ولي ، ولايه
- - -

الوليّ والولاية

 

الوليّ والولاية لغة: من ولي يليه وَلْياً: دنا منه وقرب، ووليه ويليه وَلْياً: ولاه، وولي الشيء ولاية: ملك أمره وقام به، وولي عليه: نصره، وولي فلاناً: أحبه، وولي البلد: تسلط عليه، فهو والٍ جمعه ولاة، والمفعول: مَولى عليه، واستولى عليه: ظهر عليه، أو تمكن منه، أو صار في يده، واستولى على الأمر: بلغ الغاية، والوليّ جمعه ولاة وأولياء.

والولي والولاية في الاصطلاح الشرعي تختلف من باب العقيدة عن باب الفقه.

فالوليّ في العقيدة: اسم من أسماء الله تعالى، فالله هو الوليّ أي الناصر والمتولي لأمور العالم والخلائق والقائم به، والولاية تُشعر بالتدبير والقدرة، والولاية: السلطان والنصرة، ويقال للمؤمن: وليّ الله، أي يتولاه الله وينصره، وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما وصفهم الله تعالى:

]أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ` الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون` لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[ (يونس 62ـ64)، وترتبط الولاية بطاعة الله تعالى والتقرب إليه سبحانه والتزام دينه وأحكامه مع اجتناب المعاصي والمحرمات، والمؤمنون بعضهم أولياء بعض، أي يوالي ويناصر ويعاون بعضهم بعضاً.

والولي في الفقه، والولاية: هي تنفيذ الأمر على الغير شاء الغير أو أبى، وهي محل التفصيل الآتي:

أنواع الولاية:

تنقسم الولاية من حيث العموم والخصوص إلى ولاية عامة وولاية خاصة، وتنقسم من حيث المحل إلى ولاية على النفس وولاية على المال.

أولاً: الولاية العامة:

هي ولاية السلطان، وهو الخليفة، أو أمير المؤمنين، أو رئيس الدولة، وينوب عنه القاضي وأمير البلد أو الحاكم أو المحافظ ويتولى ريادة الأمة وتصريف شؤونها والسهر على تأمين مصالحها والحفاظ على حقوقها والدفاع عن حياضها.

وتثبت الولاية العامة للسلطان بقولهr: «السلطان وليّ من لا وليّ له» أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد، كما تثبت بالبيعة أو الانتخاب أو تسلم السلطة أو التعيين من الوليّ الأعلى لمن دونه.

وتنفرد الولاية العامة في أمور الأمة وتصريف شؤون الدولة، أما في الأمور الخاصة فتأتي عند فقد الولاية الخاصة؛ لأن الولاية الخاصة ـ كولاية الأب والجد على من يتولونهم ـ أقوى من الولاية العامة، فالسلطان لا يتصرف في الأمور الخاصة مع وجود الولي الخاص، ولا تثبت الولاية العامة إلا عند فقد الولي الخاص، وهو ما يدل عليه الحديث السابق.

ثانياً: الولاية الخاصة:

وهي الولاية على شخص معيّن فأكثر أو على أموالهم، وتنقسم إلى ولاية على النفس وولاية على المال.

ثالثاً: الولاية على النفس:

وهي قيام شخص كبير راشد على غيره لرعايته، ويشمل ثلاثة أصناف:

1ـ الولاية على المرأة في النكاح إذا كانت صغيرة باتفاق المذاهب، وتثبت هذه الولاية للأب والجد حصراً، وتسمى ولاية إجبار، كما تثبت هذه الولاية على نكاح المرأة البالغة العاقلة بإجراء عقد النكاح لها بعد أخذ أمرها إن كانت ثيباً (وهي المتزوجة سابقاً) وبعد استئذانها إن كانت بكراً (وهي التي لم يسبق لها زواج) عند جمهور الفقهاء، وتسمى ولاية ندب أو اختيار، والولي في زواج الكبيرة هو الأقرب فالأقرب من عصباتها في الميراث وهم الأبناء ثم الآباء، وقال الشافعية والحنابلة: يقدم الآباء على الأبناء، ثم الإخوة، ثم أبناؤهم، ثم الأعمام، ثم أبناء العم، وهكذا، لقولهr: «لا نكاح إلا بوليّ وشاهدي عدل» أخرجه البيهقي والدار قطني والشافعي وأحمد، وإن غاب الولي الأقرب تنتقل الولاية إلى القاضي عند الشافعية، أو إلى الولي الأبعد عند جمهور الفقهاء.

2ـ ولاية الزوج على زوجته، وهي القوامة لقوله تعالى: ]الرِّجالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّساءٍٍٍِِِ بما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهٍَمْ على بَعْضٍِ وبما أَنْفَقُوا منْ أمْوَالٍِهمِِِِِْ[ (النساء 34) [ر: القوامة].

3ـ ولاية الحضانة والرعاية على الأطفال والمجانين والمعتوهين، ويقوم فيها الأقرب فالأقرب [ر: الحضانة].

رابعاً: الولاية على المال:

وهي قيام شخص كبير راشد على مال غيره لحفظه ورعايته، وتشمل:

1ـ الولاية على أموال القاصرين كالأطفال والمجانين والمتخلفين عقلياً، وتثبت لأقرب العصبات، وللقاضي أن يترك العصبة الأقرب، ويعيّن الأبعد إن رأى مصلحة للمولى عليه.

2ـ الولاية على مال المحجور عليه لسفه أو فَلَس، وتثبت لمن يعيّنه القاضي من أقارب المحجور عليه أو من غيرهم، ويسمى من يعيّنه القاضي وصياً أو قيماً.

3ـ الولاية في تصفية أموال التركة، وتثبت لمن ولاه الميت، وإلا لمن ولاه القاضي، ويسمى اليوم مصفي التركة.

4ـ الولاية على الوقف، وتثبت لمن عيّنه الواقف، ويسمى ناظر الوقف، فإن لم يعيّن الواقف أحداً أو خرج من عيّنه عن أهلية النظر على الوقف، فتثبت لمن عيّنه القاضي، وتقوم اليوم وزارات الأوقاف بالحفاظ على أموال الوقف وتوزيعها واستثمارها.

شروط الولي:

تختلف شروط الولي بحسب أنواعها، وهناك شروط متفق عليها في جميع الحالات، وهي أن يكون الولي بالغاً، عاقلاً، راشداً، أميناً، قادراً على القيام بمهام الولاية المكلف إيّاها، ويشترط أحياناً الذكورة في الولاية العامة، وفي النكاح، ويشترط الدِّين والتدين في بعض الحالات، وتشترط العدالة أحياناً، وهي الالتزام بالأحكام الشرعية، وتشترط الخبرة والعلم في الولاية العامة وفي الولاية على الأموال.

وينعزل الولي الخاص بفقد شرط من شروط صحة ولايته، كما ينعزل بعزل القاضي له ولو كان أباً إذا ثبت لديه عدم صلاحيته للولاية.

وولاية الأب والجد مقررة حكماً بالشرع، كما تثبت ولاية العصبات بالشرع إن توافرت فيهم الشروط، أما بقية الأولياء فلا يتولون الولاية إلا من جهة خاصة أو من القاضي.

محمد الزحيلي

مراجع للاستزادة:

 

ـ إبراهيم الشيرازي، المهذب في الفقه الشافعي (دار القلم، دمشق 1412هـ/1992م).

ـ علي الماوردي، الحاوي الكبير (دار الفكر، دمشق 1414هـ/1994م).

ـ محمود السرطاوي، شرح قانون الأحوال الشخصية (دار الفكر، عمان 1417هـ/1997م).

ـ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (دار الفكر، دمشق 1414هـ/1984م).


- التصنيف : التاريخ - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 362 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة