الميكالي (عبيد الله بن أحمد-)
ميكالي (عبيد الله احمد)
Al-Mikali (Ubaydullah ibn Ahmad-) - Al-Mikali (Ubaydullah ibn Ahmad-)
الميكالي (عبيد الله بن أحمد ـ)
(… ـ 436هـ/… ـ 1044م)
أبو الفضل، عبيد الله (أو عبد الرحيم) بن أحمد بن إسماعيل بن عبد الله بن علي الميكالي. أمير الكتاب والشعراء في خراسان. وهو من أسرة فارسية شريفة، قديمة العهد بالمجد، يعود نسبه إلى بهرام جور أحد ملوك الفرس.
من أشهر شعراء عصره وأدبائه. كان محبّاً للشعراء والأدباء، وله دور مهم في الحياة العامة في خراسان حيث عاش. كان له آثار كثيرة لم يبق منها إلا شذرات متفرقة في «يتيمة الدهر» للثعالبي (ت429هـ)، و«زهر الآداب» للحصري (ت453هـ).
وصفه معاصروه بأنه أمير الكتّاب والشعراء، وقال عنه الباخرزي: «وأما شعره فقد أعلى أهل الصناعة بشعار الانتماء إليه، ورفرفت الشعراء بأجنحة الاستفادة عليه»، أما رسائله فهي «سلك منظوم بالدّر، ومنثوره فرحة المحزون، وشفاء القلب السقيم».
وقال عنه الحصري القيرواني «هو فريد دهره، وقريع عصره، ونسيج وحده، وله مصنفات في العلم والأدب، تشهد له بأعلى الرتب… وأما فنون الأدب فهو ابْنُ بَجْدتها، وأخو جملتها، وأبو عُذْرِها، ومالك أزمتها».
كان الميكالي يلتزم السجع في نثره الفني، ولكن في رشاقة وعذوبة واتساق، أما أظهر الفنون التي كان يجيدها فهو فن الإخوانيات، ورسائله إلى إخوانه مشربة بأنفاس الحنين، حتى لتحسبها رسائل عاشق. من ذلك قوله: «أيام ظل العيش رطب، وكفّ الهوى رحب، وشرب الصبا عذب، وما لشرق الأنس غرب».
ومن كتابه إلى الثعالبي يعبر فيه عن شوقه إليه، ومكابدته على فراقه: «كتابي وأنا أشكو إليك شَوْقاً لو عالجه الأعرابي لما صَبَا إلى رَمْلِ عالج، أو كابده الخَلِيُّ لا نثنى على كَبِدٍ ذاتِ حُرَقٍ ولواعج. وأذمُّ زماناً يفرِّقُ فلا يُحسن جمعاً، ويخرق فلا ينوي رَقْعا… وأنشد:
متى وعسى يَثُني الزمانُ عِنانَهُ بِعَثْرَةِ حـالٍ، والـزمانُ عَثُور
فَتُدْرك آمـالٌ وتُقْضَى مـآربٌ وتحدُث من بعد الأمور أمـورُ
كلاَّ فما على الدهر عتْبٌ، ولا له على أهله ذنب، وإنما هي أقدار تجري كما شاء مُجْرِيْهَا، وتَنْفُذُ كالسهام إلى مراميها…». وله رسائل نثرية جميلة الأسلوب عميقة المعاني في بعض معاصريه كبديع الزمان الهمذاني وبعض إخوانه… وعلى الرغم من أن أبا الفضل كان يعيش بين نعمة الجاه والمال كان يشكو زمانه الذي بدد الشمل فكان كالداء العضال الذي لايشفى منه طبيب ولامريض…
ويمكن رد معظم أدبه إلى المعاني النفسية التي توحي بها الصداقة والألفة والحب، فأدبه مقسم بين شوق وعتاب وتوجع وتهنئة..
لم يكن نتاجه الفني مقتصراً على النثر، وإنّما تفنن في الشعر أيضاً، وكانت صنعته في شعره أظهر منها في نثره؛ لأنه كان يؤثر المحسنات البديعية في شعره، ولاسيما الجناس، ويعمد إلى تجنيس القوافي، كقوله في الغزل:
لقد راعني بـدرُ الدُّجَى بصدوده ووكّـلَ أجفـاني برعي كـواكِبِهْ
فيا جَزَعي مَهْلاً عساه يعود بي ويا كبدي صَبْراً على ماكواكِ بِهْ
فقد قصد إلى الجناس قَصْداً في قافيتي البيتين… ومثل ذلك قوله في العتاب والشكوى:
يامنْ يقول الشِّعرَ غير مهذّب ويسـومني التعذيبَ في تعذيبهِ
لو أن كلَّ الناس فيك مُساعدي لعجزتُ عن تهذيبِ ما تَهْذي بهِ
وله أشعار في الفخر، ووصف الطبيعة، وفي الإخوانيات، ومداعبات طريفة لاتخلو من الصنعة، وكذلك في الحكمة والمواعظ والمدح؛ مما جعله يزيد على أسلافه وأخلافه من آل ميكال، كما قال الثعالبي: «زيادة الشمس على البدر، ومكانه منهم مكان الواسطة من العقد»، أو كما وصفه السمعاني بأنه «أوحد عصره في خراسان أدباً وفضلاً ونسباً وأصلاً وعقلاً، وكان حسن الأخلاق مليح الشمائل، كثير العبادة، دائم التلاوة، سخي النفس». ولهذه الصفات قال ابن دريد الأزدي فيه وفي جده أبي العباس إسماعيل مقصورته الشهيرة ومطلعها:
ياظبيةً أشبه شيء بالمها ترعى الخزامى بين أشجار النَّقَا
هذا إضافةً إلى مدح الثعالبي، وعمر ابن علي المطوعي وبديع الزمان وغيرهم له.
وقد ذكر المؤرخون له العديد من المؤلفات؛ ففي الأمثال له كتاب مرتب أبجدياً، ينقسم كل حرف إلى فصول، يبدأ كل فصل بمثل قرآني.
وله «درر الغرر في محاسن النظم والنثر» و«مخزون البلاغة» و«شرح ديوان المتنبي» و«ملح الخواطر» وديوان شعر نشر في لايبزغ 1908م.
أحمد دهمان
مراجع للاستزادة: |
ـ للثعالبي، يتيمة الدهر (دار الكتب العلمية، بيروت 1983)
ـ محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات، تحقيق إحسان عباس (دار صادر، بيروت1990).
ـ كارل بروكلمان، تاريخ الأدب العربي، ترجمة عبد الحليم النجار (دار المعارف، القاهرة 1983).
ـ شوقي ضيف، تاريخ الأدب العربي،عصر الدول والإمارات (دار المعارف، مصر، د.ت).
- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون - رقم الصفحة ضمن المجلد : 251 مشاركة :