ناشي اصغر (علي عبد الله)
Al-Nashi’ al-Asghar (Ali ibn Abdullah-) - Al-Nashi’ al-Asghar (Ali ibn Abdullah-)

الناشئ الأصغر (علي بن عبد الله ـ)

(271 ـ 365هـ/884 ـ 975م)

 

أبو الحسين علي بن عبد الله بن وصيف الحلاّء الناشئ الشاعر المتكلم. وُلد في شرقي بغداد، نشأ بها. كان جدّه «وصيف» مملوكاً؛ وأبوه عبد الله عطاراً، ولم يمنعه ذلك من الأخذ عن شيوخ الأدب وتحصيل علم الكلام ومجالسة أهل الفقه والعقائد واللغة واكتساب ثقافة كبيرة أهلته لمناظرة علماء عصره في المسائل التي اشتد حولها الجدل آنذاك.

كان الناشئ في بداية أمره يعمل حلاّء في صناعة النحاس الأصفر وتخريمه، ويصنع القناديل والأواني النحاسية، وكان يتردد إلى دكان أبيه العطار، ويجلس فيه ليسمع حديث الأدباء الذين يرتادونه، مثل الشاعر الكبير ابن الرومي، وقد رآه في دكان والده وسمعه، ولم يكن يعرفه. وعندما اشتد عوده واكتملت ثقافته تنقل بين البلاد مادحاً متكسباً، فاتصل أولاً بآل البريدي حكام البصرة، ومدح أحمد البريدي الكبير وزير الخليفة الراضي والخليفة المتقي من بعده، واتصل بالخليفة الراضي بوساطة ابن رائق أمير الأمراء ببغداد، ومدحه ونال جوائزه، وقصد سيف الدولة بحلب ومدحه ونال عطاءه، وزار عضد الدولة البويهي بفارس فاحتفل به وأحسن استقباله، وتوجه إلى ابن العميد وزير ركن الدولة البويهي بأرجان ومدحه، فأعطاه وأكرم وفادته، وقصد مصر لمدح كافور الإخشيدي ونيل عطاياه.

وبعد هذه الروابط مع ملوك عصره وأعيانه، وشهرته بين علماء زمانه، وصل إلى مكانة مرموقة في مجتمعه، لكنه لم يتزوج ولم يعقب، وأخذ عليه ملازمته للأحداث، وكان طويلاً عظيم الخلقة، موفور القوة، جهوري الصوت، عمّر تسعين سنة ونيفاً ولم تضطرم أسنانه، وتُوفيّ فجأة ببغداد.

كان الناشئ الأصغر عالماً بالأدب راوية له، روى عن أعلام كالمبرد وابن المعتز وغيرهما، وروى عنه أعلام كابن فارس وابن زرعة وغيرهما، وذكر أنه زار الكوفة سنة خمس وعشرين وثلاث مئة، وأملى شعره في جامعها، وكان المتنبي وهو صبي يحضر مجلسه، ويكتب عنه.

وكان كذلك متكلماً على مذهب المعتزلة، متشيعاً منافحاً عن آل البيت، يعتقد الإمامة، ويناظر عليها بأجود عبارة. وكان يميل إلى الهزل والمجون، ويستخدم هزله ومجونه في مناظراته لإخجال خصمه وإسقاطه.

عُدَّ الناشئ الأصغر من الشعراء المجيدين في عصره، فله شعر كثير، معظمه في مدح آل البيت ورثائهم، ومدح الخلفاء والملوك والأعيان، وله غزل ووصف وحكمة، وهزل مستملح ومجون مستطاب وخمريات جميلة.

وقد أفاد من علم الكلام، فأحسن إيراد المعاني والاحتجاج لرأيه، وولّد المعاني من معاني القدماء، وقلّبها على وجوهها حتى وصل إلى معان مبتكرة تخاطب العقل وترضيه ضمن سياق يستثير المشاعر والأحاسيس بأسلوب جميل واضح، فيه قوة وصنعة لطيفة مع أخيلة بديعة وصور غريبة وتشابيه بعيدة تدل على سعة خياله وتمكنه من أدواته الشعرية.

وأظهر براعة في مطالع قصائده تلفت الانتباه إلى شاعر موهوب، صقل موهبته بالثقافة والمران، وحذق صنعة الشعر وأجادها.

ومن شعره قوله في مداراة الصديق:

إنِّي ليهجرُني الصَّديقُ تجنّبا              فأُريهِ أنّ لهجرِهِ أسبابا

وأخافُ إنْ عاتبتُهُ أغريْتُهُ                 فأرى لهُ تركَ العتابِ عتابا

وإذا بُليْتُ بجاهلٍ متغافلٍ                  يدعو المحالَ من الأمورِ صوابا

أوليته مني السُّكوتَ وربما                        كان السُّكوتُ عن الجوابِ جوابا

ومن صوره ومعانيه الدقيقة قوله:

إذا أنا عاتبْتُ الملوكَ فإنَّما                أخطُّ بأقلامي على الماءِ أحرفا

وهَبْهُ ارعوى بعدَ العتابِ ألم تكن         مودّتُهُ طبعاً فصارَت تكلّفا؟

محمود سالم محمد

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الثعالبي، يتيمة الدهر، تحقيق مفيد قميحة (دار الكتب العلمية، بيروت 1983م).

ـ ياقوت الحموي، معجم الأدباء، تحقيق عمر الطباع (مؤسسة المعارف، بيروت 1999م).

ـ ابن خلكان، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس (دار الثقافة، بيروت 1986م).

ـ ابن حجر، لسان الميزان (مؤسسة الأعلمي، بيروت 1971م).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 362 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة