بول (امراض جهاز)
Urinary system (disease of-) - Appareil urinaire (maladies de l'-)

البول (أمراض جهاز ـ)

 

يتعرض الجهاز البولي urinary tract في الإنسان لأمراض كثيرة نذكر منها:

الحصيات البولية

يؤلف المصابون بالحصيات البولية نسبة كبيرة من المرضى المراجعين لعيادات الأطباء في البلاد العربية، وقد يكون الطقس الحار الذي يسيطر على أكثر مناطق البلاد العربية والأخماج البولية المهملة سببين رئيسيين في ذلك، وتشاهد أكثر الحصيات بين سن 30 و50 من العمر والنسبة عند الرجال أكثر بضعفين منها عند النساء.

قد تكون هذه الحصيات صامتة لايشتكي منها المريض، وتكتشف مصادفةً، ولكن غالباً ماتسبب آلاماً مبرحة هي القولنجات أو انسداداً في المسالك البولية أو إنتانات ثانوية تالية لوجودها، وقد تحدث الحصيات مرة واحدة أو لمرات عديدة بسبب اضطرابات استقلابية وراثية أو أسباب مجهولة فيطلق على مثل هؤلاء اسم المرضى المكونين للحصيات stone formers.

إن أنواع الحصيات كثيرة ومعروفة منها الحصيات الكلسية وحصيات حمض البول والحصيات المختلطة والحصيات الفوسفاتية الخمجية المنشأ وحصيات السيستين وهي نادرة ناجمة عن خلل وراثي خلقي.

تدبير الحصيات البولية

عندما يتكرر تشكل الحصيات البولية أكثر من مرة عند مريض واحد يجب أن لا يكتفى بالمعالجة وأن يفتش عن الأسباب التي شكلتها بإجراء استقصاء كامل للجهاز البولي وعيار كيمياويات الدم ذات العلاقة للتحري عن الأسباب التي ذكرت آنفاً لتشكل الحصيات البولية، إضافة إلى تحليل الحصيات التي طرحت أو استخرجت جراحياً، فقد يُتَوصَّل إلى اكتشاف 70ـ80% من أسباب تشكل الحصيات، ومن ثم التوجه في تدبير الأمر إلى إزالة المسبب بحسب نوعه.

معالجة الحصيات البولية

ـ إذا كان حجم الحصاة صغيراً ولاتحدث استسقاء في الكلية hydronephrosis تطبق المعالجة الدوائية بمضادات الوذمة مع الإكثار من السوائل، فقد تنقذف الحصاة تلقائياً.

ـ وفي حصيات حمض البول الصرفة، وهي شفافة على الأشعة، يؤخذ دواء «يُقلونُ» البول حتى باهاء pH أعلى من 7، فتنحل تلك الحصيات.

ـ وإذا لم ينطبق حال الحصاة على الحالتين السابقتين فلابد من تدخل الجراح البولي بالوسائل المتاحة.

كانت الجراحة بطرقها المختلفة الوسيلة الوحيدة لاستخراج الحصيات من الكلية والحالب. أما اليوم ومع وجود مناظير الحالب والكلية فيمكن استخراج الحصيات أو تفتيتها عبر الجلد، أو بالأمواج الصادمة من خارج الجسم الموجهة نحو الحصاة. غير أنه لوحظ أن هناك حصيات تستعصي على الطريقتين الأخيرتين ولابد عندها من اللجوء إلى الجراحة.

أخماج الطرق البولية

تصيب أخماج الطرق البولية جميع الأعمار من المولودين حديثاً حتى الشيوخ. فهي تكثر في البنات دون سن السابعة وتكثر في النساء في سن النشاط التناسلي وتقل في الذكور إلا إذا كان لديهم أمراض بولية كالآفات الانسدادية والحصيات والأورام والجزر المثاني الحالبي vesico-ureteral reflux. وتزداد بعد الستين في الذكور لتعرضهم لضخامة الموثة السليمة أو الخبيثة أو الإمساك الشديد أو الآفات الحركية العصبية المثانية التي تحدث اضطراباً في تخزين البول أو إفراغه.

إن الالتهاب قد يحدث في القسم السفلي من الطرق البولية فقط، وقد يحدث في القسمين العلوي والسفلي معاً في آن واحد.

تشخيص التهابات الطرق البولية

يعتمد على:

ـ إجراء فحص البول والراسب إذ إن وجود أكثر من 5 كريات بيض في الساحة المجهرية يدل على الخمج.

ـ زرع البول: على الأوساط المناسبة فوجود 100ألف مستعمرة في الملم3 الواحد يدل على الخمج.

هناك حالات توجد فيها البيلة القيحية من دون وجود الجراثيم، وذلك بعد معالجة ناقصة بالصادات أو في الإصابة بالتدرن.

معالجة التهابات الطرق البولية

 يقوم أساس المعالجة على نتيجة الزرع ومعرفة نوع الجراثيم والأدوية التي تؤثر فيها، وإذا استعصى الالتهاب على المعالجة المعطاة تجرى دراسة كاملة للجهاز البولي قد يكشف فيها سبب جراحي يجب معالجته.

سل الجهاز البولي

إن الإصابة بالتدرن وإن تضاءلت بعد اكتشاف «المعالجة الدوائية الثلاثية» وتطبيق الأسس الصحية السليمة ماتزال تصادف في الممارسة الطبية اليومية. فإصابة الجهاز البولي بالسل هي إصابة ثانوية للتدرن الرئوي أوالعظمي، إذ إن 18ـ20% من المصابين بالتدرن الرئوي يصاب الجهاز البولي لديهم بأقسامه المختلفة، ولاتظهر الأعراض المزعجة للمريض إلا حين إصابة المثانة، فيظهر تعدد البيلات وعسرة التبول وربما البيلة الدموية، والتخريب في البارانشيم الكلوي قد يكون واسعاً قبل تشخيص السل البولي، لذا كان من الواجب مراقبة المرضى المصابين بالتدرن الرئوي حتى بعد شفائهم لسنين عدة خوفاً من حدوث السل البولي.

 أما تشخيص السل البولي مخبرياً فيعتمد على: الفحص المباشر لرسابة البول بعد التلوين على طريقة تسيل نلسن Ziehl-Neelsen (البول الصباحي) وبالزرع على الأوساط الخاصة وتلقيح القبعة.

يبدو في التصوير الشعاعي الظليل للجهاز البولي عند المصاب أن الحليمات الكلوية متآكلة، والكؤيسات مطموسة أو يظهر الحالب متضيقاً أو يظهر أحياناً ضمور في الكلية أو انعدام وظيفتها تماماً.

تقوم المعالجة على الأدوية الثلاثة الريفامبيسين rifampicin والإيزونيازيد isoniazid وإيتامبوتولethambutol، وقد يضاف إليها الستربتوميسين streptomycin في حالات نادرة لمدة قصيرة بسبب أعراضه الجانبية الضارة. أما مدة المعالجة فهي ستة أشهر ويمكن أن تستمر المعالجة سنتين إذا بقيت الأعراض ولم تتحسن الحالة.

التشوهات الخلقية

تشاهد التشوهات الخَلْقية في الجهاز البولي أكثر من سائر الأجهزة الأخرى، فمنها مايكون ظاهراً للعين المجردة، ومنها مالا يكتشف إلا بعد زمن طويل، وذلك عندما ترافقها مضاعفات تستدعي المعالجة كالخمج والحصيات والانسداد وسلس البول وغيرها.

إن استعمال الأمواج فوق الصوتية وتطبيقها على الأم الحامل قد مكن من تشخيص كثير من هذه التشوهات في الجهاز البولي عند الأجنة.

تشوهات الكلية الخلقية: نذكر منها:

1ـ غياب الكلية أو الكليتين الخلقي: في بعض الحالات لايتم تكون الكلية خَلْقياً، وإذا غابت الكليتان في الجانبين يولد الجنين ميتاً.

2ـ الكلية الحوضية: حيث تبقى الكلية في الحوض وتأخذ توعيتها من الأبهر السفلي أو الحرقفي الأصلي.

3ـ التحام الكليتين: إذا حدث التحام القطبين السفليين للكليتين في الوسط تشكلت الكلية على هيئة نعل فرس، أما إذا حدث الالتحام في أثناء الصعود بأن تسبق إحدى الكليتين مثيلتها فيلتحم القطب السفلي العائد للكلية الأولى بالقطب العلوي للثانية، وإن جميع هذه التشوهات يرافقها اضطراب دوران الكلية أيضاً.

تعرض هذه التشوهات لحدوث الاستسقاء الكلوي أو التهاب الحويضة والكلية المزمن أو تشكل الحصيات بسبب ركود البول في الكلية.

تشوهات الحالب وحويضة الكلية

ـ تشوهات الانقسام duplication anomalies: إما أن يكون تضاعف الحالب غير كامل وينفتح بفوهة واحدة في المثانة، أو كاملاً حيث يتم الانفتاح بأكثر من فوهة حالبية، وهذا التشوه لايكون له تأثير سيئ إلا إذا رافقته مضاعفات كالجزر المثاني الحالبي، وقد ينفتح الحالب العلوي أسفل المصرة الباطنة للإناث فيحدث سلس البول.

ـ الأدرة الحالبية ureterocel: هي توسع كيسي للحالب الجداري في المثانة، وقد يحدث في الحالب الوحيد أو في الحالب المزدوج، وتكون الأدرة الحالبية أحياناً سبباً لانسداد الحالب فتصاب الكلية العائدة له بالاستسقاء والالتهابات المزمنة، وربما تفقد وظيفتها على مدى الأيام. أما المبادىء الأساسية لمعالجة تشوهات الحالب تقوم على إزالة الانسداد ومقاومة الأخماج وإزالة السلس البولي إن وجد.

التشوهات الخلقية في المثانة والإحليل

أهمها انقلاب المثانة الخَلْقي bladder exstrophy والمبال الفوقاني epispadias والمبال التحتاني، وكلها تشوهات تستدعي الإصلاح الجراحي التصنيعي.

كيسات الكلية والداء الكيسي الكلوي

تنجم كيسات الكلية renal cyst عن التوسع الشاذ في الأنابيب البولية. إن هذه الكيسات قد تصيب كلية واحدة فقط أو قسماً منها كما في الكلية المتعددة الكيسات multicystic kidney، أو تصيب منطقة معينة من الكليتين كما في الداء الإسفنجي اللبي medullary sponge kidney أو تكون منتشرة في الكليتين معاً كما في الداء الكيسي الكلوي polycystic renal disease الذي له صفة وراثية صبغية جسدية سائدة autosomal dominant، وأكثر الكيسات مشاهدة هي الكيسة البسيطة أو المتعددة وقد تكون أخيراً كيسة مفردة.

تنشأ الكيسات الكلوية صامتة ويكبر حجمها تدريجياً، وقد لاتكتشف إلا مصادفة وذلك في أثناء دراسة بولية لمرض آخر بالوسائل الشعاعية المتوافرة أو بالأمواج فوق الصوتية أو بالتصوير الطبقي المحوري فتكتشف هذه الكيسات.

إن كثيراً من هذه الكيسات يحملها المريض في كليته طوال حياته، ولاتسبب له أي أذى، لكنها في أحيان كثيرة أخرى تعمل على ضغط البارانشيم الكلوي المجاور وتخربه، أما في الداء الكيسي الكلوي الوراثي فإنه يجب أن يبقى المريض تحت رقابة طبية صارمة لتأخير حدوث القصور الكلوي الذي يسببه للمريض في النهاية.

الأورام

ـ أورام الكلية: لاتظهر أعراضها غالباً إلا بصورة متأخرة. وبعد اكتشاف الطرق التشخيصية المختلفة كالأمواج فوق الصوتية والتصوير الطبقي المحوري المحوسب بدأ الوسط الطبي يكشفها في وقت مبكر ولو مصادفة وذلك بعد إجراء تلك الدراسات لشكايات مرضية ليس لها علاقة بالجهاز البولي.

والأورام السليمة نادرة الحدوث أما الأورام الخبيثة فتقسم إلى:

ـ أورام البارانشيم الكلوي وتؤلف 85 -90% من أورام الكلية.

ـ أورام الجهاز المفرغ وتؤلف 7 - 8%.

ـ أورام جنينية وتؤلف 2 - 3%، وغالباً ماتكون عند الأطفال وتسمى ورم ويلمز.

1ـ أورام البارانشيم الكلوي renal cell carcinoma: غالباً ماتتطور بصورة صامتة ولاعرضية أما الحالات التي تتظاهر بأعراض هي: البيلة الدموية العيانية غير المؤلمة وألم القطن والشعور بكتلة واضحة في القطن. كما قد تظهر حمى خفيفة مجهولة السبب ونقص في الوزن.

أما المعطيات المخبرية فهي: ارتفاع سرعة التثفل وفقر الدم أو ازدياد في عدد الكريات الحمر وارتفاع كلس الدم، واضطراب في وظائف الكبد.

ولتأكيد التشخيص يجرى التصوير الظليل عن طريق الوريد والتصوير الطبقي المحوري.

 إن معالجة أورام البارانشيم الكلوي تتم عن طريق الجراحة البحته، ولاتفيد فيها المعالجة الشعاعية أو الكيمياوية، وتقوم على استئصال الكلية استئصالاً تاماً مع العُقَد والشحم المحيط بالكلية.

2ـ أورام الجهاز المفرغ: تبدأ هذه الأورام من الكؤيسات أو الحويضة وتنتشر منها نزولاً فتُحدث الخلايا السرطانية التي تنطرح مع البول أوراماً في الحالب والمثانة. وقد يحدث العكس تماماً إذا كان هناك جزر مثاني حالبي، وكان منشأ تلك الأورام في المثانة، لذا كان من الواجب في حال تشخيص تلك الأورام في القسم العلوي من الجهاز البولي أن يجرى تنظير للمثانة لنفي إصابتها بالورم.

تقوم معالجة هذه الأورام التي هي عادة من نوع الخلايا الوسيطة transitional cell على استئصال الكلية والحالب وجزء من المثانة مجاورة لفتحة صماخ الحالب المستأصل.

ـ أورام المثانة: تصيب أورام المثانة عادة الأعمار بين 50 ـ 60سنة، غير أنها قد تشاهد في كل الأعمار وهي أكثر حدوثاً عند الذكور.

هناك مسببات كثيرة لأورام المثانة ثبت دورها المسرطن وهي:

ـ بعض المواد الكيمياوية كأصبغة الأنيلين anylin ويصاب بها العاملون في معامل هذه الأصبغة وبعض النواتج النفطية والتدخين والالتهابات المزمنة في المثانة وخصوصاً عند ترافقها بالحصاة المثانية والإصابة بالبلهارزيا والمعالجة ببعض الأدوية الكيمياوية مثل السيكلوفوسفاميد.

 إن 99% من أورام المثانة هي خبيثة بدرجات مختلفة منها90% سرطانة الخلايا الوسيطة و6 - 7% منها سرطانة الخلايا الشائكة squamous cell، وتزداد نسبة حدوث هذا النوع في البلاد التي تشيع فيها الإصابة بالبلهارزيا، أما النوع الغدي adenocarcinoma فيشكل 2 ـ 3% من حالاتها.

تبدأ تلك الأورام في الغشاء المخاطي ثم تنتشر عمقاً فتجتاح الطبقة تحت المخاطية لتصل إلى العضلات وبعدها إلى الأوعية الدموية واللمفاوية المحيطة بالمثانة، وقد تصيب الأعضاء المجاورة أو تنتقل بعيداً إلى غيرها من الأعضاء.

إن العرض المهم في ورم المثانة هو البيلة الدموية غير المؤلمة ويظهر في 85% من الحالات، لذا فالتفتيش عن سبب الدم في البول هو الخطوة الضرورية لكشف تلك الأورام مبكراً، غير أن ورم المثانة في حالات قليلة يتظاهر بأعراض مبهمة كتعدد البيلات وعسر التبول والرغبة الشديدة الملحة في التبول.

إن أهم مايعتمد عليه في تشخيص أورام المثانة هو التصوير الظليل أو الدراسة بالأمواج فوق الصوتية، وقد تفيد الدراسة الخلوية للبول في الكشف عن الخلايا السرطانية. ومؤخراً اكتشف مستضد أطلق عليه مستضد ورم المثانة bladder tumor antigen أكثر حساسية من الدراسة الخلوية غير أن هذين النوعين الأخيرين من الوسائل يفيدان في متابعة المريض بعد العلاج ومراقبة النكس.

إن تنظير المثانة cystoscopy هو الوسيلة الأكيدة لوضع التشخيص الجازم، فبوساطته يشاهد الفاحص الورم وأعداده وأشكاله في المثانة وتتاح له أن يأخذ خزعة منه وخاصة من قاعدته ليضع التشخيص النسيجي.

إن أسس معالجة الأورام هي كالتالي:

ـ في الورم السطحي الوحيد يستأصل الورم بالكي الكهربائي التنظيري مع مراقبة تنظيرية لمدة سنتين.

ـ وفي الورم السطحي المتعدد أو الناكس يستأصل الورم بالكي الكهربائي مع إجراء حقن موضعي في المثانة بإحدى المواد التالية: الميتومايسين والدوكسوروبيسين.

وفي الأورام المرتشحة للعضلات: تكون المعالجة بالاستئصال الجذري للمثانة مع العقد اللمفاوية حول الأوعية وإجراء إحدى عمليات التحويل البولي التي يختارها الجراح بحسب الحالة.

أما المعالجة الشعاعية ففائدتها غير مضمونة في أورام المثانة.

أما المعالجة الكيمياوية فتستعمل كمعالجة ملطفة في الحالات المتقدمة.

 

 فرزت النشاوي

 

 

- التصنيف : طب بشري - النوع : صحة - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 569 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة