خفاجه
Ibn Khafadja - Ibn Khafadja

ابن خفاجة

(451-533هـ/1059-1138م)

 

أبو إسحاق إبراهيم بن أبي الفتح ابن خفاجة، شاعر مجيد، ومن الكتاب البلغاء. ولد في جزيرة «شُقْر» من أعمال بلنسية. نشأ في أسرة علم وأدب وثراء، وأقبل على الدرس والتزود بالآداب العربية، فتفتحت موهبته الشــعريـة التي غذاها بقراءة أشعار الشريف الرضي (ت406هـ) ومهيار الديلمي (ت 428هـ) والمتنبي (ت354هـ).

ارتحل ابن خفاجة إلى المغرب حين احتل السيد القمبيطور (478هـ/1085م) بلنسية، لكنه عاد إلى وطنه وانقطع مدة طويلة عن نظم الشعر، انتهت بانتهاء عصر أمراء الطوائف ودخول المرابطين منتصرين في الزلاقة سنة 479هـ، فاتصل بهم ومدحهم إعجاباً لاتكسباً، وكانت له حظوة، وربما كان ابتعاد ابن خفاجة عن ملوك الطوائف واقترابه من أمراء المرابطين هو الذي أدخله في دائرة عصر المرابطين، مع أنه بلغ أشده عندما جاء المرابطون أو قبل ذلك، وقد عرف عنه عزوفه عن المدح والتكسب لأنه كان مكتفياً مغتنياً، لذلك حرص على العلم أكثر من أي شيء آخر.

كان ابن خفاجة وصّافاً من الطراز الأول، وقف شعره على نقل ألوان الطبيعة في مشاهدها الغنية المختلفة، وكانت لنشأته المترفة وجمال بلاده أثر في تغذية خياله وتصوير الطبيعة بجميع مظاهرها ومباهجها، فنُعت بشاعر الأندلس في وصف الأزهار والأنهار، ولقب بالجنان لكثرة وصفه الرياض. وقد قيل إن أثر أسلوبه بقي حتى نهاية عصور غرناطة، وأشهر قصائده في الوصف قصيدته في وصف الجبل:

وأرعنَ طمَّاحَ الذُّؤابةِ باذخٍ

يُطاولُ أعنانَ السّماءِ بغارِبِ

يسدُّ مهبَّ الرّيحِ عن كلّ وجهةٍ

ويزحَمُ ليلاً شُهْبَهُ بالمناكبِ

وقورٍ على ظَهر الفلاةِ كأنَّه

طوالَ الليالي مفكرٌ بالعواقبِ

أصَخْتُ إليه وهو أخرسُ صامتٌ

فحدثني ليلَ السَّرى بالعجائبِ

وقال: ألا كم كنتُ ملجأَ قاتلٍ

وموطِنَ أوَّاهٍ وموئلَ تائبِ

ومن وصفه الرائع قوله في نهر:

لله نهرٌ سال في بطحاء

أشهى وروداً من لمى الحسناء

متعطفٌ مثل السّوارِ كأنه

والزهر يكنفه مجرُّ سماءِ

وغدت تحفُّ به الغصون كأنها

هدبٌ تحفُّ بمقلةٍ زرقاء

وقد عرف ابن خفاجة في شبابه باللهو، ومن شعره أيام اللهو والشباب قوله:

وليل تعاطينا المُدامَ، وبيننا

حديثٌ كما هبَّ النسيمُ على الوردِ

نعاودُهُ والكأسُ تعبَقُ نفحةً

وأطيبُ منه ما نعيد وما نُبْدي

عاش ابن خفاجة واحداً وثمانين عاماً يقول في هذا:

أي أنسٍ أو غذاءٍ أو سِنَة

لابن إحدى وثمانين سنة

قَلَّصَ الشيبُ بها ذيل امرىءٍ

طالما جَرَّ صبَاهُ رسنه

ولما كبرت سنه اتجه في شعره إلى التوبة والاستغفار والعظة والاعتبار، كما عُني بكتابة بعض كتب الحديث والسنن، وكان يخرج إلى الجبال وحده، وينادي بأعلى صوته، يا إبراهيم تموت، فيجيبه صدى الصوت، ولا يزال كذلك حتى يخر مغشياً عليه.

لابن خفاجة ديوان شعر أحسن فيه وأجاد، ولأنه عمّر طويلاً فقد نظمه بنفسه ورتب قصائده وكتب المقدمات لها، وذكر مناسباتها، كما كتب مقدمة لشعره تحدث فيها عن شعره وأغراضه وشاعريته.

توفي ابن خفاجة في شقر لأربعٍ بقين من شوال.

سراب اليازجي، مها المبارك 

مراجع للاستزادة:

 

ـ إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين ) (دار الثقافة، بيروت1978م).

ـ جودت الركابي، في الأدب الأندلسي (دار المعارف، القاهرة1966م).

ـ ابن خفاجة، الديوان، تحقيق كرم البستاني (دار صادر، بيروت1961م).

 


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلدالثامن - رقم الصفحة ضمن المجلد : 858 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة