ابن النبيه (علي بن محمد-)
نبيه (علي محمد)
Ibn al-Nabih (Ali ibn Mohammad-) - Ibn al-Nabih (Ali ibn Mohammad-)
ابن النبيه (علي بن محمد ـ)
(560 ـ 619هـ/ 1165 ـ 1222م)
الكمال أبو الحسن علي بن محمد ابن يوسف المعروف باسم ابن النبيه، ولد بمصر، وسعى إلى حفظ القرآن الكريم وبعض الأشعار، وسمع من العلماء والأدباء، ونقل عنهم حتى تفتحت موهبته الشعرية.
حاول العمل بديوان الإنشاء في عهد صلاح الدين الأيوبي ووزيره القاضي الفاضل، وليضمن قبوله عند الوزير الفاضل مدحه بعدد من القصائد، ضمّن واحدة كلمات سورة المزمل، ليدلل على مقدرته البيانية، ومنها:
قمتُ ليل الصدودِ إلاّ قليلا ثم رتَّلت ذِكرَكُم ترتيلا
لم يعجب القاضي الفاضل بالقصيدة، فلم يعينه في ديوان الإنشاء. ونشأت صداقة فيما بعد بين ابن النبيه والأشرف موسى بن السلطان العادل، الذي جعله كاتباً بعد ما ولاه أبوه الرها، ومن يومها لازم ابن النبيه الأشرف موسى في تنقله في بلدان إماراته، وكانت أكثر إقامته بالرقة.
ولم يترك ابن النبيه مناسبة إلا قدم مدائحه للأشرف موسى، ومنها قدومه على أخيه بجيش جرار لمساعدته في حربه مع الصليبيين بموقعة دمياط، إذ قرنه بموسى الرسول\، ومعجزاته في الطور:
دمياطُ طُور ونارُ الحرب موقدة وأنت موسى وهذا اليوم ميقات
تمتع ابن النبيه في كنف الأشرف موسى بالراحة والسعادة حتى وفاته بنصيبين سنة 619هـ، إلا أنه ظل يحن لمصر موطنه الأول، وقد ظهر هذا الحنين جلياً في تضاعيف شعره.
وابن النبيه شاعر غَزِلٌ، عرفت عنه الرقة وخفة الظل في موسيقاه وتصوير مشاعره وعواطفه، من غير تكلف للصنعة إلا ما جاء على طبيعته كقوله:
يا ساكني السَّفح كم عينٍ بكم سَفَحت نَزَحتُم فهي بعد البُعد قد نَزحت
يجانس الشاعر بين (السفح وسفحت) بمعنى صبت العين الدمع، وبين (نزحتم بمعنى بعدتم)، ونزحت بمعنى نفد دمعها. وكلها جناسات جميلة خفيفة على اللسان والأذن؛ لأن مبدعها موسيقي بارع في قياس الأنغام، مما جعل شعره الغزلي يرتفع إلى مستوى وجداني خالٍ من ذكر الأوصاف المادية للمرأة، فحسبه أن يصور عاطفته إزاءها في رقة وعذوبة، جعلت المغنين يتغنون بأشعاره لرقتها وعذوبة موسيقاها، ومنها:
أفديهِ إن حفِظَ الهوى أو ضَيعا ملك الفؤادَ فما عسى أن أصنعا
والغزل عند ابن النبيه غني بالشوق واللوعة التي لا سبيل إلى إطفاء جذوتها في قلب المحب، وهو يستعطف ويتذلل، ويتمنى نظرة إلى وجه المحبوب، لكن من دون جدوى.
وهذا النوع من الغزل العفيف والمحروم يوجد عند غيره مثل ظافر الحداد وابن سناء الملك وغيرهما، ولكنه نضج بهذه الصورة الرائعة التي يذوب فيها الشعر رقة وسلاسة عند ابن النبيه، الذي حاكاه في الرقة الحاجري شاعر الموصل، ثم التلعفري الذي قلد ابن النبيه في مضمونه المملوء بالوجد المبرح مع الرقة والعذوبة وخفة الروح.
خليل غريري
مراجع للاستزادة: |
ـ جلال الدين السيوطي، حسن المحاضرة (القاهرة 1372هـ).
ـ ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب (مصر 1351هـ).
ـ محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات (القاهرة 1881).
ـ ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة (مصر 1930).
- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 458 مشاركة :