناعة المكتسبة أو المناعة النوعيةspecific immunity: لا تولد مع الإنسان، ولكن تكتسب مع تعرض الجسم للمادة الغريبة سواء كانت جراثيم أو بروتينات...الخ، وهذه المناعة المكتسبة تنقسم إلى نوعين:

ـ المناعة الخلطية humoral immunity: تسمى الخلايا المسؤولة عن هذا النوع من المناعة بالخلايا البائية lymphocytes-B، وهذه الخلايا مسؤولة عن تعرف الجسم الغريب، حيث تُفَعَّـل بطريقة معقدة، لتكوين بروتينات تسمى الأضدادantibodies، تتَّحد مع الأجسام الغريبة فتدمِّرها أو تخرِّبها، أو تساعد الخلايا البيض على بلعمتها. تمثل الخلايا اللمفاوية البائية 5-10٪ من مجموع الخلايا اللمفاوية في الدوران.

ـ المناعة بتوسط الخلاياcell-mediated immunity: تسمى الخلايا المسؤولة عن هذه المناعة بالخلايا التائية lymphocytes-T، وهذه الخلايا تُكَوِّن نسائل كبيرة ومتعددة. يتم تحديد وظائف وتطور، وتَخَصُّص هذه الخلايا في التوتة، ومن أجل ذلك سميت بالخلايا التائية، ومن هنا تأتي أهمية التوتة، لأنها تحدد تكوين أنواع مختلفة من هذه الخلايا التائية، وتحدد لكل مجموعة وظائفها الخاصة بها والتي يمكن اختصارها فيما يلي:

ـ الوظيفة التنظيمية: وتقوم بتنظيم جميع الخلايا المختلفة المنوطة بالنظام المناعي وإدارتها، وتسمى هذه المجموعة من الخلايا (الخلايا التائية المساعدة helper cells-T).

ـ الوظيفة الفاعلة: وتقوم بها مجموعة من الخلايا اللمفاوية التائية تسمّى الخلايا الكابتة suppressor cells، أو اللمفاويات السامة للخلايا cytotoxic lymphocytes، وتستطيع هذه الخلايا قتل الخلايا المخموجة بالفيروسات، وكذلك حل الخلايا الورمية، ووظائف أخرى كثيرة.

تمثِّل الخلايا التائية نحو80٪ من مجموع الخلايا اللمفاوية الموجودة في الدوران، وكما ذكر يقع تنظيم وظائف هذه الخلايا المهمة على عاتق غدة التوتة.

 2ـ فيزيولوجية إفراز بعض الهرمونات من التوتة: دلَّت الدراسات الكثيرة على أن هناك مجموعة من الهرمونات المتكونة في داخل خلايا التوتة مثل؛ التيموزين thymosin، وعامل التوتة thymic factor، والهرمون المحفز للمفاوياتlymphocyte-stimulating hormone، ومواد أخرى كثيرة، كلها تفرز من التوتة، ويبدو أن جميع هذه الهرمونات والمواد تقوم بدور مهم في تطور الخلايا التائية، وتخصيص أنواعها، والتحكم في وظائفها، ومن ثمَّ لها دور مهم في مناعة الجسم.

الأمراض المترافقة مع اضطرابات غدة التوتة

أمراض التوتة نادرة أو قليلة الحدوث، ويمكن تقسيمها إلى:

 1ـ أمراض تترافق مع غياب كلي أو جزئي للتوتة: وصفت عدة متلازمات أهمها:

ـ متلازمة دي جورج Di George syndrome: وهي حالة وراثية يحدث فيها غياب كلي أو جزئي للتوتة، مع غياب الدريقات أيضاً. تنقص جداً في هذه الحالات المناعة المتوسطة بالخلايا، وقد جرب علاجها بالتيموزين، كما يعطى لهؤلاء الأطفال العلاج البديل للدريقات، مثل الكالسيوم، وفيتامين«د»، وهرمون الدريقات.

ـ متلازمة نيزيلوفNezelof syndrome: وهي مشابهة للمتلازمة السابقة بدون غياب الدريقات.

ـ النقص المناعي المشترك الوبيل:severe combined immune deficiency syndrome تظهر أعراض هذه المتلازمة في الشهور الثلاثة الأولى بعد الولادة، ويموت معظم الأطفال قبل أن يبلغوا سن الثانية من نقص المناعة والالتهابات المتكررة.

 2ـ أمراض تترافق مع وجود كتل أو أورام في التوتة: الأورام التي تشاهد في غدة التوتة ليست نادرة، ونحو10-20٪ من هذه الأورام تترافق مع حالة مرضية تسمى الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis ، ومن ناحية أخرى فإن 15٪ ممن يعانون من هذا المرض يكون لديهم أورام في التوتة. تتميز هذه الحالات بضعف عضلي، وخاصة عضلات العين، ولكن يمكن إصابة أي عضلات أخرى. يحدث المرض عادة في ريعان الشباب وهو أكثر ترددا في النساء من الرجال. عادة ما يكون مسار المرض متطوراً، ولكن أحيانا تحدث هدآت أثناء المسار. وتعالج هذه الحالات إما طبياً بإعطاء دواء النيوستغمين، وإما جراحياً إذا لم يستجب المريض للعلاج الدوائي.

توجد أورام أخرى تصيب التوتة، مثل الأورام المسخيةteratoma، وقد تتضخم هذه الأنواع، أو قد يحدث تحول سرطاني بها، وأسلم طريقة للعلاج هي الاستئصال الجراحي.

 

علي هاشم

 

مراجع للاستزادة:

 

- JOHN AXFORD, Medicine, Blackwell 1996.


- التصنيف : طب بشري - النوع : صحة - المجلد : المجلد السابع - رقم الصفحة ضمن المجلد : 110 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة