مغيره شعبه ثقفي
Al-Mughira ibn Shu’ba al-Thaqafi - Al-Mughira ibn Shu’ba al-Thaqafi

المغيرة بن شعبة الثقفي

(20 ق.هـ ـ 50هـ/603 ـ 670م)

 

المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود بن مُعَتِّب الثقفي الأمير أبو عيسى، ويقال أبو عبد الله، وقيل أبو محمد، وعن زيد بن أسلم أن عمر بن الخطاب غيّر كنية المغيرة بن شعبة وكنّاه أبا عبد الله وقال: هل لعيسى أب؟.

من كبار الصحابة أولي الشجاعة والمكيدة والدهاء، يُقال له مغيرة الرأي، شهد مع الرسولr بيعة الرضوان، وغزوة حنين وعهد الرسول r  إليه وإلى أبي سفيان بهدم اللات وأوثان بني ثقيف، بعد أن قدموا على رسول الله r إليه مبايعين ومعلنين إسلامهم وكانوا سألوا الرسول أن يعفيهم من الصلاة ومن كسر أوثانهم، فقال الرسول: « أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه وأما الصلاة، فلا خير في دين لا صلاة فيه»، ولما هدم المغيرة اللات أخذ مالها وحليها وأعطاها لأبي سفيان، وكان الرسول قد أمر أبا سفيان أن يقضي من مال اللات دَين عروة والأسود ابني مسعود، ففعل.

شهد القادسية [ر] وأرسله سعد بن أبي وقاص لمفاوضة رستم القائد الأعلى للجيش الفارسي في القادسية الذي طلب أن يبعث العرب إليه رجلاً عاقلاً يبين للفرس الأسباب التي جاءَت بهم، فوضح المغيرة لرستم ما كان عليه العرب في جاهليتهم، وما صاروا إليه باعتناقهم الإسلام، وقال لرستم: «إن الله مَنّ علينا بدينه وأرانا آياته، حتى عرفناه وكُنّا له منكرين، ثم أمرنا بدعاء الناس إلى واحدة من ثلاث، فأيها أجابوا قبلناها: الإسلام وننصرف عنكم، أو الجزاء ونمنعكم إن احتجتم إلى ذلك، أو المنابذة والقتال»، ويسهب الطبري بذكر المفاوضات التي دارت بين العرب وقادة الفرس.

بعد انتصار العرب في القادسية، ولَّى عمر بن الخطاب، المغيرة بن شعبة البصرة سنة 15هـ، ثم عزله سنة 17هـ (في تهمة أخلاقية لم تثبت عليه) ثم عينه سنة 22 والياً على الكوفة، بعد أن استشار الصحابة فيمن يولى الكوفة «أقويّ مشدد أم ضعيف مؤتمن؟» لأن أهل الكوفة لا يرضون عن أمير ولا يرضى عنهم أمير، فأجابه المغيرة: «أما الضعيف المسلم فضعفه عليك وعلى المسلمين وفضله له، أما القوي المشدد، فقوته لك وللمسلمين وشداده عليه وله»، فبعثه عمر بن الخطاب عليهم والياً، وبقي عليها حتى وفاة عمر، ثم عزله الخليفة عثمان بن عفان سنة 24هـ وولاها سعد بن أبي وقاص، وأعلن أنه لم يعزله عن سوء، وإنما تنفيذاً لوصية عمر الذي كان قد أوصى الخليفة من بعده أن يستعمل سعد بن أبي وقاص على الكوفة.

لزم المغيرة بن شعبة الحياد في خلافة عثمان، ولم يدخل فيما دخله الناس من شغب على عثمان أو انحياز إلى علي، فلما قتل عثمان واستخلف علي، نصحه المغيرة أن يُقِرَّ معاوية على عمله وأن يُقِرَّ كل ولاة عثمان على أعمالهم، حتى إذا أتته طاعتهم وبيعة الجنود استبدل أو ترك، فلم يأخذ علي برأيه، فبقي معتزلاً بالطائف حتى حَكَّم الحكمان فانضم إلى معاوية[ر]، الذي بعثه والياً على الكوفة سنة 41هـ، فقدّم لمعاوية خدمة عظيمة حينما استمال إليه زياد بن أبيه [ر] الذي كان متحصناً بقلاع فارس.

أحسن المغيرة السيرة وأحبَّ العافية فأمنه الناس، ولكنه عندما علم أن الخوارج بقيادة المستورد بن عُلفة تريد الخروج عليه قام في الناس خطيباً وهددهم قائلاً: «وايم الله لا يخرجون في حي من أحياء العرب في هذا المصر إلا أبدتهم وجعلتهم نكالاً لمن بعدهم «ثم دعا المغيرة رؤساء الناس وأمرهم أن يكفي كل امرئ قومه، وبعث معقل ابن قيس الرياحي لحربهم وطلب منه أن يستعين بشيعة علي لأنهم أشد استحلالاً لدماء الخوارج وأجرأ عليهم من غيرهم.

أما سياسة المغيرة تجاه شيعة علي فكانت تتلخص في تَرْكِهم وشأنهم من محبّة علي شريطة ألا يظهروا ذلك وألاّ يعيبوا عثمان علناً وإلا فسوف تقوم بينه وبينهم خصومة يساق إليها سوقاً بوصفه ممثلاً للأمويين، وعندما لامه قومه على موقفه المتسامح من حجر ابن عدي[ر] الذي اجترأ عليه في سلطانه هذه الجرأة، كان جواب المغيرة: «إني قد قتلته، إنه سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيهاً بما ترونه يصنع بي، فيأخذه عند أول وهلة فيقتله شرَّ قتلة»، وأخبر قومه أنه لا يحب أن يبتدئ أهل هذا المصر بقتل خيارهم وسفك دمائهم، ولكنه قابل من محسنهم وعافٍ عن مسيئهم، وحامد حليمهم وواعظ سفيههم حتى يفرق الموت بينه وبينهم، وأنهم سيذكرونه بعد أن يجربوا العمال من بعده، قال أبو مخنف: «سمعت عثمان بن عقبة الكندي يقول: سمعت شيخاً للحي يذكر هذا الحديث يقول: :قد والله جرَّبناهم، فوجدناه خيرهم، أحمدهم للبريء وأغفرهم للمسيء وأقبلهم للعذر».

لما توفي المغيرة جمع معاوية الكوفة والبصرة لزياد بن أبيه فكان أول من جمع له المصران.

 

نجدة خماش

الموضوعات ذات الصلة:

القادسية ـ زياد بن أبيه ـ معاوية بن أبي سفيان

مراجع للاستزادة:

ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم(دار المعارف، مصر، 1970)

ـ الذهبي، سير أعلام النبلاء (طبعة مؤسسة الرسالة، بيروت 1985م).

ـ ابن الأثير، الكامل في التاريخ(دار الكتاب العربي، بيروت 1967).


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد التاسع عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 223 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة