دار الإسلام
دار اسلام
Dar al-islam - Dar al-islam
دار الإسلام
تاريخ ظهور هذا الوصف
يرى الإمام الشافعي وغيره، أن الأصل في الدنيا كونها داراً واحدة، تشمل العالم كله، وترتب على ذلك إيجاب تطبيق الأحكام الشرعية كلها من الحدود (العقوبات المقدرة) وغيرها من التعازير (العقوبات غير المقدرة) على المسلم أينما كان. ويرى فقهاء الحنفية: أن الأصل كون الدنيا دارين، فلم يوجبوا إقامة الحدود الشرعية على المسلم في دار الحرب[ر].
والواقع أن ظهور هذا الوصف كان بسبب قيام الحرب أو حالة الحرب بين المسلمين وغيرهم في صدر الإسلام بعد الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، فهو وصف بني على أساس الواقع الطارئ في علاقات المسلمين بغيرهم في خارج سلطان دولتهم، وليس فيه نص شرعي. قال الإمام ابن حزم الظاهري: «وكل موضع سوى مدينة رسول الله r فقد كان ثغراً (موضع المخافة من الأعداء في أطراف البلاد الإسلامية) ودار حرب ومغزى جهاد».
التعريف
دار الإسلام: كل موضع كان الظاهر فيه حكم الإسلام. وبعبارة أخرى: هي الدار التي يسكنها المسلمون، وإن كان فيها أهل ذمة[ر] (عهد) أو فتحها المسلمون وأقروها بيد غيرهم، أو كان المسلمون يسكنونها، ثم أجلاهم الأعداء عنها. وتسمى دار الإسلام أيضاً دار العدل، لأن العدل واجب فيها في جميع أهلها بالمساواة. والدار: هي كل موطن له كيانه الخاص، وسلطانه المستقل عن غيره. ويترتب على التعريف الثاني أن بلاد الإسلام تشمل ما يأتي:
1- كل بلد يسكنه المسلمون، وتظهر فيه أحكام الإسلام.
2- كل بلد يخضع لسلطان المسلمين، سواء كان جميع سكانه مسلمين، أو كانوا هم الأغلبية، حيث يعيش معهم أهل الذمة(أصحاب معاهدة الاستيطان في بلد إسلامي).
3- البلاد التي فتحها المسلمون، وأقروها بيد أهلها الأصليين، على أن ملك الأراضي للمسلمين، ويوضع عليها الخراج[ر] (ضريبة الأرض) ويفرض على أشخاصها الجزية[ر] (ضريبة الدفاع عنهم).
4- كل بلد خضع لسلطان المسلمين، ثم تغلب عليه الكفار، وأجْلَوا المسلمين عنه مع الذميين أو وحدهم، أو تركوهم خاضعين لسلطانهم. وهذا هو رأي فقهاء الشافعية والإباضية، من دون غيرهم.
يتبين من هذا أن العبرة بهذا الوصف: شيئان: تطبيق أحكام الإسلام الدينية والمدنية والسياسية والجزائية (الجنائية) فيها، وكون السلطة أو الحكم السياسي للمسلمين، وإن تعايشوا مع غيرهم في دارهم بمعاهدة دائمة هي عقد الذمة (العهد والأمان) أو اقتصر الأمر على إقامة شعائر الإسلام.
مشتملاتها
تشمل دار الإسلام بالتفصيل ما يأتي:
1- أرض العرب أو جزيرة العرب (من عدن إلى حدود العراق، وتشمل اليمن ودول الخليج).
2- ما أنشأه المسلمون وأحدثوه، كالبصرة والكوفة.
3- ما فتحه المسلمون عَنْوة (قهراً) كبلاد العراق والشام ومصر.
4- ما فتح صلحاً على أن الأرض لأصحابها، ويؤخذ منهم خراجها، كسمرقند، والحبشة.
5- كل أرض أسلم أهلها طوعاً.
وضابطها كما تقدم: هي البلاد التي تكون في نطاق السيادة الإسلامية، وأحكام الإسلام فيها نافذة، وشعائر الدين مقامة.
وكل الدول العربية والإسلامية وهي اليوم في الأمم المتحدة 54 دولة تابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، ومنها فلسطين، وتركية وكشمير، ولبنان ونحوها، لأن السلطة فيها، وإن كانت في بعضها غير إسلامية، فإنه يكفي بقاء شعائر الدين فيها معلنة، مثل إقامة صلاة الجمعة والجماعة والعيدين والآذان والإقامة وسائر العبادات.
تغير صفة الدار
للفقهاء اتجاهات ثلاثة في هذا:
قال الشافعية: لا تتغير مطلقاً دار الإسلام إلى دار كفر أو حرب، في جميع الأحوال، ولو استولى عليها الأعداء، وطردوا المسلمين عنها، وأظهروا فيها أحكامهم أو أنظمتهم، لما أخرجه الدار قطني - وهو حديث حسن - أن رسول الله r قال: «الإسلام يَعْلو ولا يُعْلى عليه».
وقال المالكية والحنابلة وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة: تصير دار الإسلام دار حرب أو كفر، بشرط واحد هو ظهور أحكام الكفر فيها، لأن ظهور الإسلام بظهور أحكامه، فإذا زالت هذه الأحكام، لم تبق دار إسلام.
وذهب أبو حنيفة: إلى أن دار الإسلام لا تصير دار حرب إلا بثلاثة شروط:
1- ظهور أحكام الكفر ونفاذه فيها ولا يحكم فيها بحكم من أحكام الإسلام.
2- أن تكون متاخمة لدار الكفر أو الحرب، بحيث لا تكون بينهما بلدة من بلاد الإسلام يلحقهم المدد منها.
3- أن يزول الأمان الأول الذي منحه الإسلام للمسلم بإسلامه وللذمي (المعاهد) بعقد الذمة، ويحل محله أمان الكفار.
واتفقت المذاهب الإسلامية على وجوب الجهاد على المسلمين لاستعادة حقوقهم المغتصبة، والدفاع عن دار الإسلام، وحماية المسلمين في أموالهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وإقامة (تطبيق) شعائر الإسلام.
فعدّ أبو حنيفة أساس اختلاف الدار: هو وجود الأمان للمقيمين فيها، فإذا كان الأمن فيها للمسلمين على الإطلاق، فهي دار إسلام، وإذا كان الأمان للكفار، فهي دار حرب، ولا يزول الأمن لمسلم إلا بالأمور الثلاثة المذكورة.
الوضع الراهن
مع أن أغلب البلاد الإسلامية لا تطبق أحكام الشريعة الإسلامية كلها، فإنها تظل دار الإسلام، بسبب كون الأمان فيها للمسلمين، على رأي أبي حنيفة، وأن دار الإسلام لا تتحول إلى دار حرب في أي حال من الأحوال، على رأي الشافعية، وأن ظهور أحكام الشرك أو الكفر في الجملة غير شائع، على رأي المالكية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة، وإن وجدت مخالفات قانونية، لكن الشعائر الإسلامية فيها قائمة ونافذة. ومن أخطر ما تتجه إليه بعض الأحزاب الموسومة خطأً بأنها إسلامية من عدّ ديار المسلمين الحالية دار حرب وهذا يؤدي لأحكام خطيرة.
وهبة الزحيلي
الموضوعات ذات الصلة: |
الأمان في الإسلام ـ الجزية ـ الخراج، دار البغي ـ دار الحرب ـ دار العهد ـ القانون الدولي العام.
مراجع للاستزادة: |
ـ محمد بن أحمد بن سهل السرخسي، المبسوط (مطبعة دار السعادة، مصر 1324هـ)
ـ علاء الدين أبو بكر بن مسعود الكاساني، بدائع الصنائع (شركة المطبوعات العلمية، مصر 1327هـ).
ـ محمد بن قيم الجوزية، أحكام أهل الذمة (مطبعة جامعة دمشق 1961م).
ـ سليمان بن محمد بن عمر، حاشية البجيرمي على المنهج، وحاشيته على الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (القاهرة، 294هـ).
ـ رشيد رضا، تفسير المنار (مطبعة المنار، القاهرة 1346هـ).
ـ وهبه الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي (دار الفكر، دمشق 1963م).
- التصنيف : الشريعة - النوع : دين - المجلد : المجلد التاسع - رقم الصفحة ضمن المجلد : 100 مشاركة :