هدبة بن خشرم
هدبه خشرم
Hudbah ibn Khashram - Hudbah ibn Khashram
هُدْبَة بن خَشرَم
(…ـ نحو 50هـ/… ـ نحو 670م)
هدبة بن خَشْرم بن كرز بن أبي حيَّة من بني عامر بن ثَعلبة. يرتفع نسبه إلى الحاف بن قضاعة.
لا تُعرف على وجه اليقين سنة ميلاده, والثابت أنه قُتل في أثناء خلافة معاوية، قتل في المدينة قَصاصاً. على الرغم من كثرة ما رواه الأخباريون عنه، فإن تلك الأخبار لا تكشف إلا القسم الأخير من حياته.
وكان سبب مقتله ما ثار بينه وبين الشاعر زيادة بن زيد العذري من أحقاد, ابتدأت لمّا تَعرَّض زيادة لفاطمة أخت الشاعر، وكانا عائدين مع نفر من قومهما من الشام، فتعرض هدبة لأم حازم أخت الشاعر زيادة فتشاجرا، وأصلح القوم بينهما, فلما وصلا ديارهما جمع زيادة رهطاً من أهل بيته، فبيَّت هدبة وضربه على ساعده, وشجَّ أباه خَشْرَماً.
ولم يزل هدبة يتحين الفرص من زيادة حتى أتيحت له، فَبيَّتَهُ فَقَتَله، وفي ذلك قال:
رُمِيْنا فَرامَيْنا فَصادفَ رَمْيُنا
منايا رِجالٍ في كِتابٍ وفي قَدْرِ
وفرّ الشاعر مخافة والي المدينة سعيد بن العاص يومئذٍ، فأرسل الوالي إلى أهله، فحبسهم حتى سَلَّم هدبة نفسه, وبقي محبوساً ثلاث سنوات, ثم حكم بتسليمه إلى أهل المقتول ليقتصوا منه بعد أن رفضوا الدية، فأُخرج من السجن وهو موثق بالحديد, وَدُفع إليهم فقتلوه أمام والي المدينة وجمهور أهلها, وأظهر صبراً عجيباً حين قتل.
ويذكر بعض الرواة أن هدبة أول مَنْ أقيد منه في الإسلام، وكان لهدبة لقاءات مع شعراء عصره، فقد زاره جميل بن مَعْمَر العذري في سجنه، وأهدى له بُردين، وجاء بنفقة، ورفضها هدبة لأن جميلاً كان قد تعرض لقوم الشاعر، وقد صدفه عبد الرحمن بن حسان حين أُخرج من السجن لِيُقْتَل طالباً إليه أن يتزوج زوجته من بعده، فأجابه أن عليه استيفاء الشروط التي جاءت في وصاته لها:
فلا تَنْكَحي إنْ فَرَّقَ الدَّهرُ بينَنا
أغمَّ القَفا والوجهِ ليسَ بأنزعـا
وكوني حبيباً أو لأَِروعَ ماجـدٍ
إذا ضَنَّ أعشاشُ الرِّجالِ تَبرَّعا
ثارت بين هدبة وزيادة سجالات شعرية، يطلب كلٌّ منها التغلب على صاحبه وتسجيل ما دار بينهما من مشاحنات؛ من ذلك قول زيادة في ضربه هدبة وشجّ أبيه:
شَجَجْنا خشرماً في الرَّأسِ عَشْراً
وَوَقّفْنا هُديبـةَ إذْ هـجانــا
تَرَكْنـا بالعُوَيْنِدِ مـنْ حُسَـينٍ
نِساءً يَلْتَقِطْنَ بهِ الجُمـانــا
فردّ عليه هدبة:
فإنَّ الدَّهرَ مُؤْتَنِـف حديـــدٌ
وشرُّ الخَيْلِ أقْصَرُهـا عنانـا
وَشرُّ النَّاسِ كلُّ فتـى إذا مــا
مَرَتْهُ الحربُ بعدَ العصبِ لانا
وهدبة شاعر فصيح متقدم اجتمعت له أسباب الشاعرية من إبداع ذاتي ومما اكتسبه من رواية الشعر؛ إذ كان هدبة يروي للحطيئة، والحطيئة يروي لكعب بن زهير، وكعب يروي لأبيه زهير، وكان جميل راوية هدبة.
على الرغم من قلة شعر هدبة فقد تنوعت فنون القول لديه، فممن تغزل بهن أم خازم وزوجته، وقال في الفخر بنفسه، وتكاد تجمع كتب الاختيارات الشعرية على ذكر بائيته التي قالها في الحبس ومطلعها:
طربْتَ وأنتَ أحياناً طروبُ
وكيفَ وقد تعَلاَّكَ المشْيبُ؟!
وفيها:
عسَى الكربُ الذي أمسيْتُ فيهِ
يكونُ وراءَهُ فرجٌ قريبُ
فإنْ يكُ صدرُ هذا اليومِ ولَّى
فإنَّ غداً لناظـرِهِ قريبُ
وقد استشهد بشعره في كتب النحو واللغة لما اتسم به شعره من جزالة وقوة.
عبد الرحمن عبد الرحيم
مراجع للاستزادة: |
ـ الأصفهاني، الأغاني (مؤسسة جمال للطباعة والنشر، بيروت، د.ت).
ـ ابن قتيبة، الشعر والشعراء (دار إحياء العلوم، بيروت 1984).
ـ أبو عبيد البكري، سمط اللآلي، تحقيق عبد العزيز الميمني (دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت).
- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 402 مشاركة :