ابن هبيرة (يزيد بن عمر)
هبيره (يزيد عمر)
Ibn Hubayra (Yazid ibn Omar) - Ibn Hubayra (Yazid ibn Omar)
ابن هبيرة (يزيد بن عمر ـ)
(78 ـ 132هـ/697 ـ 750م)
أبو خالد، يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري، أمير من الولاة الفرسان الشجعان، كان سائساً جواداً فصيحاً خطيباً من رجال آخر خليفة أموي (مروان بن محمد 127-132هـ) البارزين المخلصين، وكان أبوه عمر بن هبيرة والياً على العراقين وخراسان في عهد الخليفة يزيد بن عبد الملك (101-105هـ).
لما استقام للخليفة مروان بن محمد الشام، ونفى عنها من كان يخالفه، دعا يزيد بن عمر بن هبيرة، ووجهه عاملاً على العراق وضَمَّ إليه أجناد الجزيرة، وقطع على أهل الشام بعثاً وقوّاهم وأمرهم باللحاق بابن هبيرة، وأقبل ابن هبيرة حتى نزل الكوفة ونفى الخوارج عنها ثم تابع سيره يريد واسطاً، وفي الطريق إليها التقى جيشاً كان الضحاك بن قيس الشيباني الخارجي قد وجهه إليه، فهزم ابن هبيرة جمع الخوارج، وسار إلى واسط فدخلها، وأخذ عبد الله بن عمر بن عبد العزيز أسيراً، وكان الخليفة يزيد الثالث بن الوليد بن عبد الملك (ت 126هـ) قد ولاَّه العراق بعد أن عزل منصور بن جمهور الكلبي.
بقي الخليفة مروان بن محمد ثلاث سنوات وهو يحارب أعداءَه حتى قهرهم جميعاً في الشام والجزيرة واليمن والحجاز وحضرموت، وترك أمر إخماد الفتن التي وقعت في المشرق لواليه الجيد على العراق يزيد بن عمر بن هبيرة الذي تولى حرب بقية الخوارج وقتل زعيمهم عبد العزيز اليشكري، وعندما ظنَّ مروان أنه قضى على كل الأصوات المعارضة له؛ ظهر ما لم يكن في الحسبان فقد رفعت آنذاك الرايات السوداء، وتقدَّم أبو مسلم الخراساني باسم الدين وباسم آل البيت ظاهراً ليدك آخر آمال مروان بن محمد، وكان نصر بن سيّار[ر]، والي مروان على خراسان قد كتب إليه يعرِّفه خطورة الموقف، ويطلب منه المدد، كما كتب إلى ابن هبيرة يستمده كذلك، فوجه ابن هبيرة إليه جيشاً بقيادة نباتة بن حنظلة الكلابي الذي انضم إليه أمراء أبيورد ونسا وسرخس المحليون والبقية الباقية من أتباع نصر بن سيار، والتقى الجمعان قرب جرجان، وهُزم الجيش الأموي وقُتل نباتة بن حنظلة في ذي الحجة سنة 130هـ/748م، فكتب مروان إلى ابن هبيرة يأمره بتوجيه جيش آخر للوقوف في وجه تقدم قحطبة الطائي، فوجه ابن هبيرة القائد عامر بن صنبارة مع نحو 50 ألفاً من أهل العراق وأهل خراسان، وعزَّز قواته بقوات جديدة من جند الشام والجزيرة بقيادة ابنه داود بن يزيد.
التقى الجيشان في جابَلْق قرب أصفهان في 23 رجب 131هـ حيث انتصر الخراسانية بقيادة قحطبة[ر] وقُتل ابن صنبارة في المعركة، وفي حركة سريعة أصبحت القوات الخراسانية داخل العراق، وتقابل الجيشان الأموي والخراساني في منطقة قرب الفلوجة، هُزِم فيها الجيش الأموي الذي انسحب باتجاه واسط، واعتصم ابن هبيرة فيها وحصَّن نفسه، فأرسل الخليفة أبو العباس الذي كان قد بويع له بالخلافة في الكوفة في ربيع الأول سنة 132هـ/تشرين الأول/أكتوبر 749م أخاه أبا جعفر لقيادة الحصار المضروب على ابن هبيرة، وكان الحسن بن قحطبة قائداً للجيش الخراساني بعد مقتل والده، ولكن الخليفة رأى من الأفضل إرسال أمير عباسي لقيادة الجيش وكتب رسالة إلى الحسن بن قحطبة قائلاً: «إن العسكر عسكرك، والقوَّاد قوّادك ولكنني أحببت أن يكون أخي حاضراً، فاسمع له وأطع، وأحسن مؤازرته»، فكان الحسن المدبر لذلك العسكر بأمر أبي جعفر.
دام حصار واسط نحو 11 شهراً، لم يفكر ابن هبيرة في أثنائها بالاستسلام حتى سمع نبأ نهاية مروان، فلم يعد هناك مبرر للمقاومة، فجرت محادثات للصلح، وأعطى أبو جعفر أماناً لابن هبيرة الذي شاور فيه الفقهاء والعلماء أربعين يوماً حتى يرى نقاط الضعف والقوة فيه، ثم وافق عليه وأرسله إلى أبي جعفر لأخذ موافقة الخليفة أبي العباس عليه، وقد ورد نص الأمان في كتاب «الإمامة والسياسة» لابن قتيبة وهو نص طويل، كما أورده ابن أعثم الكوفي في كتابه «الفتوح» ولكنه أكثر إيجازاً ويختلف في كلماته وإن لم يختلف في معناه، على أن السلطة العباسية لم تكن لتحتمل ابن هبيرة ذلك القائد والوالي ذا النفوذ القبلي الكبير، فأمر الخليفة أبو العباس أخاه أبا جعفر بقتله، وتردد أبو جعفر كثيراً؛ لأن لابن هبيرة في عنقه بيعة وأماناً، كما أنه كان معجباً به ويقول: «عجباً لمن يأمرني بقتل مثل هذا»، فأجابه أبو العباس: «والله لتقتلنه أو لأبعثنَّ إليك من يخرجه من عندك ويتولى ذلك عنك» وواضح أن الخليفة رأى في ابن هبيرة خطراً على الدولة الجديدة ووافقه في ذلك أبو مسلم الخراساني، وقد قُتِلَ ابن هبيرة مع ابنه داود وحاجبه وبعض مواليه كما قُتِلَ بعض قواده، ولعلَّ أبا جعفر أحسن عملاً حين اختار المضرية من الشيعة العباسية لينفذوا الأمر بابن هبيرة الفزاري؛ لأنه خشي على الشيعة العباسية من الانقسام بسبب الثأر لو قتل اليمانية ابن هبيرة المضري، ويُذكَر في هذا الشأن قول ابن خازم التميمي: «والله ما بدرت إلى قتل ابن هبيرة إلا مخافة أن يدفع إلى رجل من اليمانية فيفخر علينا بقتله».
نجدة خماش
الموضوعات ذات الصلة: |
أبو جعفر المنصور ـ أبو العباس السفاح ـ قحطبة الطائي ـ مروان بن محمد.
مراجع للاستزادة: |
ـ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة (القاهرة 1904).
ـ ابن أعثم الكوفي، تحقيق محمد عبد المعيد خان ( 1388-1394هـ).
ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، 1972م).
- النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الواحد والعشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 374 مشاركة :