أبو يوسف (يعقوب بن إبراهيم)
يوسف (يعقوب ابراهيم)
Abu Youssef (Ya’coub ibn Ibrahim-) - Abou Youssef (Ya’coub ibn Ibrahim-)
أبو يوسف (يعقوب بن إبراهيم ـ)
(112ـ 183هـ/730 ـ 799م)
يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري، صاحب أبي حنيفة[ر] وتلميذه، وُلد بالكوفة واشتغل منذ نشأته برواية الحديث، فروى عن هشام بن عروة وأبي إسحاق الشـيباني وعطاء وابن السائب، وطبقتهم. تفقه أولاً بابن أبي ليلى، ثم انتقل إلى أبي حنيفة النعمان[ر]، فكان أكبر تلاميذه، وأفضل معين لـه، كما أن أبا حنيفة كان يواسيه حال طلبه للعلم لفقر والديه. كان فقيهاً، عالماً، حافظاً، قال طلحة بن محمد المؤرخ البغدادي في كتابه «تاريخ القضاة» : «كان أبو يوسف أفقه أهل عصره، ولم يتقدمه أحد في زمانه، وبالرغم من كونه كثير الحديث لكن غلب عليه رأي أبي حنيفة، وإليه يرجع الفضل في تأييد مذهب أبي حنيفة وتخليده، لدرجة أنه لما أصبحت تولية القضاء راجعة إليه في جميع ولايات الدولة، لم يكن يستعمل على القضاء إلا من كان حنفياً، وفي هذا نشر للمذهب، وتأييد لـه». ويقال: إنه أول من اتخذ للعلماء زياً خاصاً، وكان ملبوس الناس قبله شيئاً واحداً. كان يتمتع بقوة فائقة ونفوذ في الاجتهاد والفقه ،إضافة إلى علمه بالتفسير والمغازي وأيام العرب.
تولى القضاء في عهد المهدي[ر] والهادي وهارون الرشيد[ر] وكان هارون يجله كثيراً، فولاّه منصب قاضي القضاة وأوكل إليه مهمة تولية القضاة، وهي مهمة كان الخليفة يباشرها بنفسه.
رحل أبو يوسف إلى الإمام مالك في المدينة المنورة، وأخذ عنه بعد أن ناظره في مسائل، ثم رجع إلى العراق، وقد أفاد إلى علمه علم الحجازيين، فكان أول من قرَّب بين المذهبين، وأزال الوحشة بين العراقيين والحجازيين، وقد عدَّه أهل الحديث محدِّثاً وأثنوا عليه، قال عنه يحيى بن معين كما جاء في «تذكرة الحفاظ» للذهبي: «ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثاً، ولا أثبت من أبي يوسف». وقال أيضاً: «إنه صاحب حديث وصاحب سنة»، واتفق يحيى ابن معين وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني على توثيقه.
إن اختلاف نظرة المجتهدين وتباين مناهجهم، واتساع هوة الخلاف الفقهي عند الاستدلال على أحكامهم ببعض ضوابط وقواعد تبعها الفقيه والتزمها طريقاً ومنهاجاً لـه، والمناظرات التي كانت تجري فيما بينهم؛ كل ذلك كان النواة لتكوين علم أصول الفقه وتدوينه مستقلاً عن أحكام الفروع وعدّه علماً مستقلاً بذاته. ولما ظهر أبو حنيفة في العراق ومالك في المدينة المنورة وضحت مناهج الفقهاء وأصبح لها هيكل عند كل فقيه. ويروي النديم في «الفهرست»: أن أبا يوسف الحنفي هو أول من جمع متفرقات القواعد والأسس التي بنى عليها إماماه أبو حنيفة ومالك استنباط الأحكام الشرعية في مجموعة مستقلة، لكن هذه المجموعة لم تصل إلى العلماء فيما بعد ولا أثر يدل عليها. والرأي الذي اشـتهر عند العلماء كما يقول ابن خلدون في مقدمته: «إن أول من كتب في أصول الفقه هو الإمام الشافعي في رسالته التي أملاها على الربيع بن سليمان المرادي».
للإمام أبي يوسف العديد من المؤلفات في مختلف العلوم الشرعية من أهمها: كتاب «الخراج» وهو كتاب يبحث في نظام الدولة المالي حيث بيّن المصادر والنفقات للدولة الإسلامية. وقد قدم هذا الإنتاج المبتكر إلى الخليفة هارون الرشيد، والكتاب متداول ومطبوع، وكتاب «اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى» (محمد بن عبد الرحمن المتوفى عام 148هـ)، وقد جمع أبو يوسـف في هذا الكتاب عيون المسـائل التي اختلف فيها أبو حنيفة مع ابن أبي ليلى، وكان أبو يوسـف في أكثر الحالات يؤيد رأي أبي حنيفة. وقد جاء هذا الكتاب ضمن كتاب «الأم» للإمام الشافعي، وفيه يجد الباحث آراء الشافعي وأبي يوسـف مع آراء أبي حنيفة وابن أبي ليلى، ويُعدّ الكتاب من الفقه المقارن بين مختلف الآراء، وكتاب «الرد على سير الأوزاعي»، وقد بحث الإمام الأوزاعي (ت 157هـ) في كتابه هذا أحكام الحروب والمعاهدات وآثار الحروب، وما يتصل بذلك من معاملة الأسرى والغنائم والهدنة إلى غير ذلك، وقد حاول أبو يوسف بيان آراء أبي حنيفة ودعمها في كل ما جاء فيه، و كتاب «الآثار» رواه يوسف بن أبي يوسف عن أبي حنيفة ويُعدّ مسنداً لأبي حنيفة؛ فيه مجموعة من الفتاوى التي اختارها.
وذكر النديم في «الفهرست» أن لأبي يوسف من الكتب في الأصول والأمالي: كتاب الصدقة، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الفرائض، كتاب البيوع، كتاب الحدود، كتاب الوكالة، كتاب الوصايا، كتاب الصيد، ومن الإملاءات: إملاء رواه بشر بن الوليد القاضي، يحتوي على ستة وثلاثين كتاباً مما فرعه أبو يوسف، ككتاب اختلاف الأمصار وكتاب الرد على مالك بن أنس، لكن معظم ذلك لم يصل إلى العلماء ولم يُطبع شيء منها.
أحمد أبو ضاهر
الموضوعات ذات الصلة: |
أبو حنيفة النعمان.
مراجع للاستزادة: |
ـ ابن حجرالعسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق صدقي العطار (دار الفكر، بيروت 2001م).
ـ ابن سعد، كتاب الطبقات الكبير (دار صادر، بيروت 1960م).
ـ وكيع، أخبار القضاة، ج3 (عالم الكتب، بيروت، د.ت).
- النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 602 مشاركة :