دواد (احمد )
Dawood (Ahmad ibn Obai-) - Dawood (Ahmad ibn Obai-)

دُوَاد (أحمد بن أبي -)

(160-240هـ/776-854م)

 

أحمد بن أبي دواد بن جرير بن مالك الإيادي، أبو عبد الله. أحد القضاة المشهورين من المعتزلة، ورأس فتنة القول بخلق القرآن.

قَدِم به أبوه وهو حدث من قنّسرين (بين حلب والمعرّة) إلى دمشق فنشأ فيها ونبغ، ومنها رحل إلى العراق، وصحب هناك هيّاج بن العلاء السلمي، وكان من أصحاب واصل بن عطاء، فصار إلى الاعتزال. وقيل ولد بالبصرة.

كان من خيرة الكتّاب وأجودهم خطّا، وكان شديد الدّهاء، محبّا للخير فصيحاً ناطقاً عارفاً بالأخبار والأنساب، ومما يُروى عنه في ذلك أنّ جلساء المأمون ذكروا يوماً من بايع من الأنصار ليلة العقبة، فاختلفوا في ذلك، ودخل ابن أبي دواد فعدّهم واحداً واحداً بأسمائهم وأنسابهم، فقال المأمون: إذا استجلس الناس فاضلاً فمثل أحمد.

فقال أحمد: بل إذا جالس العالم خليفة فمثل أمير المؤمنين الذي يُفهم عنه، ويكون أعلم منه بما يقوله منه.

وقد قرّبه المأمون واستوزره، وحين شعر بدنّو، أجله أوصى به أخاه ووليّ عهده المعتصم، وقد جاء في وصيّته (وأبو عبد الله بن أبي دواد فلا يفارقك، وأشركه في المشورة في كل أمرك؛ فإنه موضع لذلك منك).

وقد نفّذ المعتصم الوصيّة، فقرّبه وجعله قاضي قضاته، وصار يستشيره في أمور الدولة كلّها، وكان لا يفارقه بل وكان يطعمه من يده أحياناً، ويذكر ابن أبي دواد أنه قال للمعتصم مرّة يستعفيه من رفقته الدائمة: يا أمير المؤمنين، لو زاملك بعض مواليك وبطانتك فاسترحت منّي إليهم مرّة، ومنهم إليّ مرّة أخرى، كان ذلك أنشط لقلبك، وأطيب لنفسك، وأشدّ لراحتك.

ولما مات المعتصم وخلفه الواثق، اعتمد على رأيه أيضاً، ويذكر المؤرخون أنّ أحمد بن أبي دواد والوزير محمد بن عبد الملك الزيّات، غلبا على الواثق حتى كان لا يصدر إلا عن رأيهما، وقلّد إليهما الأمر، وفوّض إليهما ملكه.

وقد كلّفه الواثق بامتحان الناس في مسألة خلق القرآن، فراح يدعو إليه الفقهاء والعلماء ويسألهم عن القرآن، هل هو مخلوق؟ فمن قال بخلق القرآن نجا، ومن لم يقل بذلك قُتل.

كان فصيحاً ناطقاً خطيباً كثير الاستشهاد والتمثل بآيات القرآن الكريم في حديثه، ذا رأي في تحبير المعاني إذ يقول: «تلخيص المعاني رفق، والاستعانة بالغريب عجز، والتشادق في غير أهل البادية نقص، والنّظر في عيوب الناس عيّ، والخروج عما بني عليه الكلام إسهاب».

وقال عن الخطابة : «رأس الخطابة الطبع، وعمودها الدّربة، وحليها الإعراب، وبهاؤها تخيّر اللفظ، والمحبّة مقرونة بقلّة الاستكراه».

وقد وضعته حظوته عند المأمون والمعتصم والواثق في مرمى سهام الحسّاد والمناوئين والوشاة، فراحوا يسعون للإساءة إليه عند الواثق، الذي ذكر له ذلك مرّة حين قال له: «مازال قوم في ثَلْبِكَ ونَقْصِك» فقال له ابن أبي دواد: «يا أمير المؤمنين، )لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولّى كِبْرَه منهم لـه عـذاب عظيـم(. والله وليّ جزائه، وعقاب أمير المؤمنين من ورائه، وما ذلّ من كنتَ ناصره، ولا ضاع من كنتَ حافظه، فماذا قلت لهم يا أمير المؤمنين؟»، قال: قلت:

وسعى إليّ بعيب عزّة نسوة

جعل الإله خدودهنّ نعالها

وفي بداية خلافة المتوكل الذي خلف الواثق، أصيب ابن أبي دواد بالفالج، وذلك في سنة 232 هجرية، وذهب شقّه الأيمن، بعد موت عدوّه الوزير ابن الزيّات بمئة يوم وقيل بخمسين يوماً.

ولما أصابه الفالج ولّى المتوكل ابنه أبا الوليد محمد القضاء ومظالم العسكر مكان أبيه،ولم تكن طريقته مرضيّة، وكثر ذامّوه وقلّ شاكروه.

واستمرّ على مظالم العسكر والقضاء إلى سنة 237 هجرية، وهي السنة التي سخط فيها المتوكّل على القاضي ابن أبي دواد وولده محمد، وصرفه عن المظالم والقضاء وصادر أمواله وضِياعه.

توفي أحمد بن أبي دواد في بغداد، وكان ابنه محمد قد مات قبله بعشرين يوماً في بغداد أيضاً.

عبدو محمد 

مراجع للاستزادة:

ـ الطبري، تاريخ الرسل والملوك (دار سويدان، بيروت).

ـ ابن عبد ربه، العقد الفريد (دار الفكر، بيروت).

ـ الجاحظ، الرسائل (مكتبة الخانجي، القاهرة 1964م).

 


- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد التاسع - رقم الصفحة ضمن المجلد : 396 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة