نسيبة بنت كعب الأنصارية
نسيبه كعب انصاريه
Nasiba bint Ka’eb al-Ansariyya - Nasiba bint Ka’eb al-Ansariyya
نَسيبة بنت كعب الأنصارية
(… ـ نحو 13هـ)
أم عُمارة نَسيبة (بفتح النون)، الخزرجية المازنية، المدنية، الصحابية، الأنصارية، المجاهدة، وهي غير نُسيبة (بضم النون) أم عطية الأنصارية بنت الحارث. وأبوها: كعب بن عمرو بن عوف ابن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار. وأمها: الرَّباب بنت عبد الله ابن حبيب بن ثعلبة من الخزرج سكان المدينة المنورة، ولها أخوان: عبد الله بن كعب شـقيقاً، وعبد الرحمن أخاً لأم. تزوجها في الجاهلية زيد بن عاصم المازني، ولها منه ولدان: عبد الله وحبيب، ومات عنها، فتزوجها غزية بن عمر المازني ولها منه ولدان أيضاً: ضَمرة وتميم، وبنت اسمها خولة، وهي أنموذج الأمومة الحقة تجاه أولادها، وتوفيت ودفنت في مقبرة البقيع مع الصديقين والشهداء والصالحين، وكانت جراحها من معركة أحد ثلاثة عشر جرحاً، أعظمها الذي أحدثه ابن قميئة على كتفها.
ونسيبة صحابية من الصحابيات الجليلات المجاهدات المتميزات، ومن السابقات إلى الإسلام، والداعيات إليه، فقد اشتركت بهمة عالية ونشاط جم في أحداث الدعوة، وبايعت على الإسلام وأصوله رسول اللهr في بيعة العقبة الثانية (بيعة العقبة الكبرى) قبل الهجرة إلى المدينة في السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية، إذ وفدت إلى هذه البيعة مع زوجها غزية ابن عمرو ومعها امرأة أخرى هي أم منيع مع وفد أهل يثرب وهم بضعة وسبعون رجلاً وامرأتان من المسلمين، وقالت أم عمارة: «شهدت عقد النبيr والبيعة له ليلة العقبة وبايعتُ تلك الليلة مع القوم» وبايع النبي هاتين المرأتين قائلاً: «قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه، إني لا أصافح النساء».
وتتجلى مشاركتها في أحداث الدعوة في بيعة العقبة الكبرى كما ذكر، وفي بيعة الرضوان تحت الشجرة حين منعت قريش الرسولr وصحابته من الوصول إلى البيت الحرام، ثم في إبرام صلح الحديبية سنة 6هـ، ونزلت في هذه البيعة آية: ]لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا[(الفتح 18) وفي صلح الحديبية بشارة بالجنة من النبيr لمن شهده وشهد معركة بدر، وكانت أم عمارة تتابع أحداث الصلح مرحلة بعد أخرى، ثم شهدت عمرة القضية (القضاء) مع رسول اللهr سنة سبع هجرية.
سمعت أم عمارة من النبيr مباشرة أحاديث في مختلف العبادات والتوجيهات النبوية مدونة في كتب السنن الأربعة، وروى عنها عبَّاد بن تميم الصحابي، ومولاتها ليلى، وعكرمة بن عبد الله من التابعين، وأم سعد بنت جميلة الأنصارية، وكُريب بن أبي مسلم التابعي الحجة، مولى ابن عباس. من أحاديثها: ما رواه الإمام أحمد بن حنبل عنها، أن النبيr دخل عليها، فقربت إليه طعاماً، قال: ادْني فكلي، قالت: إني صائمة، فقال النبيr: «الصائم إذا أُكل عنده، صلت عليه الملائكة».
شاركت أم عمارة في المعارك الإسلامية في سقاية الجند والعناية بالمرضى والجرحى، وفي القتال فعلاً: في غزوة أحد، وغزوة بني قريظة، وغزوة خيبر، وغزوة حُنين، ومعركة اليمامة.
ففي غزوة أحد كان لها موقفان جليلان:
الأول ـ سقاية الجند من الجرحى والمرضى والعناية بهم ومواساتهم.
والثاني ـ المشاركة الفعلية في القتال، فكانت تباشر القتال، وتدافع عن رسول اللهr بالسيف، وترمي بالقوس حتى نفذت إليها السهام، وأوقعت فيها الجراح، أصابها ابن قميئة على كتفها بجرح له غَوْر أجوف، وكانت تُقاتل ـ كما ذكر ابن سعد ـ أشد القتال، وهي تشد ثوبها على وسطها، حتى جرحت ثلاثة عشر جرحاً، ومعها زوجها وابناها تدافع عن النبي، والناس يمرون به منهزمين، فقال لها رسول اللهr: «ومن يُطيق ما تُطيقين يا أم عمارة؟!» وقال عنها أيضاً: «ما التفتُ يميناً ولا شمالاً إلا رأيتها تقاتل دوني» وهذا دليل على تفانيها في قتال العدو قتالاً مباشراً، وعلى صدق إيمانها وشجاعتها الباسلة، وحبها الخالص لله ولرسـوله ولدينه، فقال عنها: «لمقام نَسيبة بنت كعب اليوم خير من مَقام فلان وفلان».
وفي غزوة بني قريظة شاركت في الحصار بضعاً وعشرين ليلة حتى قبل اليهود التحكيم، وأسهم لها النبيr بسهم من الغنيمة مع نساء أخريات شهدن الغزوة.
وفي غزوة خيبر في صفر السنة السابعة من الهجرة خرج مع رسول اللهr عشرون امرأة، منهم أم عمارة نسيبة، وشاركت في حصار اليهود.
وفي غزوة حنين في السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكة قاتلت وهي حامل بولدها عبد الله بن أبي طلحة، وذلك مع أربع نسوة، فسلّت السيف على قبيلة هوازن، وصاحت بالأنصار: أي عادة هذه، ما لكم وللفرار؟! وضربت رجلاً مشركاً من هوازن على جمل، معه لواء، وأصابت عُرقوب (رِجْل) الجمل، فوقع الرَّجل على عجزه، فانهالت عليه بالضرب حتى مات، وأخذت سيفه، وتركت الجمل يُخرخر، ومعها ابناها حبيب وعبد الله ابنا زيد اللذان أَسَرا أُسارى، وضربت عنق واحد منهم من شدة الغيظ.
وحضرت معركة اليمامة في ربيع الأول سنة 12هـ تجاهد في سبيل الله مع أسرتها المؤمنة الصابرة: زوجها وأولادها، وقُتل فيها ولدها حبيب، وهي مع ذلك شاهرة سيفها المصلت وتهجم على المرتدين مع كوكبة من الأنصار، وخالد بن الوليد يجول بسيفه البتّار، واستبسلت أم عمارة في هذه المعركة كالأبطال الأشّداء حتى قضي على مسيلمة الكذاب الذي لاذ بالفرار، فتبعه خالد، وكانت المعركة الكبرى حيث استأصل شأفة المرتدين، وقتل منهم عشرين ألفاً، واستشهد من المسلمين ستمئة. وجُرحت يومئذ أحد عشر جرحاً، وقطعت يدها، فانصرفت إلى المدينة تداوي جراحها، وكان أبو بكر الصديق يعودها، ويسأل عن حالها، وكانت معركة اليمامة آخر المعارك التي حضرتها أم عمارة رضي الله عنها.
وشعارها قولها: «ما أبالي ما أصابني من الدنيا».
وهبة الزحيلي
الموضوعات ذات الصلة: |
التابعون ـ الصحابي.
مراجع للاستزادة: |
ـ الذهبي، سـير أعلام النبلاء (مؤسسة الرسالة، دمشق 140هـ/1986م).
ـ أبو عمر يوسف بن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب (مطبعة نهضة مصر، د.ت).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 662 مشاركة :