هرم حيان ازدي
Harem ibn Hayyan al-Azdi - Harem ibn Hayyan al-Azdi

هرم بن حيّان الأزدي

(…ـ 26هـ/… ـ 647م)

 

هرم بن حيّان العبديّ الأزديّ، من بني عبد القيس قائد فاتح من كبار النساك من التابعين، أمير بني عبد القيس في الفتوح بأرض فارس على زمن الخليفتين عمر وعثمان، حاصر مدينة «بو شهر» سنة 18هـ ودخلها، وكان ثقة وله فضل وعلم وبيان، روى عنه الحسن البصريّ. سكن البصرة ولقي أويساً القرنيّ أحد النساك العباد من سادات التابعين. عندما استعمله عمر ظنّ أنّ قومه سيأتونه، فأمر بنار أوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم، فجاء قومه وسلّموا عليه من بعيد، فقال: «مرحباً بقومي، ادنوا منّي». فقالوا: «والله ما نستطيع أن ندنوا منك، لقد حالت النار بيننا وبينك». قال: «فأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها في جهنّم». فرجعوا. قال لأصحابه ذات مرّة: «إيّاكم والعالم الفاسق!» فبلغ عمر ذلك، فأشفق منها، فسأله: «ما العالم الفاسق؟» فكتب إليه هرم: «والله يا أمير المؤمنين ما أردت به إلاّ الخير، يكون إمام يتكلّم بالعلم ويعمل بالفسق فيشبّه على الناس فيضلّون». وكان يقول: «ما رأيت كالنار نام هاربها، ولا كالجنّة نام طالبها». ومن أقواله: «ما آثر الدنيا على الآخرة حكيم، ولا عصى الله كريم». وقال: «صاحب الكلام على إحدى المنزلتين، إن قصّر فيه حصر، وإن أغرق فيه أثم». وقال: «لو قيل لي إنّك من أهل النار لم أترك العمل، لئلا تلومني نفسي، فتقول: لمَ صنعتَ… لمَ فعلتَ… لمَ ضيّعتَ».

وعندما ولاّه الخليفة عمر على الخيل غضب يوماً على رجل، فأمر به فوُجِئت عنقه، وندم فأقبل على أصحابه فقال: «لا جزاكم الله خيراً، ما نصحتموني حين قلت، ولا كففتموني عن غضبي، والله لا ألي لكم عملاً!» ثمّ كتب إلى عمر: «يا أمير المؤمنين لا طاقة لي بالرعيّة، فابعث إلى عملك».

خرج هرم بن حيّان وعبد الله بن عامر يؤمّان الحجاز فأخذت ناقتاهما تنوشان الشجر، فقال هرم لابن عامر: «أتحبّ أنّك شجرة من هذه الشجر؟» فقال ابن عامر: «لا والله لما أرجو من ربّي عزّ وجلّ». فقال هرم: «لكنّي والله لوددت أنّي شجرة من هذه الشجر، أكلتني هذه الراحلة، ثمّ قذفتني بعراً، ولم أكابد الحساب، يا بن عامر، إنّي أخاف الداهية الكبرى، إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النار». وكان هرم أفقه من عبد الله بن عامر وأعلم.

«بات هرم بن حيّان عند حممة الدوسيّ صاحب رسول اللهr، فبات حممة ليلته كلّها يبكي حتّى أصبح، فقال له هرم: ما أبكاك يا حممة؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور فيخرج من فيها. وبات حممة عند هرم فأخذ يبكي حتّى أصبح، فسأله حممة: ما الذي أبكاك؟ قال: ذكرتُ ليلة صبيحتها تناثر نجوم السماء، فأبكاني ذلك. وكانا يصطحبان أحياناً بالنهار فيأتيان سوق الريحان فيسألان الله الجنّة ويدعوان، ثمّ يأتيان الحدّادين فيتعوذان من النار، ثمّ يفترقان إلى منزليهما».

«بعثه عثمان بن أبي العاص أمير البحرين إلى قلعة بجرة ويقال لها «قلعة الشيوخ» فافتتحها عنوة سنة 26 للهجرة، ثمّ ما لبث أن احتضر في غزاة له في يوم صائف شديد الحرّ، فقيل له: أوصِ. قال: ما أدري ما أوصي، ولكن بيعوا درعي فاقضوا عنّي ديني، فإن لم يتمّ فبيعوا فرسي فاقضوا عنّي ديني، فإن لم يتمّ فبيعوا غلامي، وأوصيكم بخواتيم سورة النحل: )ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ( (النحل 125).

عبد الكريم الحشاش

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ ابن حجرالعسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق صدقي العطار (دار الفكر، بيروت 2001م).

ـ ابن سعد، كتاب الطبقات الكبير، ج5 (مطبعة بريل، ليدن 1323هـ).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 435 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة