بنغلادش(تاريخ)
Bangladesh - Bangladesh

 

التاريخ

 

كان ما يُعرف ببنغلادش اليوم جزءاً من امبراطورية «موريا» في الهند في القرن الثالث ق.م، وحين انهارت هذه الامبراطورية حكم المنطقة حكام وملوك محليون بوذيون، من القرن الثامن حتى القرن الثاني عشر الميلادي حين دخلها المسلمون، واستمرت الحال كذلك حتى فتح الامبراطور المغولي المسلم «أكبر» (1542-1605) هذه المنطقة ومنذ ذلك الوقت بدأ الإسلام ينتشر تدريجياً بين السكان مقابل تراجع البوذية والهندوسية اللتين كانتا سائدتين هناك.

بدأت امبراطورية المغول بالتفكك والانحلال بعد تعاظم النفوذ الأوربي في المنطقة، وظهر حكام محليون تنافسوا على السلطة، وغذت الشركات الأوربية هذا التنافس، في سبيل الحصول على أكبر قدرٍ من الامتيازات التجارية والمزايا الأخرى، وفي مقدمتها «شركة الهند الشرقية» التي أقامت فيها مقراً عام 1642، واحتكرت إنتاج الجوت والأفيون في الإقليم، وجنت من ورائه أموالاً طائلة انعكست بصورة سيئة على الحالة الاقتصادية للسكان المحليين، فثاروا على الشركة وحدثت مواجهات دموية عام 1857/1858 أدت إلى بسط حكومة الهند البريطانية سيطرتها على الإقليم.

في عام 1905 قسمت الحكومة البريطانية البنغال إلى قسمين شرقي وغربي، وأيد المسلمون هذا التقسيم لأنهم كانوا أغلبية في القسم الشرقي، في حين عارضه الهندوس، لأنهم خسروا كثيراً من نفوذهم السياسي والاقتصادي، ونشبت نزاعات أكثر من مرة بين الفريقين، لجأ البريطانيون على أثرها إلى إلغاء التقسيم عام 1911 ليعود البنغال إقليماً واحداً.

حصلت الهند على استقلالها عام 1947، وفي العام نفسه أُعلن قيام دولة الباكستان، التي ضمت إقليم الباكستان الشرقية (أي بنغلادش) وهو ما عُرف بالبنغال الشرقي المسلم.

تنامت النزعة الانفصالية في الباكستان الشرقية، لتركز القوة الاقتصادية والسياسية في الباكستان الغربية، وكانت أول الأمر تطالب بانتخابات جمعية تشريعية وبحكم ذاتي، وبالفعل فقد جرت هذه الانتخابات أواخر عام 1970، وفاز فيها حزب «عوامي» بقيادة الشيخ مجيب الرحمن. لكن رئيس باكستان آنذاك يحيى خان عطل أول اجتماع لهذا المجلس، وأجابه الشيخ مجيب الرحمن بدعوة إلى الإضراب الذي شلَّ مرافق الحياة جميعها، فأرسل يحيى خان قوات عسكرية إلى الباكستان الشرقية لإخماد الاحتجاجات في 25 أيار 1971 ونُفي الشيخ مجيب الرحمن، فاندلعت حينها شرارة الحرب الأهلية، وأعلنت باكستان الشرقية استقلالها.

لم تدم الأحداث طويلاً، إذ دعمت الهند قيام هذه الدولة وأجبر الجيش الهندي، بالتعاون مع المقاتلين المحليين، قوات باكستان الغربية على الانسحاب، وأُعلن في عام 1972 قيام دولة بنغلادش المستقلة تحت قيادة الشيخ مجيب الرحمن رئيساً للوزراء، واعترفت باكستان بالدولة الجديدة في 22شباط 1974، ثم حصلت بنغلادش على اعتراف الأمم المتحدة وغدت عضواً فيها. وفي عام 1975 جرى تعديل دستور بنغلادش ليتمكن مجيب الرحمن من اعتلاء سدة الرئاسة، لكنه عطَّل أحزاب المعارضة بعد فوزه وأعلن بنغلادش دولة ذات حزب واحد وحكم حكماً استبدادياً، مما دفع العسكريين إلى اغتياله عام 1975، وأعلنوا الأحكام العرفية وحلوا البرلمان، وحكم مؤقتاً قائد الانقلاب «ضياء الرحمن» لكنه ما لبث أن أعلن نفسه رئيساً للبلاد عام 1977، وتأكد الأمر باستفتاء شعبي فيما بعد، وأُلغيت الأحكام العرفية عام 1979، لكن ضياء الرحمن اغتيل عام 1981 واختير نائبه عبد الستار رئيساً. ثم ما لبث أن حدث انقلاب عسكري آخر في آذار عام 1982 بقيادة الفريق محمد أرشاد الذي عطَّل الدستور وأعلن الأحكام العرفية، ثم أعلن نفسه رئيساً عام 1983، وأُجريت عام 1986 أول انتخابات برلمانية منذ عام 1979 وترشح أرشاد لمنصب الرئيس وغدا رئيساً لحزب «جاتيا دال» وفاز في هذه الانتخابات، لكنه اضطر غداة الاضطرابات التي جرت عام 1990 إلى الاستقالة، ثم اعتُقل بتهمة الفساد، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات.

وفي عام 1991 أُجريت انتخابات تشريعية فاز بها حزب بنغلادش الوطني بزعامة «خالدة ضيا» أرملة الرئيس ضياء الرحمن، وكانت أول امرأة في بنغلادش تتولى رئاسة الوزراء. وفي عام 1994 قدم 150 عضواً معارضاً في البرلمان استقالة جماعية وحصلوا من خالدة ضيا على وعد بإجراء انتخابات عامة في حزيران 1996، وفي هذه الانتخابات عاد حزب عوامي بقيادة الشيخة حُسينة واجد إلى السلطة أول مرة منذ عام 1975، حين قتل الجيش جميع أفراد أسرتها بمن فيهم والدها الرئيس الشيخ مجيب الرحمن، وفي عام 1998 أُدين 15شخصاً بارتكاب المذبحة وحكموا بالإعدام. وفي حزيران 1999 شكل حزب بنغلادش الوطني (حزب خالدة ضيا) وحزب جاتيا (حزب محمد أرشاد) وتكتل جماعة الإسلام تحالفاً لإجبار حسينة واجد على إجراء انتخابات مبكرة عامة، وقد رافق ذلك تدهور اقتصادي عم البلاد، نتج منه تكرر الإضرابات العامة وصدامات عنيفة في دكة والمدن الثلاث الكبرى الأخرى. ومع ذلك رفضت الشيخة حُسينة الرضوخ للمعارضة، وأصرت على البقاء في منصبها حتى 2001، فقاطعت أحزاب المعارضة جلسات البرلمان، وتبع ذلك إضراب عام في 15/2/2000 لتعطيل قانون مكافحة الإرهاب الذي يعطي قوات الأمن صلاحيات واسعة لمواجهة المعارضة. وفي 20/7/2000 اتهمت رئيسة الوزراء المعارضة بمحاولة اغتيالها.

وتقوم سياسة بنغلادش على التقارب مع جارتها الهند، وقد زارها رئيس الولايات المتحدة بيل كلينتون في 20/3/2000، وعقد اتفاقات معها حول التجارة واستخراج النفط والغاز والطاقة، كما تسعى لإعادة اللاجئين المسلمين من شعب الروهينغيا، الذين شردهم النظام البوذي العسكري المينماري إلى ديارهم في غربي مينمار (بورمة سابقاً). ولبنغلادش علاقات وثيقة بالدول العربية، وهي تدعم القضايا العربية في المحافل الدولية.

 

أحمد الخضر

 

 

 


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الخامس - رقم الصفحة ضمن المجلد : 398 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة