وكيع (محمد خلف)
Waki' (Mohammad ibn Khalaf) - Waki' (Mohammad ibn Khalaf)

وكيع (محمد بن خلف)

(… ـ 306هـ/… ـ 918م)

 

أبو بكر، محمد بن خلف بن حيّان ابن صدقة بن زياد الضبّي القاضي المعروف بوكيع، كان يسكن بالجانب الشرقي في درب أمّ حكيم ببغداد، عالم فاضل نبيل فصيح من أهل القرآن والفقه والنحو، عارف بالسير وأيّام الناس وأخبارهم، صنّف عدّة كتب، وولي قضاء كور الأهواز، ومن مصنّفاته: «عدد آي القرآن». يروى أنّ أبا بكر بن مجاهد سئل أن يصنّف كتاباً في العدد، فقال: قد كفانا ذاك وكيع. وله «أخبار القضاة» و«كتاب الأنواء» و«كتاب الشريف» وهو مثل كتاب «المعارف» لابن قتيبة، و«كتاب الغرر» وكتاب «الطريق» ويعرف بـ«النواحي»، يشتمل على أخبار البلدان ومسالك الطرق، وكتاب «الصرف والنقد والسكّة» وكتاب «البحث» و«الرمي والنصال»، وكتاب «المسافر» و«المكاييل والموازين»، وغير ذلك.

وكتاب «أخبار القضاة» كتاب أدب ولغة، وتاريخ وقصص، يصوّر الحياة السياسيّة التي مثّل الكتاب عصرها، وهو تبيان للأوضاع والأحداث التي كانت تعجّ بها الدولة الإسلاميّة في عصورها الأولى، فهو مورد للمؤرّخ والباحث وللفقيه والقاضي، كتبه بعبارة طيّعة وبيان رائع، وهو حافل بتراجم كثير من القضاة ورجال الحديث الذين يندر وجود تراجم لهم في غير هذا الكتاب، وجمع وكيع في الكتاب أخبار قضاة الأمصار الإسلاميّة في ثلاثة قرون من عهد رسول اللهr إلى زمانه، أي من صدر الإسلام إلى نهاية العصر العبّاسي الذهبي، ودوّن ما انتهى إليه من أخبارهم وأحكامهم ومذاهبهم في ولايتهم، ومعرفة أنسابهم وقبائلهم وطرائقهم. وبدأ كتابه بما روي عن رسول اللهr في القضاء، ومن استعمله على القضاء في حياته، كعليّ بن أبي طالب وهو أجلّ القضاة، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود، والمواضع التي وُلُّوها، وذكر قضاياهم في هذه المدّة واكتفى بطرف من أخبارهم في أثناء تولّيهم منصب القضاء، مستغنياً بشهرتهم عن ذكر رواياتهم، ثمّ ذكر قضاة أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، ثمّ قضاة الخلفاء في البلدان المختلفة، وذكر أخبار الشعبيّ والحسن البصريّ وأمثالهما في مدّة ولايتهم القضاء، ثمّ ذكر رواية القضاة اللاحقين وفقههم وأحكامهم كالقاضي شريح وعبد الله ابن شبرمة، وذكر ما روي عن الرسول الكريم والصحابة والتابعين في التشديد في القضاء، والكراهة له، والفرار منه، والجزع من التقدّم عليه، وذكر ما روي أنّه قضى بالحقّ، ومن قضى بالجور، ومن قضى بما لا يعلم، ومن ارتشى في الحكم، وتطرّق إلى صفة القاضي ومن ينبغي أن يقلّد القضاء والحكم. وما جاء فيمن سأل القضاء واستشفع عليه، وما جاء في ألاّ يقضي أحد بين اثنين وهو غضبان، والتعديل بين الخصوم. كتب ذلك في نقد وتحليل، يعطي القارئ فكرة عن عقل القاضي ونظرته للحوادث، كتب ذلك ببيان فيّاض ولغة رائعة، ومعرفة أكيدة بالقضاء، وهو من شيوخ أبي الفرج الأصفهاني، ورد ذكره مراراً في كتاب «الأغاني».    

وكان حسن الأخبار حدّث عن الزبير ابن بكّار، وأبي حذافة السهمي، ومحمّد ابن الوليد البسري، والحسن بن عرفة، والعلاء بن سالم، وعلي بن مسلم الطوسي، ومحمد بن عبد الله المخزومي، وعلي بن شعيب، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن عبد الرحمن الصيرفي، وعلي ومحمد ابني إشكاب، والعبّاس بن أبي طالب، ومحمد ابن عثمان بن كرامة، وخلق كثير من أمثالهم.

وروى عنه أحمد بن كامل القاضي، وأبو علي الصوّاف، وأبو طالب بن البهلول، ومحمّد ابن عمر بن الجعاب، وعلي بن محمد بن لؤلؤ، وموسى بن جعفر بن عرفة السمسار، وأبو جعفر ابن المقيم، ومحمد بن المظفّر وغيرهم.

ومن شعره:

إذا ما غدت طلاّبة العلم تبتغي            من العلم يوماً ما يخلّد في الكتب

غدوتُ  بتشميرٍ  وجدّ  عليهم             ومحبرتي  أذني  ودفترها  قلبي

ومات القاضي محمد بن خلف في بغداد.

عبد الكريم الحشاش

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد (دار الكتاب العربي، بيروت، د.ت).

ـ محمد بن خلف بن حيّان «وكيع»، أخبار القضاة (عالم الكتب، بيروت، د.ت).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 317 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة