الوطواط (جمال الدين، محمد بن إبراهيم-)
وطواط (جمال دين، محمد ابراهيم)
Al-Watwat (Jamal Ed-Din, Mohammad ibn Ibrahim-) - Al-Watwat (Jamal Ed-Dine, Mohammad ibn Ibrahim-)
الوطواط (جمال الدين، محمد بن إبراهيم ـ)
(632ـ 718هـ/1235ـ 1318م)
جمال الدين، محمد بن إبراهيم بن يحيى بن علي المروي الأنصاري، الوراق الكتبي المشهور بالوطواط.
ولد في القاهرة، وتلقى فيها مبادئ العلوم، واستهواه الأدب، فاتجه إلى علوم اللغة والأدب، وحصل بنفسه مطالعة الكتب، واحترف الوراقة، فكان ينسخ الكتب ويجلدها ويتجر بها، حتى صار خبيراً بالكتب بصيراً بقيمتها، وقد أمده عمله في الوراقة بثقافة واسعة، وجعله يطلع على علوم كثيرة وفنون مختلفة، أفاد منها في إنشائه وتصنيفه. وظل يشتغل بالكتب نسخاً وتصنيفاً واتجاراً إلى أن توفي.
كان جمال الدين الوطواط رجلاً فاضلاً، صاحب عقل وذوق، تخرج به كثير من طلاب العلم، ومع ذلك كان موضع عبث الشاعر ابن دانيال الموصلي، والكاتب محيي الدين بن عبد الظاهر، بسبب لقبه، فنظم ابن دانيال مقطوعات كثيرة في هجائه والسخرية منه والتعريض به، وكتب ابن عبد الظاهر تقليداً ساخراً لرجل يعرف بابن عرّام، يملّكه فيه على الطير، ويذكر الوطواط مستعرضاً صفاته القبيحة تعريضاً بجمال الدين، وكانت له صداقات كثيرة مع العلماء والأدباء، ومنهم قاضي القضاة الخويّي، الذي تنكر له بعد أن أصبح قاضي القضاة ولم يقض له حاجته، فاستفتى في موقف صديقه العلماء والأدباء، فكتبوا له رأيهم بتغير موقف قاضي القضاة منه، وكان رأيهم بين العاذر والمستنكر، وقد جمع ردودهم في كتاب سماه «فتوى الفتوة مرآة المروة».
كان الوطواط أديباً ناثراً، أتقن فن الإنشاء، لكنه كان عاجزاً عن نظم الشعر، ولم يذكر له شيء منه إلا أنه كان صاحب ذوق حسن في اختياراته، وعقل راجح في مناقشاته وتنسيق مواد كتبه، فقد ألّف وجمع وصنف في فنون مختلفة، مستفيداً من عمله في الوراقة، ونسخه لأمهات الكتب العربية في العلوم المتباينة، وقد اشتهر من مؤلفاته كتاب «غرر الخصائص الواضحة، وعرر النقائص الفاضحة»، ضمنه طائفة من الأقوال والأخبار والحكايات والأشعار في الأخلاق والطبائع، وجعله في ستة عشر قسماً، منها ثمانية في الفضائل، ومثلها في الرذائل، وله أيضاً كتاب «مناهج الفكر ومباهج العبر» وهو كتاب موسوعي يحوي بعض المعارف في الطبيعة والفلك والجغرافيا والنبات والحيوان والكيمياء، ومزج فصوله بالأدب، وله مجموعة رسائل أدبية.
وعلى الرغم من أن الوطواط تابع سابقيه وجارى معاصريه في تصنيع النثر بالإشارات الثقافية والتراثية فإن نثره ظل واضحاً، يتسم برشاقة التعبير وخفته، ولم يبلغ في تعقيد الصنعة ما بلغه معاصروه، ولم يحشد فيه معارفه حشداً يثقله، وحرص على توازن العبارات وتسجيعها، فجاء مقبولاً يظهر قدرة صاحبه على الإنشاء المطبوع والاسترسال والتعبير عن الأفكار المختلفة ومسائل العلوم بوضوح مع المتانة والسلامة.
ومن نثره قوله في مقدمة كتابه «غرر الخصائص الواضحة»: «وبعد، فإني لمّا رأيت تغير معاني الأخلاق دالاً على تباين مباني الأعراق، وتتفاوت النفوس في ميلها إلى أغراضها على حسب اختلاف جواهرها وأعراضها حداني غرض اختلج في سرّي، وأمل اعتلج في صدري على أن أجمع كلاماً في المحامد والمذام المتخلقة بها نفوس الخواص والعوام، وأجعله كتاباً يُغني اللبيب عن الخليل والنديم، ويخبر بالحديث والقديم، فشمرت عن ساق الجد، وحسرت عن ساعد الكد، وعمدت إلى حسان الكتب المجموعة في ضروب الأدب، فتصفحت مضمونها، وتلمحت فنونها، واستفتحت عيونها، واستبحت أبكارها وعونها، وجمعت في هذا الكتاب من زواهر أسدافها وجواهر أصدافها مُلح فكاهات جلت عرائس المعاني في حُلل موشاة…».
محمود سالم محمد
مراجع للاستزادة: |
ـ الصفدي، الوافي بالوفيات، تحقيق مجموعة باحثين (جمعية المستشرقين الألمانية، 1974).
ـ الصفدي، أعيان العصر، تحقيق مجموعة باحثين (دار الفكر، دمشق 1998).
ـ ابن حجر العسقلاني، الدرر الكامنة، تحقيق سالم الكرنكوي (دار الجيل، بيروت، د.ت).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الثاني والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 274 مشاركة :