هشام (عبد ملك)
Ibn Hisham (Abd al-Malik-) - Ibn Hisham (Abd al-Malik-)

ابن هشام (عبد الملك ـ)

(…ـ 218هـ/… ـ 838م)

 

 أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الذهلي السدوسي، وقيل: الحميري المعافري، البصري العالم الإخباري النسابة النحوي اللغوي، صاحب المغازي ومهذب السيرة النبوية الشريفة. ولد ونشأ في البصرة، وفيها حصل علومه، وسكن الكوفة مدة، وفيها سمع السيرة النبوية من زياد بن عبد الله البكائي، ثم غادر العراق إلى مصر وأقام فيها إلى وفاته.

ومن مشهور أحداث حياته في مصر لقاؤه مع الإمام الشافعي، فحين قدم الإمام الشافعي مصر قيل له في الذهاب إلى الإمام، فتثاقل ابن هشام ثم ذهب إليه، وكان آنذاك علامة أهل مصر بالأخبار والأنساب والعربية والشعر، فتجاذبا أطراف الحديث في علوم مختلفة، وتناشدا من أشعار العرب أشياء كثيرة، فزاد إعجاب ابن هشام بالإمام الشافعي، وقال عنه: «ما ظننت الله يخلق مثل الشافعي». وكان يقول: «الشافعي حجة في اللغة».

كان ابن هشام عارفاً بأخبار العرب وأنسابهم، محدثاً ثقة بالمغازي، إماماً في اللغة والنحو والعربية، أديباً حافظاً للأشعار وراوياً لها، مشهوراً بدرايته وحرصه على ضبط ما يصدر عنه، متقدماً في فنون كثيرة. سمع السيرة النبوية العطرة بسندها إلى محمد بن إسحق، فهذبها وأشاعها، فصارت تنسب إليه. وقد رواها عنه جملة من العلماء، أشهرهم محمد بن حسن القطان، وعبد الرحيم بن عبد الله البرقي، وأخوه أحمد بن البرقي.

جاء تهذيبه للسيرة النبوية المنسوبة إلى ابن اسحق عملاً علمياً متكاملاً، بذل فيه ابن هشام جهداً كبيراً، وأظهر قدرة فائقة على النقد والتمحيص، وتمكناً من علوم كثيرة، وامتلاكاً لأدوات العالم وعقليته فتعقب إبن اسحق في مواضع كثيرة من السيرة، وحرر كثيراً مما أورده فيها ونقد ما أخطأ به وصححه، واختصر ما طوله، وأورد الروايات الأخرى لأحداث السيرة التي فاتت ابن إسحق، وأسندها إلى عبد الوارث بن سعيد وأبي عبيدة، فأتم نقص السيرة وخفف من أشعارها، وجمع أشتاتها من المغازي والسير، ودونها، وأسقط منها الروايات الغريبة التي لا سند لها، وخاصة ما كان موغلاً في القدم، مثل سلسلة النسب المرفوعة إلى آدمu ومثل أخبار الأمم البائدة وأشعارها كعاد وثمود، وما تناقله الرواة عن أحبار اليهود والنصارى، وخالف مبادئ الإسلام الحنيف. فكاد عمله فيها أن يكون إنشاء جديداً، لذلك صارت تعرف بسيرة ابن هشام، وهي المتداولة والموجودة بأيدي الناس. وأضحت مصدراً مهماً من مصادر التاريخ الإسلامي في القرن الأول قبل الهجرة والقرن الأول بعده، وغدت الأساس الذي بنيت عليه السير النبوية وكتب الفضائل التي كتبت بعد ذلك وكانت زاداً لشعراء المدائح النبوية، فأخذوا منها الأحداث والمواقف والصفات والفضائل والمعجزات، وضمنوها قصائدهم، بل نظمت أجزاء السيرة في أراجيز ومزدوجات. وانشغل بها أهل العلم ونالت ثقتهم، فشرحوها واختصروها غير مرة، وأشهر شروحها  «الروض الأنُف» للسهيلي.

قال في مقدمة السيرة النبوية المشرفة: «وأنا إن شاء الله مبتدئ هذا الكتاب بذكر إسماعيل بن إبراهيم ومَن ولد رسول اللهr من ولده وأولادهم لأصلابهم، الأول فالأول من إسماعيل إلى رسول اللهr وما يعرض من حديثهم، وتارك ذكر غيره من ولد إسماعيل على هذه الجهة للاختصار، إلى حديث سيرة رسول اللهr وتارك بعض ما يذكره ابن إسحق في هذا الكتاب مما ليس لرسول اللهr فيه ذكر، ولا نزل فيه من القرآن شيء، وليس سببا لشيء من هذا الكتاب ولا تفسيراً له ولا شاهداً عليه، لما ذكرت من الاختصار، وأشعاراً ذكرها، لم أر أحداً من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره، وبعض لم يقر لنا البكائي بروايته، ومستقصً إن شاء الله تعالى ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له والعلم به».

وقد ترك ابن هشام إلى جانب السيرة النبوية المطهرة مصنفات مختلفة في المغازي والتاريخ والأنساب واللغة، عرف منها كتاب «التيجان لمعرفة ملوك الزمان» أو كتاب «التيجان في ملوك حمير»، رواه عن أسد بن موسى عن ابن سنان عن وهب بن منبه، و«القصائد الحميرية في أخبار اليمن وملوكها في الجاهلية»، و كتاب «شرح ما وقع في أشعار السير من الغريب»، وغير ذلك.

محمود سالم محمد

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن هشام، السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وآخرين (دار القلم، بيروت).

ـ علي القفطي، إنباه الرواة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار الفكر العربي، القاهرة 1986م).

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت 1994م).

ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء، تحقيق مجموعة (مؤسسة الرسالة، بيروت 1982م).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 465 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة